بهاء حمزة من دبي: المراسيم الثلاثة التي أصدرها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات قبل يومين وأهمها تعيين أخاه ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة اضافة الى النشاط الدبلوماسي المكثف لولي العهد الشاب بين استقبالات وسفريات خلال الايام الماضية عززت من جديد التكهنات الكثيرة حول الدور المتعاظم الذي يقوم به ولي عهد أبو ظبي رئيس أركان الجيش الإماراتي سابقا في شؤون الحكم، وهو الدور الذي كشف عن نفسه بقوة مع صدور قرار تعيينه نائبا لولي عهد العاصمة الإماراتية قبل حوالي العام مكرسا سابقة جديدة في الإمارة وهي أن المناصب حسب الكفاءة والوزن النسبي وليست حسب الأقدمية.

وكالعادة لم يحفل الناس بأي من المرسومين الآخرين اللذين صدرا مع مرسوم تعيين محمد بن زايد رغم أنهما يخصان اثنين من أخوة رئيس الدولة فضلا عن كونهما من الشخصيات الفاعلة في الحكم، فالأول هو الشيخ هزاع بن زايد شقيق محمد ورئيس جهاز امن الدولة في الإمارات الذي صدر قرار بترقيته إلى رتبة فريق وهو قرار يعكس الدور المؤثر الذي يؤديه هزاع في النظام العام للدولة رغم انه (أي الدور) غير ظاهر للناس إلا انه بقى من أهم الأدوار في الدولة وأكثرها محورية وارتباطا برئيسها مباشرة، والثاني هو الشيح سيف بن زايد وزير الداخلية في أخر تشكيل وزاري بعدما ظل وكيلا للوزارة عدة سنوات والذي صدر مرسوما بترقيته إلى رتبة فريق وهو أمر متوقع وله مبرراته البروتوكولية إذ انه لا يعقل أن يكون رئيس شرطة دبي وهي أحدى قطاعات الوزارة (رغم استقلاليتها التامة عنها في السياسات الأمنية والمالية وكل التفاصيل الأخرى) برتبة فريق فيما يكون وزيره لواء فقط.

ومن جديد تداول الناس هنا بانبهار شديد المهام التي أوكلها المرسوم الاتحادي للشيخ محمد بن زايد وأرجعوها إلى قوة شخصية ولي العهد وكاريزمته الملحوظة إلا أن الحقيقة أن المهام التي أنيطت به تدخل في صلب منصبه الجديد كولي للعهد علما أن هذه المهام تتضمن الإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الدفاع الأعلى الذي سيصبح احد أعضائه بحكم منصبه الجديد في كل ما يتعلق بتسليح وتنظيم وتجهيز الجيش فضلا عن ممارسة المسؤوليات القيادية المقررة لنائب القائد الأعلى للقوات المسلحة المنصوص عليها في قرار المجلس الدفاع الأعلى رقم لسنة 1976، وهي كثيرة، لكن يمكن اختصارها بانها تتيح لولي العهد الاشراف الامساك بزمام الجيش تماما، وهو الامر الذي كرسه تعيين عسكري فني وليس شيخا لرئاسة اركان الجيش هو اللواء الركن حمد محمد ثاني الرميثي الذي يشيد الكثيرون بكفاءته العسكرية، الا ان وجوده سيكون لاداء دور تنفيذي صرف في الجيش حسبما تقتضي مهام منصبه بعكس ما كان يفعل محمد بن زايد الذي كان مسؤولا فعليا عن القوات المسلحة بعدما اكتفى الشيخ خليفة ولي عهد ابو ظبي وقتها ونائب القائد الاعلي للجيش بدور اشرافي اعترافا منه بكفاءة اخيه الاصغر في تحمل المسؤولية كاملة.

وثارت تساؤلات حول ما إذا كان المرسوم الجديد يقلص صلاحيات الشيخ محمد بن راشد الرجل القوي في دبي باعتبار انه يشغل منصب وزير الدفاع المفترض أن يقوم بكل ما أوكله المرسوم لمحمد بن زايد.. لكن ما أثير أيضا من تكهنات حول تقليص نفوذ ولي عهد دبي على الجيش غير صحيح لان هذا النفوذ ببساطة غير موجود من الأساس إذ أن المنصب الذي يشغله محمد بن راشد شرفي تماما ويكاد يكون قريبا جدا من المفهوم الغربي (وزير بلا حقيبة)، فمنذ إنشاء الدولة الموحدة عام 1971 والفوات المسلحة يتولى أمرها بكل تفاصيله شيوخ أبو ظبي على اعتبار أن العاصمة تتحمل الجزء الأكبر من نفقات الجيش (الكثيرة).
وجاء الاختيار السريع للواء حمد الرميثي لشغل منصب رئيس اركان الجيش حسما لمساحة جدل ثارت حول الشخص المرشح والمؤهل لشغل المنصب الذي اكتسب أهمية قصوى منذ أن شغله بكفاءة قبل سنوات طويلة ولي عهد أبو ظبي وأضاف إليه الكثير دوليا وإقليميا بفضل شخصيته المميزة وحضوره المستمر الأمر الذي كان كفيلا بوضع أي شخص يخلفه فيه في وضع شديد الحرج إذ سيكون مطالبا بان يحافظ للمنصب على ما اكتسبه من شاغله السابق وفي نفس الوقت كسب ثقة محمد بن زايد نفسه بكل خبرته العسكرية الطويلة، إلا أن اختيار الرميثي قوبل راتياح شديد كونه اعفى كثيرين من الشيوخ من ال نهيان رشحوا لشغل المنصب من حرج تولي منصب كان يشغله محمد بن زايد بما عرف عنه من ديناميكية وعلاقات دولية واسعة.