إيلاف من واشنطن: ألغى مالك صحيفة "واشنطن بوست" جيف بيزوس تأييد الصحيفة لنائبة الرئيس كامالا هاريس، ما أدى إلى خسارة الصحيفة لأكثر من 200,000 مشترك واستقالة ما يقرب من نصف هيئة تحريرها.
حاول بيزوس تبرير قراره بمقال رأي لتهدئة الجدل، لكن تأثيراته السلبية كانت قد بدأت بالفعل تتصاعد وسط شكوك حول مدى استقلالية الصحيفة تحت ملكيته، خاصةً في ظل اعتماد شركاته على عقود حكومية كبرى.

سحب التأييد وموجة الاستقالات
يبدو أن قرار بيزوس بإلغاء تأييد هاريس قد دفع "واشنطن بوست" إلى حالة من الفوضى، حيث يرى بعض الصحفيين والقراء أن ملكية بيزوس للصحيفة ودوره كقائد أعمال ملياردير يثيران أسئلة حول استقلالية الصحيفة التحريرية.

من جانبه، نفى بيزوس أي تدخل شخصي في سياسة الصحيفة، قائلاً إنه لم يُفضّل مصالحه الخاصة منذ استحواذه على "واشنطن بوست" قبل 11 عامًا. ومع ذلك، تركت هذه الخطوة انطباعًا قوياً حول احتمالية تأثير بيزوس على التوجهات التحريرية.

أزمة تأييد المرشحين: صحف كبرى تحت الضغط
تأتي هذه الأزمة وسط تغيير واسع في سياسات الصحف الأميركية بشأن تأييد المرشحين السياسيين، إذ أعلنت "لوس أنجلوس تايمز" كذلك سحب تأييدها لهاريس، مما أثار ردود فعل مشابهة من قرائها. وأرجعت الصحيفة هذا القرار إلى تفاقم الاستقطاب السياسي، مما دفع عدداً من الصحف الكبرى، مثل "يو إس إيه توداي" و"مينيسوتا ستار تريبيون" و"شيكاغو تريبيون"، إلى التوقف عن تأييد مرشحين سياسيين وطنيين بهدف تقليل حدة الانقسام السياسي.

كيف تؤثر ملكية الأثرياء على الصحافة؟
يلقي هذا الجدل الضوء على التأثير المتزايد للمليارديرات على الإعلام الأميركي. فبيزوس، المالك لـ"واشنطن بوست"، وسون شيونغ، مالك "لوس أنجلوس تايمز"، كانا في مرمى النقد، حيث يعتبر البعض أن مصالحهم الاقتصادية تجعل الصحف عرضة للتأثر بقراراتهم الشخصية، خاصة أن بيزوس يمتلك شركات تعتمد على عقود حكومية بمليارات الدولارات.

في المقابل، يؤكد الملاك الجدد على أهمية الحفاظ على النزاهة التحريرية، بينما تشير ردود الأفعال إلى تنامي التحديات أمام المؤسسات الإعلامية الكبيرة للحفاظ على استقلالها.

مستقبل الصحافة الأميركية
وفي ظل تصاعد الاستقطاب السياسي، بات تأييد الصحف للمرشحين يمثل سيفًا ذا حدين، حيث تسعى بعض المؤسسات مثل "نيويورك تايمز" و"لاس فيغاس صن" و"بوسطن غلوب" إلى الاستمرار في تقاليدها بخصوص تأييد المرشحين، بينما فضلت أخرى الامتناع عن الانخراط في التأييد السياسي الوطني.

ويعكس هذا التوجه محاولة الصحافة الأميركية الحفاظ على الثقة الجماهيرية وسط واقع إعلامي مليء بالتحولات والضغوط السياسية.