في اعتراف نادر، كشف الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي أنه شكّل "فرقة موت" لإبادة المجرمين بعيداً عن الشرطة، حينما كان عمدة مدينة دافاو.
وبينما تتواصل المطالبات الدولية بالتحقيق في إرثه القاتم، يؤكد ناشطون على أن اعترافه هذا ليس إلا رأس جبل الجليد لما يصفونه بـ"كارثة حقوق الإنسان" التي تلاحقه حتى بعد خروجه من السلطة
إيلاف من دبي: اعترف الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي، لأول مرة، بأنه أنشأ فرقة إعدام تضم رجال عصابات لقتل المجرمين، عندما كان عمدة مدينة دافاو، وذلك أمام لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس". وبينما أكد دوتيرتي أنه لم يسمح للشرطة بإطلاق النار على آلاف المشتبه بهم في إطار حملته ضد المخدرات غير المشروعة عندما أصبح رئيساً، فإن هذه الحملة، التي وصفت بـ"الحرب على المخدرات"، تظل تحت أنظار المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها "جريمة محتملة ضد الإنسانية".
التحقيق في حملة القتل المرتبطة بالمخدرات
أقر دوتيرتي بوجود فرقة الإعدام المكونة من سبعة أفراد، لكنه نفى أن يكونوا من الشرطة، مشيراً إلى أنهم كانوا من رجال العصابات وُظفوا للتعامل مع مجرمين آخرين. وقال في اعترافه: "أطلب من رجل عصابة قتل شخص ما. (وأقول) إذا لم تقتل ذلك الشخص، فسأنهي حياتك في الحال". وعلى الرغم من ضغوط السناتور أكويلينو بيمينتيل الثالث والسناتور ريسا هونتيفيروس للكشف عن المزيد من التفاصيل، رفض دوتيرتي الدخول في تفاصيل أوسع، موضحاً أنه قد يضيف المزيد من المعلومات في جلسة الاستماع المقبلة.
المسؤولية الكاملة دون أوامر مباشرة
دوتيرتي، الذي كان كثير السباب خلال الجلسة، أكد أنه "يتحمل المسؤولية الكاملة" عن عمليات القتل التي جرت خلال رئاسته، لكنه نفى إصدار أوامر مباشرة لقادة الشرطة، وأشار إلى أنه لم يطلب من أحد قتل المجرمين. وقال رئيس الشرطة السابق رونالد ديلا روزا، الذي قاد حملة مكافحة المخدرات، إن دوتيرتي لم يأمر بعمليات قتل خارج نطاق القضاء، مجيباً بنفي واضح على سؤال دوتيرتي حول تلقيه أوامر مباشرة بهذا الشأن.
المحكمة الجنائية الدولية ودعاوى الجنائية المتأخرة
أوضحت وكالة "أسوشيتد برس" أنه، باستثناء التحقيق الجاري من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لم تُقدم شكاوى جنائية ضد دوتيرتي في المحاكم الفلبينية حول عمليات القتل. وذكر دوتيرتي متسائلاً: "لماذا لم ترفع وزارة العدل أي قضية؟ لقد كنت أقتل الناس لفترة طويلة، ولم يتم رفع أي قضية حتى الآن". وتعتبر ليلى دي ليما، السيناتور السابقة وأحد منتقدي دوتيرتي، أن هناك أدلة كافية وشهادات تدعم محاكمته، لكنها تشير إلى أن الخوف كان يمنع الشهود من الإدلاء بشهاداتهم أثناء فترة حكمه.
دي ليما، التي بُرئت وأفرج عنها العام الماضي بعد احتجاز دام أكثر من ست سنوات بتهم تقول إنها "ملفقة"، كانت قد بدأت تحقيقات في جرائم القتل المرتبطة بحملات دوتيرتي، وقالت في الجلسة: "هذا الرجل، عمدة مدينة دافاو السابق، تهرب من العدالة لفترة طويلة، ولكن الشهود يمكنهم الآن المساعدة في تقديمه وشركائه للمساءلة".
ضحايا بلا عدالة: قتل جماعي وإخفاء الأدلة
كشف الضابط المتقاعد أرتورو لاسكاناس، الذي كان جزءاً من وحدة مكافحة الجريمة في دافاو، أن حوالي 10 آلاف شخص قُتلوا في المدينة بأوامر دوتيرتي، على حد قوله. وبيّن لاسكاناس، الذي يعيش حالياً في الخارج، أن رفات بعض الضحايا قد أُخفيت في مواقع بعيدة، لكن بعضها لا يزال موجوداً ويمكن استخدامه كأدلة لإدانة دوتيرتي وأعوانه.
دوتيرتي.. زعيم مثير للجدل ومعركة حقوق الإنسان
خلال الجلسة، بدا دوتيرتي متحدياً حيث قال: "إذا أتيحت لي فرصة أخرى، فسأمحوكم جميعاً"، مشيراً إلى تجار المخدرات والمجرمين، الذين يعتقد أنهم استأنفوا أنشطتهم بعد تنحيه. أنهى دوتيرتي فترة ولايته عام 2022، تاركاً وراءه إرثاً من "السياسة الفوضوية"، وفق وصف ناشطين، فقد تميز عهده بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وهجمات على وسائل الإعلام، كما تحدى التقاليد السياسية عبر التحالف مع قوى غير مألوفة مثل الصين وروسيا، مع ازدرائه للغرب.
ويصفه الناشطون بأنه "كارثة حقوق إنسان"، ليس فقط بسبب الحرب على المخدرات وما تبعها من حالات وفاة، بل بسبب هجماته المتكررة على المعارضة ووسائل الإعلام والكنيسة الكاثوليكية.
التعليقات