أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وللمرة الأولى، أن قوات كورية شمالية تنتشر في روسيا وتعمل في منطقة كورسك الحدودية حيث تتمركز القوات الأوكرانية.
وقال الأمين العام للحلف، مارك روته، إن بإمكانه الآن تأكيد انتشار الجنود بعد أسابيع من التقارير الاستخباراتية، والتي أعقبت اجتماعاً مع مسؤولي الأمن والدفاع في كوريا الجنوبية الاثنين.
وقال رئيس حلف شمال الأطلسي، الذي تسلّم منصبه حديثاً، إن انتشار الجنود يمثل "تصعيداً كبيراً وتوسعاً خطيراً" للحرب الروسية في أوكرانيا.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، قد رفض الأسبوع الماضي الحديث عن وصول قوات كورية شمالية إلى روسيا، بعد تقارير أفادت بأن بيونغ يانغ تستعد لإرسال آلاف الجنود لمساعدة حليفتها.
وقال بوتين، متجنباً الإجابة على السؤال خلال مؤتمر صحفي: "هذا قرارنا السيادي، وسواء استخدمناها أم لا، وأين، وكيف، وما إذا كنا نجري تدريبات مشتركة، أو مناورات تدريبية، أو نتبادل الخبرات، فهذا شأننا".
ولم يتضح على وجه التحديد عدد الجنود الكوريين الشماليين الذين وصلوا إلى موسكو، لكن وكالة التجسس الكورية الجنوبية قالت في وقت سابق من هذا الشهر إن ما لا يقل عن 1500 جندي كوري شمالي وصلوا بالفعل إلى روسيا، ما دفع سيول إلى إصدار توبيخ دبلوماسي صارم لموسكو.
لكن تصريح الإثنين من جانب روته، يُعد المرة الأولى التي يعترف فيها حلف شمال الأطلسي رسمياً بأن قوات من بيونغ يانغ تعمل في روسيا، مضيفاً أن كوريا الشمالية أرسلت بالفعل صواريخ باليستية وملايين الطلقات من الذخيرة إلى موسكو لاستخدامها في أوكرانيا.
في المقابل، وافق الرئيس بوتين على إرسال تكنولوجيا عسكرية وغيرها من الدعم لمساعدة كوريا الشمالية على التهرب من العقوبات الدولية، كما قال روته، موضحاً أن الشراكة بيونغ يانغ وموسكو "تقوض السلام والأمن العالميين".
ومن شأن تحذير روته من عمل وتواجد القوات الكورية الشمالية في روسيا، أن يسبب قلقاً في العواصم الغربية، بينما لا يزال القتال مستمراً بين القوات الروسية والأوكرانية منذ أكثر من شهرين في كورسك، بعد دخول القوات الأوكرانية لأول مرة إلى المنطقة الغربية من روسيا في "عملية عسكرية صادمة".
وتشير تقارير إلى أن روسيا أعادت نشر آلاف الجنود في المنطقة، ما ساعد في عرقلة تقدم أوكرانيا، التي استولت قواتها على حوالي 250 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الروسية، لكن يبدو أنها فشلت في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في تحويل الزخم الروسي عن شرق أوكرانيا.
وقد يؤدي وصول القوات الكورية الشمالية إلى كورسك إلى زيادة الضغوط على قوات كييف المحاصرة.
وقال مسؤول أوكراني رفيع لصحيفة نيويورك تايمز إن حوالي 5000 جندي من قوات النخبة الكورية الشمالية، من المقرر أن ينضموا إلى القوات السابقة المتواجدة في المنطقة الروسية الحدودية بحلول يوم الاثنين، وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أكد الجمعة، أن حكومته لديها معلومات تفيد بأن هذه القوات قد تكون في ساحة المعركة في غضون أيام.
ولأسابيع حذر زعماء غربيون من أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تخاطر بتصعيد الصراع.
وقد تردد صدى هذا الإعلان لدى الزعيم البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، الحليف المخلص للرئيس بوتن، وقال في تصريح لبي بي سي إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تمثل "خطوة نحو تصعيد الصراع".
وقد ازداد التقارب بين كوريا الشمالية وروسيا منذ أن وجدت موسكو نفسها معزولة إلى حد كبير دولياً، بعد غزوها لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وفي وقت سابق من هذا العام، توصل زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون إلى اتفاق مع الرئيس بوتن تعهدا فيه بمساعدة بعضهما البعض في حالة "العدوان" ضد أي من البلدين.
وقد اتهمت الولايات المتحدة بيونغ يانغ أكثر من مرة بإرسال كميات هائلة من المعدات العسكرية إلى روسيا، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والقاذفات.
لكن بعض الخبراء شككوا في مدى قدرة قوات الكورية الشمالية على مساعدة روسيا، علاوة على أن الجيش الكوري الشمالي ليس لديه تجارب قتالية حديثة على حد قولهم.
كما أظهرت معلومات حصل عليها مسؤولون في الاستخبارات الدفاعية الأوكرانية، تشكيكات روسية حول كيفية قيادة القوات الكورية الشمالية وتزويدها بالإمدادات.
ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا لأكثر من عامين ونصف، زعم روته أن أكثر من 600 ألف جندي روسي قتلوا أو أصيبوا في الحرب، بينما يقول الكرملين إنه "غير قادر على مواصلة هجومه على أوكرانيا دون دعم أجنبي".
وبشكل منفصل، قال الرئيس زيلينسكي الاثنين إن نحو 650 ألف جندي روسي قُتلوا أو جُرحوا خلال الحرب، وأضاف في مقابلة مع صحيفة تايمز أوف إنديا أنهم - أي الروس - "لا يجمعون جثث قتلاهم من الجنود، ويتركونها تتعفن على الأرض".
ولا توجد تحديثات رسمية للخسائر البشرية من أي من الجانبين، لكن وفقاً لتحليل أجرته بي بي سي الخدمة الروسية، فقد تم تأكيد مقتل أكثر من 70 ألف جندي روسي في الحرب المستمرة.
التعليقات