الصحف البريطانية الصادرة صباح السبت سلطت الضوء على التحديات التي تواجه المرشحين في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية والحالة الاقتصادية بالضفة الغربية.

ففي مقال بعنوان "رجل فلسطين الهادئ يستعد للخروج من جلباب عرفات" تتناول صحيفة التايمز التغييرات والتحديات التي تواجه محمود عباس( أبو مازن) في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الأحد. ويبدأ المقال بسرد التغيرات التي طرأت على أبو مازن منذ بدء الحملة الانتخابية بدءا بارتدائه الكوفية الشهيرة التي كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتخذها شعارا للصراع الفلسطيني ومرورا بتبنيه عبارات رنانة حينما أدان إسرائيل ووصفها للمرة الأولى بأنها "العدو الصهيوني".

ويعود المقال الى الوراء قبل 18 شهرا فقط أثناء فترة تولي أبو مازن، المعروف باعتداله، منصب رئيس الوزراء عندما حثه مسؤولون على اجتذاب تعاطف الرأي العام بالظهور أمام منزل فلسطيني هدمته القوات الإسرائيلية غير أن أبو مازن رفض قائلا "أنا لا أفعل ذلك".

ويشير المقال إلى أن استطلاعات الرأي تمنح أبو مازن نحو ثلثي الأصوات. ويضيف أن فوز أبو مازن في الانتخابات سيمكنه من مواجهة التحديات في الداخل والخارج. كما أنه سيفتح الباب أمام الفلسطينيين للفوز بفرصة تاريخية لتحقيق السلام.

وتعدد التايمز التحديات التي تواجه أبو مازن فكان أولها السيطرة على المسلحين الفلسطينيين لتحسين الأوضاع الأمنية. ويشير المقال إلى أن كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، تساند أبو مازن ومن ثم خفتت أصوات أسلحتها لمنحه الفرصة في الفوز.

أما حماس، فهي كما يقول المقال كالصخرة الجامدة ترفض الإذعان. وقد أعلنت مقاطعة الانتخابات. وفي هذا يقول صلاح عبد الشافي المحلل السياسي بغزة " لا شك أن حماس يساورها القلق. فطالما أعلنت بأنها تتمتع بمساندة أغلبية الفلسطينيين. ومن ثم فأنه في حالة فوز أبو مازن بنحو 60% أو 70% من الأصوات فإنها لن تتمكن من زعم هذا. وقد ينجح أبو مازن في توقيع اتفاق وقف إطلاق نار مع حماس".

ويضع المقال الكثير من الآمال في نجاح أبو مازن على قدرته على توحيد الصفوف الفلسطينية وإصلاح النظام الأمني.

غير أنه يشير إلى أن رجال "الحرس القديم"، ومن بينهم أحمد قريع رئيس الوزراء الحالي، الذين أحكموا سيطرتهم في ظل رئاسة عرفات، ربما يقفون حجر عثرة أمام تعهدات أبو مازن بإصلاح النظام السياسي والشفافية الاقتصادية فهو الأمر الذي قد يهدد مصالحهم الخاصة. ويقول رون بونداك، رئيس مركز بريز للسلام "هؤلاء يأتون من بيئات مختلفة وما من شك في أنهم سيقاتلون للبقاء في مناصبهم".

ثم يختتم المقال بنقل الآراء القائلة بأن الانتخابات لن تغير شيئا حتى في حالة فوز أبو مازن "فالواقع هو أن الاسرائيليين سيواصلون بناء المستوطنات على الاراضي الفلسطينية، نحن نعرف مطالبهم : أكبر قدر من الأراضي الفلسطينية بأقل عدد من الفلسطينيين. وأبو مازن أضعف من أن يغير ذلك".

اعتقال البرغوثي "حركة دعائية"
وحول الموضوع ذاته أشارت الديلي تلجراف إلى اعتقال الشرطة الإسرائيلية للمرشح الفلسطيني المستقل، مصطفى البرغوثي، أول من أمس، في البلدة القديمة، وقالت إنه إذا كان ذلك مجرد حركة دعائية في الحملة الانتخابية، فإنها فعالة للغاية وتحمل معاني كثيرة.

كما أنها تجلب الانتباه إلى السيطرة الإسرائيلية على البلدة القديمة التي احتلتها إسرائيل بعد حرب 1967، وساعدت على تأكيد الفلسطينيين على حقهم في أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين في المستقبل على حد قول الصحيفة التي كتبت مقالا مطولا على صفحتين بعنوان "الطلقات الأولى والهشة لديموقراطية عربية".

بالإضافة إلى ذلك، سلط هذا الحدث الضوء على القيود التي لا يزال يخضع لها المسؤولون عن الانتخابات في القدس، كما ساهم في زيادة الاهتمام بالمسار الانتخابي في الأوساط الفلسطينية في هذه المدينة التي كان يتوقع أن تكون فيها نسبة الاقتراع ضئيلة.

وتضيف الديلي تلجراف أن اعتقال البرغوثي انتشل من محمود عباس، المرشح المفضل في الانتخابات، فرصة كبيرة، عقب قراره العدول عن المخاطر السياسية التي يشكلها الدخول إلى القدس، مدعيا أنه لا يريد التوجه إلى مدينة تخضع لحراسة مشددة من قبل الجنود الإسرائيليين.

وقد ادعى البرغوثي أول من أمس أنه مرشح "الأغلبية الصامتة" من الفلسطينيين، الذين يرفضون سياسة حماس وفتح، على حسب قول الديلي تلجراف التي تواصل وصف ادعائه بأن مفرط الطموح، مع أنه نجح في إثبات أن مختلف عن عباس في أكثر من حالة، وأنه يقود معارضة ديمقراطية قد تعرب عن استعدادها للدخول في تحالف مع القيادة بعد يوم التصويت.

وتشير الصحيفة الى أن البرغوثي هو الذي دفع بعباس لتشديد موقفه بخصوص الإفراج عن السجناء وعن اللاجئين، وقد انتقده ضمنيا على توجيه نداء لإيقاف الهجمات بالصواريخ من غزة على اسرائيل، إلا أنه لم يعترف بالانتفاضة المسلحة.

لكن تستنتج الصحيفة أن مهما كان الاختلاف بين هذين المرشحين، إلا أن مشاركة البرغوثي في المسار الانتخابي، تجنب عباس خطر وصف الانتخابات الفلسطينية بأنها تمت على الطراز السوفياتي، بل أنها ديموقراطية نوعا ما.

وخلصت الصحيفة إلى أنه لا يبالغ في القول إن طلقات أول مسار ديمقراطي عربي تظهر في الآفاق، مهما كانت عيوبها.

الضفة الغربية التي أنهكتها الحرب
ومن صحيفة التايمز مقال بعنوان "الضفة الغربية التي أنهكتها الحرب غير مستعدة للاتفاق". وتسلط الصحيفة الضوء على الحالة الاقتصادية المتدهورة في الضفة الغربية حيث تكشف النقاب عن صورة مزرية لما آلت اليه حياة الفلسطينيين الذين أنهكتهم الحرب.

فرغم كره الفلسطينيين للمستوطنين الا انهم يتهافتون على الحافلات الاسرائيلية المحملة بقمامة المستوطنين بحثا عن نحاس أو ملابس أو غيرها من الاشياء التي يمكن بيعها أو ارتدائها. فقد تحولت قمامة المستوطنين إلى مصدر الدخل الوحيد لدى الفلسطينيين.

ويقول موفازي ربيع"اليهود أفضل حالا ومن ثم نتوقع أن نجد أشياء أكثر في قمامتهم لبيعها أو ارتدائها".

وكانت دراسة قام بها البنك الدولي قد أظهرت أن "الاقتصاد الفلسطيني يعاني واحد من أكبر حالات الركود في التاريخ الحديث".

وبينما تصر إسرائيل على ضرورة بناء نقاط التفتيش وفرض حظر التجول لمنع المسلحين والانتحاريين الفلسطينيين من العبور فإن الفلسطينيين يدينون ذلك باعتباره نوع من العقاب الجماعي.

ويضع الفلسطينيون آمالهم على أبو مازن لإنهاء حالة الركود. ورغم حالة الإنهاك يبدو هناك قليل من الاستعداد لتقديم أية تنازلات، حيث يؤمن الفلسطينيون بأنهم قدموا بالفعل الكثير من المال والأرواح والأراضي.

وينقل المقال عن عفاف عطشان برام الله "المقاومة لا ينبغي أن تتوقف بل أن تزيد. لا نريد أن يواصل أبو مازن لومنا بينما يقتلنا الإسرائيليون".

أما خالد شاويش مؤسس كتائب شهداء الأقصى فقد أعرب عن اعتقاده بأن رجاله سيساندون أبو مازن. ويقول شاويش الذي أقعدته تسع رصاصات من الجيش الإسرائيلي وهو واحد من أكثر المطلوبين لدى إسرائيل " اذا طلب أبو مازن أن نلقي أسلحتنا سنفعل ذلك. ولكن يتعين أن يكون هناك رد فعل من جانب اليهود كعفو عن المطلوبين وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين".