عبدالله زقوت من غزة: شارك الناخبون الفلسطينيون بشكل لافت اليوم في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية لاختيار رئيس جديد خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، وسط حضور عدد كبير من المراقبين الدوليين والمحليين، في حين لم تسلم هذه الانتخابات من معيقات إسرائيلية التي عرقلت العملية الانتخابية في بعض المراكز ولا سيما القدس المحتلة، مما اضطر لجنة الانتخابات المركزية إلى تمديد فترة التصويت في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية في كافة مراكز الاقتراع بالضفة الغربية وقطاع غزة لمدة ساعتين إضافيتين.

وأعرب الفلسطينيين ممن إلتقتهم "إيلاف" أثناء تنقلها بين مراكز الاقتراع في قطاع غزة، عن سعادتهم للمشاركة في الانتخابات التي تجرى للمرة الأولى منذ العام 1996، وأشاد آخرون بسير العملية الانتخابية التي وصفوها بأعلى درجات الانضباط والالتزام من قبل الجميع وهذا ما أكده معظم مراقبي الانتخابات الدوليين والمحليين في غزة.

ومنذ ساعات الصباح الأولى توافد الآلاف من الناخبين الفلسطينيين على مراكز الاقتراع المنتشرة في المدارس بالضفة الغربية و قطاع غزة التي تحولت إلى مراكز اقتراع، إذ جعلت اللجنة الانتخابية كل الفصول عبارة عن غرف للتصويت بداخلها صناديق الاقتراع وتوزعت على الدوائر الانتخابية حسب حجمها وعدد سكانها، وسط حراسات أمنية مشددة من قبل قوات الشرطة والأمن الفلسطيني الذي وضع في حالة تأهب قصوى، تفادياً لأي طارئ قد يحدث أثناء الانتخابات.

وعبر محمود عباس ( ابو مازن ) رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، و المرشح الأبرز الذي ينتظر تتويجه برئاسة السلطة الفلسطينية عن سعادته الكبيرة لسير الانتخابات الفلسطينية.

ووصف عباس عملية الانتخابات بأنها تسير بشكل رائع، مشيراً إلى أن ذلك يدلل على أن الشعب الفلسطيني يسير نحو الديمقراطية. وأضاف أبو مازن بعد أن أدلى بصوته في مقر المقاطعة بمدينة رام الله بالضفة الغربية ، أن العقبات موجودة لكن إرادة الشعب الفلسطيني أقوى.

وينافس عباس الذي قام بحملة انتخابية جماهيرية عارمة ستة مرشحين آخرين لعل أبرزهم المرشح المستقل مصطفى البرغوثي الذي يعد أقوى منافسي عباس على رئاسة السلطة الفلسطينية ، لكن النتائج الأولية تفيد بتقدم كبير لعباس على باقي منافسيه ومن بينهم الدكتور البرغوثي أيضاً.

وكشف مصدر مسؤول في الحملة الانتخابية لمحمود عباس ( أبو مازن ) رئيس منظمة التحرير الفلسطينية لـ "إيلاف"، أن عباس يسير نحو تحقيق فوز كبير في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية التي بدأت منذ ساعات الصباح في كافة الأراضي الفلسطينية.

وأوضح أن التقارير التي تصل إلى مقر الحملة من كافة المراكز الانتخابية المنتشرة في فلسطين، تشير إلى إقبال كبير من الناخبين الفلسطينيين الذين يصوتون لصالح مرشح حركة فتح أبو مازن، مع إقرارهم بأن الحكم النهائي على النتيجة ما زال غامضاً حتى انتهاء العملية الانتخابية مساء اليوم.

وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن نسبة الإقبال على الاقتراع عالية مقارنة بالوقت الذي مضى على افتتاح عملية الاقتراع ، حيث من المؤمل أن تزداد هذه النسبة مع ساعات النهار.

وقال نعمان أبو شملة من مركز اقتراع دير البلح ( وسط قطاع غزة )، إن ما نسبته ( 80 % ) من الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع في مركزه شاركوا في الانتخابات منذ ساعات الصباح الأولى.

وأشار أبو شملة لـ " إيلاف"، وهو مراقب للعملية الانتخابية هناك، أن كافة أبناء مخيم دير البلح شاركوا في انتخابات السلطة الفلسطينية ، معتبراً ذلك أساسا للعملية الديمقراطية التي تتجلى في صفات الشعب الفلسطيني.

وفي خان يونس جنوب قطاع غزة، اتهم محمد دحلان وزير الشؤون الأمنية الفلسطيني السابق ، إسرائيل بعرقلة سير الانتخابات الفلسطينية من خلال إغلاقها للحواجز الإسرائيلية في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه تعرض شخصياً لذلك على حاجزي أبو هولي و المطاحن جنوب القطاع، غير أنه استدرك قائلاً أنه لا يتوقع من إسرائيل سوى هذا الإجراء رغم تعهداتها السابقة بتسهيل الانتخابات الفلسطينية

وقال دحلان أثناء دخوله لمدرسة هارون الرشيد للإدلاء بصوته في مدينة خان يونس ( جنوب قطاع غزة ) حيث مسقط رأسه، إن إسرائيل تعرقل الانتخابات الفلسطينية بشكل أو بأخر مدللاً على تعرضه شخصياً لذلك أثناء انتظاره على حاجز أبو هولي للدخول إلى خان يونس من أجل ممارسة حقه الانتخابي.

وفي سؤال لـ "إيلاف" حول المرشح المتوقع فوزه في الانتخابات الرئاسية، اكتفى دحلان بالقول: " أتمنى أن ينجح المرشح الذي وعد الشعب الفلسطيني بالإصلاحات، وهو الذي وعد بأن يفتح جدلاً سياسياً مع إسرائيل من أجل حقوق الشعب الفلسطيني ورفع كافة أشكال الظلم والاحتلال عنه".

وتمنى دحلان أن تكون نسبة الانتخابات مرتفعة بشكل يوازي النسبة المرتفعة في انتخابات عام 1996 م ، مؤكداً أن ذلك سيحدث مقارنة بالحملات الانتخابية.

وقال أبو إسماعيل ( 46 عاماً )، إنه تفاجأ بالشكل والأداء الذي تسير عليه العملية الانتخابية، مشيراً إلى الإجراءات المعمول بها، و التي لا تدع مجالا للشك بإمكانية التزوير حسب وصفه.

وتمكن أبو إسماعيل الذي يقطن بجوار مستوطنة إسرائيلية غرب خان يونس من الوصول إلى مركز الاقتراع لضمان حقه الانتخابي، و قال لـ "إيلاف"، لقد خرجت من بيتي القريب من المستوطنة لإيماني الكامل بممارسة حقي رغم تعرض حياتي للخطر من قبل الجنود الإسرائيليين الذي يرابطون على أطراف المستوطنة و يطلقون النار على كل شيء يتحرك".

وأشار المحامي حسن أحمد إلى أنه قدم إلى مركز الاقتراع في رفح من أجل المشاركة في الانتخابات لاختيار رئيس جديد للسلطة الفلسطينية. و أوضح لـ"إيلاف " أنه فضل الذهاب مبكراً إلى مركز الاقتراع، تحسباً من ازدحام متوقع خلال ساعات النهار، لكنه تفاجأ بوجود المئات من المواطنين سبقوه للمشاركة في الانتخابات".

وفي وقت لاحق من مساء اليوم، قررت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية تمديد فترة التصويت في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية في كافة مراكز الاقتراع بالضفة الغربية وقطاع غزة لمدة ساعتين إضافيتين، و ذلك بسبب العراقيل الإسرائيلية ضد الناخبين الفلسطينيين.

وقالت اللجنة في مؤتمر صحافي عقدته مساء اليوم في رام الله إنه تقرر تمديد فترة التصويت لضمان وصول جميع الفلسطينيين الراغبين بالاقتراع إلى مراكز التصويت من أجل الإدلاء بأصواتهم.

وبهذا الإجراء ستغلق مراكز الاقتراع عند الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي ( السابعة مساءا بتوقيت جرينتش ) علماً بأن مراكز الاقتراع افتتحت عند الساعة السابعة صباحاً بتوقيت فلسطين.

وكانت لجنة الانتخابات الفلسطينية قد تلقت العديد من الشكاوي بخصوص عرقلة الجانب الاسرائيلي لعملية الانتخابات ، قبل أن تطلب من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بالتدخل لدى اسرائيل من أجل تسهيل العملية الانتخابية.

هذا ومن المقرر أن تعلن النتائج الرسمية صباح يوم غد الاثنين في مؤتمر صحافي يعقد في مدينة رام الله بالضفة الغربية .

استطلاع يظهر نتائج الانتخابات بعد ساعة
على صعيد مواز أعلن برنامج دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت، أن النتائج الأولية غير الرسمية المتوقعة لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية، ستعلن بعد ساعة واحدة من إغلاق صناديق الاقتراع، بناءً على استطلاع يوم الانتخابات الرئاسية الذي أعده البرنامج حيث لن تتعدى نسبة الخطأ المتوقعة في نتائج الاستطلاع (3% ) بناء على حجم العينة والتجربة السابقة.

وستشمل دراسة الاستطلاع التي يجريها البرنامج (152 مركزاً انتخابياً ) في الضفة الغربية وقطاع غزة، يتوقع أن يشارك بها ( 51 ألف فلسطيني )، على أن تتم اختيار العينة وفق نظام علمي قائم على عملية عد منتظمة، دون أن يكون هناك ما يدلل على شخصية المشارك ، و ستكون المعلومات سرية ومحوسبة.

وسيقوم بإجراء هذه الدراسة فريق بحثي يزيد عدده عن ( 600 باحث و باحثة ) يعملون في مجال البحث العلمي، وتشرف عليه لجنة علمية و لجنة إشراف معينة من قبل رئيس جامعة بيرزيت، على أن تعلن النتائج الأولية و هي غير رسمية ، لكنها ستعلن بعد إغلاق الصناديق حسب القانون.

ويرى القائمون على هذه الدراسة بأنها آلية للرقابة العلمية على الانتخابات ، بطريقة غير مباشرة ، حيث سيزود المجتمع الفلسطيني بصورة متكاملة عن آلية سير الانتخابات بأدق التفاصيل .

وستشمل العينة المستقاة لتعبئة الاستمارة الناخبين الذين انتخبوا وفقاً للسجل المدني، وكذلك الذين سجلوا رسمياً للانتخابات، وهي عينة متعددة المراحل، ومنظمة الاختيار، حيث يراعي عند اختيار العينة جوانب مختلفة مثل الفئة العمرية، والجنس، والمنطقة، والمستوى الأكاديمي، وقطاع العمل، ولاجئ أو غير لاجئ، كما ستحوى استمارة العينة أسئلة تتعلق باسم المرشح، والعوامل التي ساهمت في اختياره، و مدى نزاهة الانتخابات، والنتائج المتوقعة من الانتخابات على كافة الصعد.

وسيمكن الاستطلاع الباحثين المحليين والدوليين من إعداد الأبحاث التحليلية المعمقة حول التجربة الانتخابية الفلسطينية، من خلال توفير المادة و البيانات لكافة المهتمين ، و توثيق التجربة الفلسطينية للتاريخ، و توفيرها للاستفادة منها في الدول المختلفة، كما يعد هذا الاستطلاع تأكيداً على الريادة الفلسطينية في البحث العلمي والنهج الديمقراطي.

يذكر أن هذا الاستطلاع هو الثاني من نوعه الذي يقوم به برنامج دراسات التنمية في تاريخ العالم العربي عبر كل العصور، حيث أجري الإستطلاع الأول في العام 1996 م وتحديدا في فترة الانتخابات الرئاسية و التشريعية.