فداء عيتاني من بيروت: أكدت مصادر معارضة من بيروت ان اللقاء بين الجنرال اللبناني ميشال عون وقائد الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بات وشيكا، خاصة بعد ان اصبح التفاهم على المفاصل الرئيسية في خطوات المعارضة منجزا، واصفة الزيارة الاخيرة لموفد جنبلاط وائل ابو فاعور إلى عون في باريس بانها "اوجدت فضاء عاما للاتفاق" بين الطرفين.

وقالت المصادر التي تابعت واطلعت على تفاصيل الاجتماعات لـ"إيلاف" ان الاتفاق على الملف الداخلي شبه كامل بين الطرفين، وتوج خلال اللقاء بين عون وعضو قيادة الحزب التقدمي ابو فاعور، وضم عميد الكتلة الوطنية المعارضة كارلوس اده، حيث بين عون موقفه حول الموافقة الدائمة على الشق الداخلي من اتفاق الطائف، كونه اصبح جزءا من الدستور اللبناني، مع الحفاظ على الحق الديمقراطي باجراء تعديلات وفق آليات النظام اللبناني، ودفع النظام اللبناني من داخله إلى الامام.

وتابعت المصادر ان اللقاء تطرق إلى النقاط الحساسة بعد التوافق على النقاط العامة والخاصة بالشأن الداخلي، وانه من المواقف الداخلية ثمة "فضاء عام للاتفاق" بين الجانبين، وستتم متابعة اللقاءات مع الحزب التقدمي الاشتراكي بين باريس وبيروت.

واضافت المصادر انه ومع التوصل إلى هذه المرحلة الايجابية في العلاقات فان اللقاء بين ميشال عون ووليد جنبلاط بات وشيكا، ولم ترد تحديد موعد له، مؤكدة ان روزنامة الرجلين لم تحمل تاريخا للقاء الا انه يمكن ان يتم خلال ايام او اسابيع على ابعد تقدير. خاصة ان الحوار الذي تم في باريس كان "حوارا متقدما".

واشارت المصادر إلى ان البحث الجدي الان يتركز على نقطتين خلافيتين هما موضوع المقاومة وموضوع تمركز الجيش السوري في البقاع اللبناني مشيرة إلى ان هذين الملفين يحظيان بتأييد جنبلاط ومعارضة عون، حيث يوافق جنبلاط على بقاء الجيش السوري في بعض مناطق لبنان لاسباب استراتيجية ويؤيد المقاومة بصفتها جزءا من خياره العروبي. بينما يعارض عون أي وجود عسكري في لبنان، كما لا يرى أي سبب لوجود سلاح مع حزب الله بعد انسحاب اسرائيل من معظم مناطق جنوب لبنان.

وتؤكد هذه المصادر ان البحث حاليا هو في النقاط الخارجية فقط، وان الجنرال عون يعتبر ان القرار الدولي الرقم 1559-الذي يطالب بانسحاب سورية من لبنان وسحب سلاح المقاومة اللبنانية وتجريد الفصائل الفلسطينية من السلاح- هو السقف الاعلى والمتقدم على اتفاق الطائف بهذا الشأن، ومن هنا فان عون يرى بان الطائف حاليا ينحصر بالشأن الداخلي بعد ان تجاوزه القرار الدولي في الموضوع الخارجي.

وتقول المصادر ان التيار الوطني الحر وعلى رأسه عون يبحث جديا في امكانية موافقة المعارضة الاشتراكية بقيادة جنبلاط على سيناريو حل لتقريب المواقف، حيث يطرح الجنرال عون صيغة ترك امر تنفيذ القرار 1559 على مراحل او دفعة واحدة للدول التي اصدرت القرار وبالتفاهم مع سورية، كأن تقوم سورية بسحب قواتها إلى البقاع كخطوة اولى تليها خطوة ثانية تقضي بانسحاب كامل لهذه القوى وخلال فترة زمنية محددة.

ويترافق هذا الحل مع جزء اخر من السيناريو يشمل المقاومة، التي ترى بوجود اسرائيل في مزارع شبعا مسوغا لقيامها بعمليات عسكرية وللحفاظ على سلاحها، حيث يقترح عون ان يقوم سورية ولبنان، وبالتوازي باصدار وثائق رسمية مصدقة من الجهات المخولة دستوريا في الدولتين تفيد بملكية لبنان لمزارع شبعا المحتلة، وتنهي الجدل الدولي حولها، ومع تقديمها إلى الامم المتحدة ومطالبة لبنان بشكل رسمي (وفقط بعد اقرار مجلس الشعب السوري بلبنانية المزارع) من الامم المتحدة بضم مزارع شبعا إلى الخط الازرق (الشريط الحدودي الفاصل بين لبنان واسرائيل) وتضمين وجود اسرائيل على اراضي لبنانية في القرار الرقم 1559، وبالتالي العمل على انسحاب اسرائيل منها خلال فترة زمنية قصيرة جدا، مما يزيل أي مسوغ لاحتفاظ المقاومة بسلاحها.

وتضيف المصادر التي تتابع مجريات الاتصالات والمشاروات بين اقطاب المعارضة، بالقول ان هذه الفترة يجب ان تكون هادئة وان تتوقف خلالهاعمليات المقاومة، وبعد الانسحاب الإسرائيلي من كل الاراضي اللبنانية تزول مجموعة من اسباب وجود السلاح المقاوم "الذي اصبح يعلق لبنان على ذبيحة مزارع شبعا" بحسب وصفها، مؤكدة في الوقت عينه ان عدم انسحاب اسرائيل من هذه المنطقة خلال مدة زمنية قصيرة سيدفع بعون وبتياره إلى "شرف حمل السلاح لتحرير البلاد" من الاحتلال الإسرائيلي مع المقاومة.

وتعتبر المصادر ان سلاح المخيمات الفلسطينية الذي شمله قرار الامم المتحدة لا يشكل عقبة كبيرة، وان التعامل مع الفلسطينيين يجب ان يتم بشكل لائق بالكرامة البشرية وليس كما هو حاصل حاليا، مشيرة إلى استغراب عون لموقف الدولة الرسمي من ان سحب سلاح المخيمات يسهل توطين الفلسطينيين في لبنان.

وتضيف المصادر ان عون يعتقد ان تأمين المطالب الحياتية للاجئين يحل جزءا من المشكلة الفلسطينية في لبنان، بانتظار حصولهم على جوازات سفر من "دولة فلسطين" حال اعلانها، وحينها يعاملون كرعايا اجانب وفق القوانين المعمول بها.

وتؤكد هذه المصادر ان هذا التصور الذي وضعه عون لصيغة وسطية لا يشكل تراجعا منه عن مواقفه السابقة، مضيفة ان اركان المعارضة نفسها، ومن خارج التيار الوطني الحر (العوني) ليست متفقة على كل النقاط بين بعضها البعض.