مخاوف عراقية من لجوء المختلفين إلى جهات خارجية
المتنازعون يتجهون لتدويل قضية كركوك

صدامات كردية تركمانية
في كركوك أواخر عام 2003
أسامة مهدي من لندن: عبرت مصادر عراقية سياسية تتابع تطورات النزاع العرقي على مدينة كركوك الشمالية بين التركمان والأكراد والعرب فيها عن مخاوف حقيقية من تدويل قضيتها والمخاطر التي قد تتولد جراء ذلك على العراق كله، بعد أن بدأت هذه الأطراف المتنازعة على هوية المدينة التي ستحددها انتخابات مجلسها في الثلاين من الشهر الحالي باللجوء إلى دول ومنظمات ومؤسسات خارجية للاحتكام إليها أو الحصول على ضمانات لصالحها بدلًا من حل المشاكل في البيت الواحد وهو العراق. وأشارت هذه المصادر التي تحدثت معها "إيلاف" اليوم إلى أربع خطوات تبعث على القلق اتخذتها الأطراف المتنازعة بإخراج خلافاتها حول الهوية القومية لكركوك (255 كم شمال بغداد) إلى الحكومات الأميركية والبريطانية والتركية والأمم المتحدة والبرلمان البريطاني. وأوضحت أن هذه الرغبة في اللجوء إلى خارج الحدود بحثًا عن حل أو دعم أو تأييد مرجعه إلى ضعف تعاني منه الدولة العراقية وحكومتها في اتخاذ قرارات حاسمة باتجاه إنهاء هذه الحالة الخطيرة التي ستخرج في النهاية ولاءات الأطراف المتنازعة من مرجعيتها الوطنية الداخلية ‘لى مرجعيات خارجية لا بد أن تكون لها أهدافها من وراء مناصرة هذا الطرف أو ذاك.

وتعد مدينة كركوك أغنى المدن النفطية العراقية حيث تحوي على حقول نفطية تجعل من العراق يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية ويوجد تحت أرضها 7% من احتياطي النفط في العالم ولذلك سيتمحور الصراع الجديد فيها حول تقاسم السلطة والنفوذ ومن سيكون صاحب الأكثرية في الأصوات وبالتالي الولاء الذي سيتوزع بين جهات عدة ليس بينها عراقية على مايبدو.

خلافات القوميات الثلاث
فقد ظهرت الخلافات إلى العلن مؤخرًا وارتفعت حدة التوتر بين القوميات الكبرى الثلاث العربية والتركمانية والكردية في كركوك مع اقتراب انتخابات مجلس المحافظة حين رفض الأكراد في المدينة المشاركة في الانتخابات ما لم يتم تطبيق الفقرة 58 من قانون إدارة الدولة العراقية الصادر في آذار (مارس) من العام الماضي والذي نص على تطبيع الأوضاع في المدينة وهو ما يعني إعادة المرحلين الأكراد والتركمان إليها والذين كان نظام الرئيس المخلوع صدام حسين قد طردهم منها واستقدم بدلًا منهم عربًا من وسط وجنوب العراق الذين يطالب الأكراد بإخراجهم من المدينة وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية إضافة إلى ضم محافظة التاميم ومركزها كركوك إلى إقليم كردستان الذي يحكمونه منذ لعام 1991.

وتمثل تصاعد التوتر بين المجموعات القوميات الثلاث بعمليات اغتيال واختطاف بين عناصر من قومياتها الثلاث تبعها تبادل اتهامات وهو توتر ظهر إلى العلن إثر سقوط نظام صدام. فعلى أثر مطالبة الأكراد بضم المدينة إلى كردستان واعتماد الفدرالية كنظام للحكم في البلاد خرجت تظاهرتان ضخمتان في كركوك الأولى مؤيدة للفدرالية نظمها الأكراد الذين قدموا مشروعًا إلى مجلس الحكم المؤقت والثانية مناهضة للفدرالية نظمها العرب والتركمان وانتهت هذه التظاهرة بصدامات أدت إلى مقتل 3 عراقيين وجرح 34 برصاص متقابل.

وإذ كانت المجموعة الكردية التي تشكل حسب إحصاء 1957 نسبة 51% والبعض يقول 80% وتبسط سيطرتها منذ 1991 على محافظات أربيل ودهوك والسليمانية في الشمال تعتبر أن كركوك تشكل قلب كردستان وأسماها البرزاني "قدس كردستان" وتطالب بضم المدينة فإن التركمان الذين يشكلون حسب الإحصاء نفسه نسبة 27% يشددون على وجودهم التاريخي في المنطقة ويقولون إنهم كانوا يشكلون الأغلبية وإنهم تعرضوا أيضًا لسياسة التطهير العرقي، ويؤكدون أن الأكراد ليسوا سوى قادمين جدد. وهناك أيضًا ادعاءات تاريخية للكلدانيين والآشوريين على أحقيتهم بالمدينة (يشكلون الآن 4%) مع الإشارة إلى أن العرب يشكلون اليوم 18% من سكان كركوك.

وأكد الأكراد في البداية مقاطعتهم لانتخابات المدينة ورفضوا التعاون مع مكتب المفوضية العليا للانتخابات العراقية لأن مديرها رفض تسجيل الأكراد العائدين إلى المدينة في سجل الناخبين واتهموه بأنه بعثي الأمر الذي دفعه الى الاستقالة. وقال يحي عاصي الحديدي "أرسلت كتاب الاستقالة إلى المفوضية العليا في بغداد بسبب اتهامات الحزبين الكرديين الرئيسين لي وخصوصًا الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، بأنني انتمي إلى حزب البعث وأعمل لصالح الجبهة التركمانية العراقية ولتدخلهما في عملي".

ضغوط كردية
ومن أجل زيادة الضغوط لتحقيق مطالبهم، تبنت هيئة كردية تضم مجموعة من السياسيين والمختصين ومدعومة من حزبي الطالباني والبارزاني حملة واسعة بين الأكراد للمطالبة باستقلال كردستان من خلال الدعوة لتقرير مصير إقليم كردستان وجمعت وثيقة تاييد لهذا الطلب وقعها مليون و700 ألف مواطن كردي كما تقول ثم حملتها في جولة خارجية لكسب التأييد لها فقدمت نسخة منها الى مقر الأمم المتحدة في نيويورك ثم حلت في لندن هذا الأسبوع حيث عقدت ندوة في مجلس العموم البريطاني أدارها النائب العمالي البريطاني رودي فيز وممثلي المجموعة هلكوت عبد الله وفوزي اتروشي ولاجان جباري.

كما هدد زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني قبل أيام باللجوء إلى الامم المتحدة إذا لم تلحق مدينة كركوك بإقليم كردستان وقال خلال اجتماع مع مجموعة من المثقفين الأكراد "من حقنا حسب مبدأ حق تقرير المصير أن نختار كشعب شكل الفيدرالية التي نريدها وأن الدستور الجديد للعراق يجب أن يبنى على التوافق" وشدد بالقول "إذا لم تثبت كردستانية كركوك في الدستور الدائم فإننا نضطر للجوء إلى الأمم المتحدة".

وخوفًا من فشل العملية الانتخابية التي تتعرض أصلًا إلى صعوبات حقيقية نتيجة مقاطعة قوى وأحزاب مهمة لها فإن جهودًا كبيرة بذلت لإقناع الأكراد بالمشاركة في انتخابات كركوك لكنهم أصروا على مطالبهم وعندما وعدت الحكومة بتلبية هذه المطالب، طلبوا ضمانات مكتوبة بإعادة الأكراد المرحلين وتسجيلهم في القوائم الانتخابية برغم انتهاء فترة التسجيل التي حددتها مفوضية الانتخابات، فكان لهم مارادوا وأعلنوا موافقتهم على المشاركة.

وجاء ذلك إثر نجاح جلال الطالباني في مفاوضات أجراها في بغداد مع كل من كل من الرئيس غازي الياور ورئيس الحكومة أياد علاوي والسفيرين الأميركي جون نيغروبونتي والبريطاني إدوارد تشابلن وتمخضت عن إعلان الأكراد المشاركة في انتخابات كركوك مقابل حل مؤقت لتسوية وضع المدينة تم توثيقه كتابة وبشكل رسمي تمهيدًا لإدراجه ضمن البنود الأساسية لصياغة وثيقة الدستور العراقي للمرحلة الانتقالية. في أول بادرة من نوعها بتدخل السفيرين في الدخول على الخط ومنح ضمانات حول قضية داخلية عراقية. وجاء الإعلان عن الضمانات التي قدمت إلى الأكراد في بيان أصدره برلمان كردستان نصه فيما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
المجلس الوطني لكوردستان- العراق
رقم القرار: 60
تاريخ القرار: 15/1‏/‏2005
قرار

عقد المجلس الوطني لكوردستان العراق جلسته المرقمة (56) للمرحلة الانتقالية في 15/1/2005 وأصدر الآتي:

بالنظر لما ساور شعب كوردستان-العراق من قلق مشروع جراء استقرائه لمجموعة من الظواهر والوقائع التي يستشف منها موقفاً لا أبالياً من الأوساط الرسمية تجاه ما تضمنته المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية الانتقالية ولقد تبلورت تلك الرؤية لشعبنا من خلال استنباطه لمجموعة من القرائن من وقائع ثابتة على الأرض ومنها على سبيل المثال عدم اتخاذ اية إجراءات ايجابية لتسهيل عملية عودة المرحلين واستقرارهم في المناطق التي هجروا منها وتركوا في العراء يعانون من الظروف الجوية القاسية وضنك العيش، وصدور اكثر من اشارة لتطمين المستوطنين الغرباء عن المنطقة للبقاء حيث هم وعدم الجلاء او العودة الى المواطن التي استقدموا منها وكذلك حرمان المرحلين من ممارسة حقهم في الانتخاب في حين منح المستوطنون الحق المذكور دون وجه حق، كما ان تشكيلة اللجنة المشرفة على الإنتخابات في محافظة كركوك كانت برئاسة وعضوية اشخاص معروفين بإنتمائهم للنظام الدكتاتوري المقبور، وكذلك التلكؤ في حسم الدعاوى المشمولة بقانون فض منازعات الملكية.

وحيث ان تطبيع الأوضاع في مناطق كوردستان عامة وكركوك خاصة التي تعرضت لإجراءات تعسفية عنصرية لتغيير واقعها الديموغرافي كما اقر بذلك قانون إدارة الدولة ولما كانت الوقائع التأريخية والجغرافية تؤكد انها تشكل جزءاً لا يتجزأ من اقليم كوردستان وإن قضيتها تعتبر حيوية ومصيرية لشعبنا الذي دخل حروباً مريرة من اجلها وضحى الآلاف من اهل المناطق المذكورة وبقية مناطق الإقليم بأنفسهم بين شهيد ومعوق قبل تشكيل الدولة العراقية وبعدها من اجل الحفاظ على كوردستانيتها التي لايمكن المساومة عليها فليس غريباً ان يكون لتهميش موضوع التطبيع في محافظة كركوك ردود فعل سلبية قوية لدى مواطني كوردستان.. وتساؤلات عن جدوى المشاركة في الإنتخابات عامة وانتخابات مجلس محافظة كركوك خاصة.

مع استمرار هذا الواقع وشعوراً من القيادة السياسية الكوردستانية بمسؤلياتها التأريخية تجاه هذا الموضوع خاصة والعراق عامة فلقد أوفدت وفداً برئاسة السيد جلال الطالباني ومشاركة نيجيرفان البارزاني الى بغداد اتصل بأعلى المستويات في الحكومة العراقية وسفيري الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مصارحةً اياهم بالحق المطالب به ومشروعيته القانونية المدعم بالعشرات من الوثائق والوقائع التأريخية والسياسية والنتائج والآثار السلبية في حالة ترك الموضوع دونما معالجة وبناءاً على ذلك فلقد عقد المجلس الوطني لكوردستان العراق جلسته المرقمة (56) المرحلة الإنتقالية 15/1/2005 مستضيفاً السيد مسعود البارزاني والسيد جلال الطالباني ومشاركة السيد نيجيرفان البارزاني والممثلين الموفدين الى بغداد وقادة (33) حزباً كوردستانياً ومن استعراض الوفد لمساعيه المشكورة المبذولة بصدد الموضوع ونتائج اتصالاته الإيجابية تبين بان ما تمخض عنها يمكن تلخيصها في مايلي:

اولاً: الإجراءات العملية الإيجابية التي تقررت فعلاً :
أ- موافقة المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات على ممارسة المرحلين لحق الإنتخاب في كركوك سواء كان المرحل مقيماً في كركوك ام لازال مقيماً في المكان الذي هجر اليه.
ب- تم إلغاء تشكيلة لجنة الإنتخابات لمحافظة كركوك وإعادة تشكيلها من عناصر معروفة بوطنيتها وحيادها ونزاهتها.

ثانياً: التطمينات والضمانات التحريرية والشفوية التي تم الحصول عليها وهي:
أ- صدور التزام تحريري من السيد رئيس الجمهورية بالمادة (58) من قانون إدارة الدولة وما احتوتها من مضامين وأحكام.
ب- صدور قرار من مجلس وزراء العراق يجدد الإلتزام بالمادة (58) من قانون ادارة الدولة.
ج- تأكيد نائب وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السيد آرميتاج اثناء زيارته لكوردستان إلتزام حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ المادة (58) وتأكيده لهذا الإلتزام.
د- تأكيد السفير الأمريكي في العراق لأعضاء وفد القيادة السياسية إلتزام حكومته بتنفيذ المادة (58) خلال المرحلة الإنتقالية القادمة وتأييده خطياً لما جاء في رسالة رئيس الوزراء العراقي.
هـ- تأكيد السفير البريطاني في العراق لاعضاء وفد القيادة السياسية إلتزام حكومته بتنفيذ المادة (58) خلال المرحلة الإنتقالية القادمة وتأييده خطياً لما جاء في رسالة رئيس الوزراء العراقي.

وبناء على ما تقدم وبعد التحاور وتدارس الوقائع المستعرضة بحضور ممثلي قيادات الأحزاب الكوردستانية فقد قرر المجلس الآتي:
اولاً: دعوة شعب كوردستان بكافة مكوناته الاثنية والسياسية والدينية للمشاركة الفعالة في الإنتخابات العراقية على جميع مستوياتها.
ثانياً: في حالة عدم تنفيذ السلطات العراقية ما إلتزمت به بخصوص المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية تحريرياً أو شفوياً أو تلكأت في إتخاذ الإجراءات اللازمة خلال المرحلة الإنتقالية، فللمجلس الوطني لكوردستان- العراق إعادة النظر في مواقف شعب كوردستان ومؤسساته الشرعية المنتخبة تجاه الحكومة الفدرالية ودولة العراق وتبني الموقف المناسب واتخاذ القرار اللازم بصدد ذلك.
ثالثاً: على كافة الجهات الرسمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في إقليم كوردستان تنفيذ احكام هذا القرار.
رابعاً: ينشر في جريدة وقائع كوردستان.

د. روز نوري شاويس
رئيس المجلس الوطني لكوردستان – العراق

مفوضية الانتخابات تستجيب لمطالب الاكراد
وإثر ذلك أعلنت المفوضية العليا للانتخابات منح المواطنين من محافظة كركوك فرصة جديدة لتسجيل أسمائهم في المراكز الانتخابية تمهيدًا للمشاركة ابتداء من يوم الاثنين الماضي ولغاية الخامس والعشرين من الشهر الحالي حيث قامت المفوضية بفتح مكاتب تسجيل في بعض نواحي ومناطق المحافظة .

وعلن الدكتور حسين الهنداوي رئيس المفوضية المباشرة بتسجيل أسماء الناخبين من المرحلين والمهجرين الأكراد والتركمان والكلدوآشوريين والذين حرموا من التسجيل خلال الأسابيع الماضية مضيفًا "زرت كركوك والتقيت بالنخب السياسية الكردية للإسهام في تذليل العقبات وضمان تسجيل المرحلين الكرد لتمكينهم من المشاركة لإنجاح العملية الديمقراطية" وأكد أن "المفوضية العليا شكلت في كركوك هيئة مكونة من أربعة أفراد يمثلون العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين للإشراف علي عمل مكتب كركوك والمراكز الانتخابية وتسجيل الناخبين إلى جانب لجنة من المحافظة والمجلس المحلي لضمان حل المشاكل العالقة وانجاح العملية السياسية في العراق الجديد.


معارضة تركمانية عربية
وأثار هذا التطور حفيظة عرب وتركمان مدينة كركوك والحكومة التركية التي تهتم بشؤون تركمان العراق. وهنا أيضًا لجات الجبهة التركمانية بدورها إلى الأمم المتحدة وليس إلى الحكومة العراقية لعدم ارتياحها من موقفها في تقديم ضمانات للأكراد على مايبدو ووجهت رسالة احتجاج إلى أشرف قاضٍ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في العراق.

ووصفت الجبهة في رسالتها هذه التطورات بأنها خطيرة ستغير مجرى هذه الانتخابات ونتائجها وسوف تغير مستقبل مدينة كركوك والعراق برمته وذلك لكون مصير كركوك هو مفتاح مصير العراق. وأضافت إن الهدف من إلحاح الأحزاب الكردية على تطبيق المادة (58) ليس سوى محاولة تغيير ديمغرافية محافظة كركوك من أجل تغليب قومية على أخرى قبل حلول موعد الانتخابات واتهمت رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي بأنه "أراد التخلص من مأزق عدم تطبيق المادة المذكورة بتقديم العرب والتركمان ضحية للكرد في هذا المجال إضافة إلى أنه لم يتشاور مع التركمان والعرب حول هذا الموضوع".

وقالت إنه إزاء الضغوط الكردية فإن مفوضية الانتخابات اضطرت إلى الموافقة على الشروط الكردية للمشاركة في الانتخابات وبذلك تعهدت بإعادة تشكيل مكتب المفوضية في كركوك وتمديد فترة تسجيل الناخبين "وحصل ويحصل كل ذلك بمعزل عن العرب والتركمان وتمكنت الأحزاب الكردية من استغلال هذه الفرصة لتسجيل أعداد كبيرة من الأكراد في سجل الناخبين بدعوى أن جميعهم من المرحلين".

وطالبت الأمم المتحدة "بدراسة هذه المسألة واتخاذ ما يلزم لإعادة الأمور إلى مجاريها الصحيحة قبل فوات الأوان". وفيما يلي نص رسالة الجبهة التركمانية :
السيد اشرف قاضي المحترم
مبعوث الامين العام للامم المتحدة
السلام عليكم
بعد التحية والاحترام...

ومع بدء العد التنازلي للعملية الانتخابية القادمة حصلت تطورات خطيرة جداً على صعيد انتخابات مجلس محافظة كركوك ونحن على يقين بأن هذه التطورات سوف تغير مجرى هذه الانتخابات ونتائجها وبتالي فان هذه التطورات سوف تغير مستقبل مدينة كركوك نحو الاسوء في الوقت الذي يحاول الشعب العراقي وجميع الأطراف المعنية بالشأن العراقي على أجراء الانتخابات العامة ومجالس المحافظات بصورة حرة ونزيهة لأجل إعادة السلام والأمن إلى ربوع العراق ، والى ذلك فان هذه التطورات لاتهم محافظة كركوك فحسب ، بل إنها تهم العراق برمته وذلك لكون مصير كركوك هو مفتاح مصير العراق.

ويمكن تلخيص هذه التطورات وملابساتها في النقاط التالية:-
1- قدم رئيس الحكومة المؤقته تعهداً للاحزاب الكردية يتضمن تشكيل هيئة عليا لاجل تطبيق أحكام الماده ( 58 ) من قانون إدارة الدولة المؤقتة ، حيث ان عدم تطبيق هذه المادة التي تخص المرحلين من مدينة كركوك أتخذتها الأحزاب الكردية حجة لعدم مشاركتها في انتخاب مجلس المحافظه ، مع أن هذه المادة لاتخص الاكراد فقط وذلك لوجود مرحلين من التركمان أيضا ، ولذا فأن ما قام به رئيس الحكومة الدكتور اياد علاوي يعني مكافأة الاكراد على حساب التركمان والعرب ، بدليل إن الهدف من إلحاح الاحزاب الكردية على تطبيق المادة (58) ليس سوى محاولة تغيير ديمغرافية محافظة كركوك من أجل تغليب قومية على اخرى قبل حلول موعد الانتخابات . أي ان الدكتور اياد علاوي اراد التخلص من مأزق عدم تطبيق المادة المذكورة بتقديم العرب والتركمان ضحية للكرد في هذا المجال ، ناهيك عن أنه – أي الدكتور علاوي – لم يتشاور مع التركمان والعرب حول هذا الموضوع وكذلك موضوع تشكيل الهيئة العليا المذكورة .
2- نتيجة لضغوط الاحزاب الكردية لجأ مدير مكتب كركوك المفوضية العليا المستقلة الى تقديم استقالته ، ولكن لم ينته الامر عند هذا الحد ، بل رضخت المفوضيه العليا للانتخابات في العراق للضغوط الكردية واضطرت الى الموافقة على الشروط الكردية للمشاركة في الانتخابات وبذلك تعهدت المفوضية بأعادة تشكيل مكتب المفوضية في كركوك وتمديد فترة تسجيل الناخبين ، وقد حصل ويحصل كل ذلك بمعزل عن العرب والتركمان . وقد تمكنت الاحزاب الكردية من استغلال هذه الفرصة لتسجيل أعداد كبيرة من الاكراد في سجل الناخبين بدعوى أن جميعهم من المرحلين .

الى ماتقدم ، نطالب الامم المتحدة بدراسة هذه المسألة واتخاذ مايلزم لاعادة الامور الى مجاريها الصحيحة قبل فوات الاوان .
الجبهة التركمانية العراقية


تهديد عربي واعتصام تركماني
وأكد مصدر في التجمع العربي في كركوك أن لقاءات بين التجمع العربي والتركمان ستفضي إلى قرار بشأن مقاطعة الانتخابات تعبيرًا عن الرفض القاطع للاتفاق الذي أقرته مفوضية الانتخابات التي وصفها بغير المستقلة وأضاف "أن الأكراد يعرفون جيدًا أن من يطالبون بإضافتهم إلى القوائم الانتخابية هم ليسوا من أبناء كركوك" وأن عملية إشراكهم بالانتخابات في كركوك تعني ضمنًا بطلان الانتخابات في هذه المدينة التي وصفها بالمحتلة وأشار الى ان اي احتلال سيزول عاجلًا ام آجالًا .

واحتجاجا على الضمانت التي قدمت للاكراد بدات في كركوك امس الاول بدا العشرات من عناصر من الجبهة التركماني اعتصاما واضرابا سلميا مفتوحا كما زار وفد من الحركة القومية التركمانية مقر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وقدم باقة ورد سوداء تاكيدا لاستنكار الحركة " للتصرفات غير القانونية للمفوضية وكونها منحازة وغير مستقلة بسبب قبولها تسجيل اكثر من 90 الف مواطن لانتخابات مجلس محافظة كركوك بدون اية مستمسكات ورضوخها للضغوطات التي تمارس عليها وفقدها لمصداقيتها واستقلاليتها بالموافقة على ادراج قائمة الحزبين الكرديين في انتخاب مجلس محافظة كركوك بعد انتهاء الموعد القانوني" كما قالت .

تركيا على الخط ايضا
وأكد مصدر دبلوماسى تركى رفيع المستوى أن عدد الأكراد الذين تمركزوا فى محافظة كركوك مؤخرا بلغ نحو 300 ألف كردى. وقال المصدر إن الجانب التركى حصل على معلومات تؤكد بدء توزيع بطاقات تموينية على عشرات الآلاف من الأكراد الذين وصلوا الى كركوك للحصول على بطاقات انتخابية والمشاركة فى الانتخابات وأضاف أن تركيا لا يمكن أن توافق على سياسة فرض الأمر الواقع فى كركوك.. وتدعو كافة الأطراف المعنية وفى مقدمتها الولايات المتحدة للتصرف بروح المسئولية والمنطق السليم.

وذكرت صحيفة "ينى شفق" التركية أمس أن هذه التطورات الديموغرافية فى كركوك أثارت استياء أنقرة.. مضيفة أن هذا التطور دفع بالمسؤولين الأتراك لنقل الموضوع مباشرة لمسؤولين أميركيين كبار.