مؤكداً عودته قريباً الى لبنان
عون لـ"إيلاف": لا دور امني للاحزاب السياسية ولا دور سياسي للمؤسسات الامنية

العماد ميشال عون والزميلة ريما زهار

ريما زهار من باريس : رغم الـ 3200 كلم التي تفصل باريس عن لبنان الا ان الجنرال ميشال عون في قلب الوطن، وليس الحديث عن لقاء قريب بين الجنرال والبطريرك صفير في باريس وكذلك تدبير لقاء له مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الا تأكيداً على ذلك.
ولم تستطع الاعوام الـ15 التي أمضاها الجنرال خارج الوطن ان تغير من مواقفه الثابتة، فهو لا يزال يتحدث عن "هرطقات" الطائف ولا يزال يؤكد ان السيادة هي ملك الشعب والحكم يمارسها وكالة، كما يعتبر ان لا دور امنيّ للاحزاب السياسية ولا دوراً فعلياً سياسياً للمؤسسات ويؤكد عودته قريباً الى بيروت.

" ايلاف" التقته في باريس وكان الحوار الآتي:

في شهادتكم في الكونغرس الاميركي قلتم لمحاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان وقلتم ان هذا التشريع المنتظر هو حاسم اذ انه يقيم وللمرة الاولى سياسة واضحة للولايات المتحدة فيما يتعلق بالاحتلال السوري للبنان، الى أي مدى تظنون ان الولايات المتحدة ستطبق القرار 1559 وما هي مصلحتها الشخصية في تطبيقه؟

ان تشريع الولايات المتحدة هو الثابت، ولا يمكن بعد اليوم ان يتم التفاوض على قضية لبنان بين بلد وآخر او ضمن الولايات المتحدة، لان النظام الاميركي يقتضي عند صدور تشريع في الكونغرس تنفيذ هذا التشريع، وفي حال عدم احترامه تترتب مسؤوليات قضائية على الادارة، فهذا نظامهم وهذه قوتهم، فإذاً، من يقولون ان اميركا تكذب وتعمد الى الصفقات انما يتمسكون بادعاءات فارغة لاحباط معنويات الشعب اللبناني لان اميركا لم تكذب اصلاً في السياسة اللبنانية ولكن من كذب على اللبنانيين هو اللبناني الوسيط، وقد اختبرت الامر عندما كنت مسؤولاً. والاميركيون اليوم راجعوا سياستهم وهي غير قابلة للاجتهاد، ان القرار 1559 يغطي الشق المتعلق باستعادة سيادة لبنان من قانون محاسبة سورية ولا رجوع عنه.

يقال انكم عراب القرار 1559 ما هو تعليقكم على الموضوع؟

صعب القول انني عراب القرار 1559، ولكن الموضوع بحث أثناء وجودي في اللجنة الخارجية يوم ادليت بشهادتي وسئلت من أعضاء اللجنة ماذا تعتقد ستكون الخطوة التالية في حال لم تلتزم سورية بتنفيذ قانون إعادة سيادة لبنان، وتباحثنا يومها مع معظم المسؤولين الذين التقيناهم حول وجوب نقل الموضوع الى مجلس الامن، وتطبيق الفصل السابع منه. وبالطبع صلاحية الدعوة لا تعود لنا نحن بل للدول الاعضاء في مجلس الامن وعلى رأسها الولايات المتحدة، أما كيف تم التوافق بين الدول حول القرار 1559 فيبقى الخانة الخاصة للعلاقة الاميركية الفرنسية، وحتى لو عرفنا هذه الخانة لا يحق لنا التحدث عنها.

الطائف

عندما كنتم في رئاسة مجلس الوزراء في لبنان في العام 1989 اقترحتم بديلاً من الطائف وبعد مضي نحو 15 عاماً هل لا زلتم ضد الطائف وما هو البديل الذي تقترحونه اليوم؟

كانوا يقولون ان العماد عون ضد الاتفاق، وليس ضد مضمون اتفاق الطائف، بمعنى أنني ضد الوفاق الوطني! نحن كنا مع مبدأ السيادة، ولما كان الاتفاق يتنازل عن السيادة اللبنانية رفضناه. ويومها طلبت من الرئيس فرنسوا ميتران أن يسعى للحصول على ضمانات دولية لضمان تنفيذ اتفاق الطائف في ما يتعلق بانسحاب الجيش السوري وإعادة السيادة اللبنانية، لأن نص الاتفاق يفسر لمصلحة الدولة السورية، ولو كان هناك نية لتنفيذ الطائف لما أوجدوا الغموض في النص. وبالفعل لم تعط أي ضمانات ولم تنفذ سورية الانسحابات. وفي 8 شباط 2001 صرح الرئيس بشار الأسد لجريدة الشرق الاوسط انه لن يخرج من لبنان قبل حل قضية الشرق الأوسط، وأنه على ضوء هذه الحالة المستجدة سينظر سلباً أو إيجاباً في انسحابه من لبنان.
وكنت قد احتطت لمثل هذا الأمر قبل أن يحدث، وذلك عام 1989، عندما طالبت بطاولة ثلاثية للمفاوضات لحل قضية الشرق الاوسط، طاولة يلتقي حولها لبنان وسورية واسرائيل ، وكنت أقول دائماً بأن لبنان يجب أن يكون فاعلاً في التفاوض وليس موضوع تفاوض بين سورية واسرائيل، ولكن لم يسمعني احد يومها وقالوا انني "أهلوس".
الطائف تحدث عن أمور مهمة منها حل الميليشيات وتوحيد الجيش، وكنت موافقاً عليها، لكن الاصلاحات الدستورية في ظل مجلس نيابي منتخب منذ 15 عاماً لا تمثل الشعب اللبناني.
لم أرفض الطائف يوماً للرفض فقط، لكنني ضد "هرطقات" الطائف ومنها تعيين النواب، فمن انتُخب العام 1972 ومدد لنفسه 15 عاماً لا يمكنه ان يمثل الشعب اللبناني العام 1989. وفي دول العالم التي تعتبر ديموقراطية اذا أرادوا تغيير اسم شارع يلجأون الى "ريفيريندوم" (استفتاء) فكيف اذا كان الامر يتعلق باصلاحات تشريعية؟

عندما وقّع اتفاق الطائف رفضته بمجمله لكنك اليوم تدخل الانتخابات تحت سقف الطائف فهل هو اعتراف ضمني بالسلطة التي انتهجتها الطائف؟

من وقعوا على اتفاق الطائف وتنازلوا عن السيادة لا يمثلون سوى 5% من الشعب اللبناني، والسيادة ليست ملكهم لكن ملك الشعب، والحكم يمارسها بالوكالة، ومن كان معه وكالة لا يمكن ان يعطي وكالة عنها. فكل ما جرى في الطائف ليس دستورياً وقد سقطت الصفة التمثيلية عن النواب الذين وقعوه بعد أن مددوا لأنفسهم مرات عدة، ويعود انتخابهم ل 15 عاماً خلت، وتنازلوا عن امر لا يحق لهم التنازل عنه وهو "السيادة"، متجاوزين كل النصوص والأعراف،
ورغم ذلك قبلنا بتسوية وطنية شرط ان يعطي الشعب اللبناني رأيه بالطائف من خلال انتخابات تجري برعاية الامم المتحدة وليس من خلال مجلس معين.
ومنذ العام 1990 نشأ في لبنان حكم غير شرعي لأنه أتى من خلال اجتياح عسكري سوري أطاح بالشرعية القائمة وبمراكز القرار في لبنان، ولكن اعتراف الدول به أعطاه شرعية الشكل وليس المشروعية، تماماً كالحكم الانقلابي “legal mais non legitime” ولكن بعد القرار 1559 والتمديد للحود لم يعد هناك لا شكل ولا مشروعية.
ونملك اليوم مشروعاً جديداً لاعادة هيكلة الدولة بغية تحديثها وحفظ التوازن بين السلطات لزيادة انتاجها وعدم وقوعها في الشلل.

الانتخابات

يتم الحديث اليوم عن قانون انتخابي عادل وترى المعارضة ان اعتماد القضاء كدائرة انتخابية هي الانسب ما هي تصوراتكم للوضع الانتخابي؟

يكون القانون الانتخابي عادلاً باعتماد النسبية ضمن المحافظة أو الدائرة الفردية على اساس دورتين، ويكون التمثيل هنا صحيحاً 100%، والدائرة الوسطى او المحافظة تحد من التأثير على النتائج، لكن النظام الاكثري على الدائرة الكبرى يمكن ان يؤدي الى إفساد صحة التمثيل، وهناك نظام فاعل مع وجود 128 نائباً يمكن انتخاب 64 على اساس الدائرة الصغرى و64 على اساس النسبية وهذا هو التمثيل الوطني الامثل.

ان التيار الوطني الحر يعتبر "بيضة القبان" في التحالفات الانتخابية نظراً لقاعدته الشعبية الواسعة ففريق الموالاة يسعى الى تقديم اغراءات الى العماد ميشال عون في مواجهة اللائحة التي يدعمها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والتي تؤيدها المعارضة، ما هو تعليقكم على الموضوع؟

هناك احصاءات كثيرة تتحدث عن حجم التيار الوطني، وحجم تأييدنا، وحجم قوتنا التجييرية للحلفاء، وأعتقد أن معدل قوتنا التجييرية على مختلف الاراضي اللبنانية هو الأقوى.

التعاون

تم التوقيع على عريضة العفوالعام على جعجع من قبل جنبلاط ما هو تعليقكم على الموضوع واين تتفقون مع جنبلاط واين تختلفون معه؟
اتمنى ان يوقع كل النواب، وانا شخصياً اول من تكلم عام 1994 عن العدالة الاستنسابية وكانت الاجواء لا تزال يومها مشحونة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، فلم نتأثر بهذه الأجواء ودعونا الى اطلاق جعجع، وكان موقفنا بان العفو يجب ان يشمل الجميع علماً ان هناك اشخاصاً داخل الحكم قاموا بما قام به جعجع واكثر، وإذا فقدت العدالة الشمولية في التطبيق وأصبح القانون يطبق استنسابياً، يتحول الى قانون "مافياوي" يطبق على الخصوم والأعداء فقط.

لوحظ في لقاء البريستول حضور هامشي للتيار العوني، لماذا واين تتفقون مع معارضة البريستول واين تختلفون معها علماً ان بيان المعارضة تحدث عن ضرورة اطلاق جعجع وعودتكم؟

لم يكن الحضور هامشياً، لبينا الدعوة بالحضور، ونحن نؤمن بحق الاختلاف بالرأي ضمن الديموقراطية، دُعينا الى الحضور وكانت اشارة ايجابية ، أما اين نختلف مع المعارضة ففي امور كثيرة،
إن الشق الذي يتعلق بالاصلاحات الدستورية في اتفاق الطائف دخل في الدستور اللبناني، ولكن الجلاء السوري عن لبنان لم يحدث، ولم تحترم سورية نصوص الاتفاق فسقط مع مرور الزمن. وقد جاء القرار 1559 ليقول بضرورة ان تغادر القوات السورية لبنان، وبذلك يكون قد أنهى الطائف من الناحية المتعلقة بالشق السوري، ولا يجوز بأي شكل من الاشكال العودة لهذا الاتفاق في مسألة الخروج السوري، فأنا لا أفهم لماذا ينادي البعض بوجوب بقاء البندقية السورية في البقاع؟

المحاكمة

حكي عن محاكمة عون في الثامن من شباط (فبراير) بتهمة تعكير صلة لبنان بدولة شقيقة وتعكير السلم الاهلي واثارة النعرات الطائفية وتهمة اغتصاب السلطة في حين ظهرت أقاويل عن مبادرة حكومية من أجل طي ملفك القضائي، اين تكمن صحة هذه الاقاويل؟

ما تميزت به هو ان جوهر خطابي السياسي غير طائفي، فكيف اتهم أنني اثرت النعرات الطائفية؟؟! ولا بد من القول هنا انه اثناء القاء كلمتي في اللجنة الخارجية في اميركا سألني أحد الصحافيين المدسوسين ان المشكلة لديكم ليست سورية بل المشكلة هي بالتغيير الديموغرافي والاكثرية الشيعية قلت له انه لا يحق له اثارة هذا الموضوع لانني جئت ادافع عن حرية وسيادة لبنان وليس عن حقوق المسيحيين فقط ولا لأبحث موضوع حصص الطوائف، ويمكن القول ربما ان هذا الصحافي هو من كتب قرار الاتهامات الباطلة التي ذكرتها، اما عن تعكير العلاقات بين لبنان وسورية وباعتبار انها عكرت فلماذا لم تخرج سورية حتى الآن؟ اما عن اغتصاب السلطة فلماذا؟ هل لانني قلت انني رئيس حكومة؟ أنا رئيس حكومة، على الأقل رئيس حكومة سابق.

حزب الله

زار أخيراً وفد من التيار العوني حزب الله كيف تصفون العلاقات المقبلة مع حزب الله في لبنان؟
ورد اسم حزب الله في القرار 1559 دولياً وصنف ارهابياً نحن لم نعطه يوماً صفة ارهابية، فيما يتعلق بقضية الجنوب يعتبر حزب الله مقاومة ولكن العالم يتهمه اليوم بالارهاب، كلنا يعلم ان قرار حزب الله مستقل وعليه هو شخصياً ان يدافع عن نفسه، والجميع يعلم ان حزب الله يملك القدرة على القيام بعمليات في الخارج اما نحن فنتكلم عنه بصفته فئة من الشعب اللبناني، ولكن ضمن دولة موحدة لا يمكن ان يكون هناك قراران امنيان مستقلان. ويجب أن يكون القرار الامني بيد الدولة ، موقفنا هنا واضح "لا دور أمني للاحزاب السياسية ولا دور سياسي للمؤسسات الامنية".

حرب التحرير

في 14 شباط (فبراير) 1989 وبعد اصابة مكتبكم في وزارة الدفاع اللبنانية اعلنتم ما سمي بحرب التحرير هل ندمتم يوماً على اعلانها وعلى ماذا كنتم تعتمدون في تحقيقها خصوصاً ان الكثيرين قالوا ان حرب التحرير كانت التقاء مصالح بين حركة فتح والعراق واذ بدت الحرب اللبنانية في بعض جوانبها حرباً بين دمشق وبغداد والفلسطينيين على ارض لبنان وبواسطة اللبنانيين؟
بمجرد أن سميناها حرب تحرير ظن اللبنانيون انها مجرد حرب على سورية، لكن اذا سألنا أنفسنا من يلجأ الى حرب تحرير نستطيع ان نقول انها ضد المحتل. فاذاً انا كنت اقاوم، وهي حرب مقاومة للاحتلال السوري، ولم اتكل فيها على احد ولا يمكن القول إطلاقاً انها حرب مصالح بين حركة فتح والعراق. ولم اندم يوماً، كانت حركة تحريرية وكان من واجب كل لبناني أن يقاوم الاحتلال.

العودة

كيف يقضي الجنرال ايامه بعيداً عن لبنان؟
أقضي وقتي بالكتابة والرياضة واستقبال اللبنانيين علماً انني خصصت اياماً مفتوحة للبنانيين لزيارتي.

متى تعودون الى بيروت؟
قريباً جداً

اذا عدتم الى لبنان اي دور تطمحون الحصول عليه؟
الدور الذي العبه اليوم هو تحرير لبنان، أما دوري غداً فهو المساعدة على تحرر المجتمع اللبناني وتحصين النظام الديمقراطي في لبنان.