نصر المجالي من لندن: يعود مساء اليوم أربعة بريطانيين بعد الإفراج عنهم من بعد ثلاث سنوات إعتقال في جحيم معسكر الاعتقال الأميركي في قاعدة غوانتنامو في جزيرة كوبا، وقالت مصادر بريطانية إن محققين من إدارة مكافحة الإرهاب في شرطة سكوتلانديارد يستعدون للتحقيق معهم حيث احتمال إعادة اعتقالهم فور وصولهم على متن طائرة شحن عسكرية إلى قاعدة نوثولت الجوية في مقاطعة ميدل سيكس.

وأشارت مصادر أمنية بريطانية أن المعتقلين الأربعة الذين تم اعتقالهم بعد الحرب الأميركية على الإرهاب في أفغانستان، سيتم التحقيق معهم في مركز شرطة بادينغتون غرين في غرب لندن، حيث تجري هناك التحقيقات عادة مع المتورطين بعلاقات مع شبكات إرهابية، وخصوصًا من المتشددين الإسلاميين.

وطالب المجلس الإسلامي البريطاني السلطات البريطانية بضرورة "تقدير مشاعر العائدين الأربعة من بعد السنوات الثلاث التي عاشوها في الجحيم في تلك القاعد الأميركية"، يذكر أن مخيم إكس كما سمته السلطات الأميركية ضم أكثر من 600 معتقل من المتشددين المنتمين إلى شبكة (القاعدة) منذ العام 2002 ، من عرب ينتمون إلى بلدان مختلفة، وتم الإفراج إلى الآن عن نسبة قليلة منهم بعد وساطات من دولهم.

وأحد شروط الحكومة الأميركية في الإفراج عن هؤلاء هو أن يجري التحقيق معهم في بلدانهه الأصل "ومن يثبت تورطه منهم، فعلى سلطات بلاده أن تعتقله حسب قوانينها الأمنية السارية، وأن تخضعه للتحقيق".

وكان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي أمضى شهورًا طويلة في إجراء اتصالات مع الإدارة الأميركية من أجل تسهيل الإفراج عن المعتقلين الأربعة، قال في وقت سابق إن مسألة اعتقال هؤلاء تخص السلطات الأمنية وحدها، وقال مفوض عام الشرطة البريطانية السير جون ستيفينز أمس إن شرطة سكوتلانديارد تدرس إمكانية اعتقال هؤلاء.

وطلب رئيس المجلس الإسلامي البريطاني إقبال ساكاراني خلال لقاء له أمس مع وزيرة الدولة البريطانية للشؤون الداخلية هيزيل بلييرز بحضور عدد من ممثلي الجمعيات الإسلامية بضرورة توفير فحص طبي شامل للمعتقلين الأربعة حال وصولهم من بعد "سنوات الشقاء التي عانوها في غوانتنامو".

وقال سكاراني "ما واجهه هؤلاء طوال تلك الفترة يقتضي إخضاعهم لفحص طبي شامل، ومنحهم وقتًا كافيًا لاستعادة قواهم العقلية والنفسية، ثم بعد ذلك يمكن إجراء أي تحقيق معهم حسب ما تقتضية المصلحة البريطانية الأمنية"، وأشار في هذا الاتجاه إلى أنه "لو كانت أية تهم ضدهم بارتباطهم بأية أعمال إرهابية فإن الأميركيين لن يطلقوا سراحهم".

وأضاف "هؤلاء الأربعة ليسوا مجرمين أو إرهابيين، ولكن من سؤ حظهم أنهم اعتقلوا من دون أي سبب لأنهم كانوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ".

يذكر أن الأربعة العائدين هم: معظم بيغ من بيرمنغهام، حيث يحاول حزب سياسي تقوده الممثلة البريطانية الشهيرة فينيسا ريدغريف التحادث معه لترشيح نفسه لمجلس العموم البريطاني في الانتخابات المقبلة، والثلاثة الآخرون فيروز عباسي ومارتن موبغانا وريتشارد بيلمر وجميعهم يعيشون في ضواحي العاصمة البريطانية.

وكان خمسة من المعتقلين البريطانيين أفرج عنهم من قاعدة غوانتانامو في شهر مارس (آذار) من العام الماضي، حيث كشف ثلاثة منهم في تصريحات صحافية وكذلك لمحققي سكوتلانديار أنهم تعرضوا للتعذيب في القاعدة الأميركية، وهؤلاء هم: راحول أحمد، عاصف إقبال، وشفيق رسول.

ولا يعرف بعد ما إذا كان معظم بيغ سيقدم شكوى قضائية ضد السلطات الأميركية، حيث تشير المصادر على أنه اعتقل عام 2002 في باكستان من جانب وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، حيث على خلاف بقية المعتقلين أمضى عامًا كاملا في قاعدة باغرام الأفغانية، قبل نقله إلى غوانتانامو عام 2003 .

وقال والده وهو مدير بنك متقاعد إنه تسلم رسائل عديدة منه خلال فترة اعتقاله يكشف فيها أنه تعرض لتعذيب جسدي من جانب الأميركيين، كما أنه شهد وفاة اثنين من المعتقلين تحت التعذيب من جانب جنود أميركيين في أفغانستان.

في الأخير، يذكر أن أربعة من البريطانيين الخمسة الذين أفرج عنهم في العام الماضي تقدموا بدعاوى قضائية ضد الحكومة الأميركية لسبب اعتقالهم من دون أسباب تذكر، إضافة لأفعال التعذيب التي واجهوها في قاعدة غوانتانامو.