نبيل شرف الدين من القاهرة : أعد "مركز إبن خلدون" في القاهرة الذي يديره الباحث سعد الدين ابراهيم تقريراً جديداً لأحوال الدول العربية. ونشرع في نشر هذا التقرير مسلسلاً اعتباراً من اليوم، هو الإصدار العاشر من سلسلة التقارير السنوية للمجتمع المدني والتحول الديمقراطي التي بدأ مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في مصر إصدارها بدءًا من العام 1992، ويرصد فيها التقدم في مجموعة الحقوق السياسية والمدنية الأساسية داخل الدول العربية كل عام .
وتتصدر تقرير هذا العام الذي تنفرد إيلاف بنشره في حلقات، مقدمة كتبها المحرر الرئيسي للتقرير شريف منصور، اعتبر فيها أن عام 2004 مثل تحولا نوعيًا في قضية الديمقراطية والحريات في العالم العربي، فمن المحيط إلى الخليج أثبتت القوى الوطنية المعارضة قدرتها على تحدي السلطات الحاكمة بكل استبدادها وعنفوانها مستغلة الدعم المعنوي للتحول التاريخي في سياسة الدول الغربية عن مساندة حكام المنطقة وتبنيها دعوات متتالية للإصلاح بدأت منفردة، حيث أصدر كل منها مبادرته الخاصة على حدة ، ثم اتحدت في النهاية تحت مظلة الثمانية الكبار .
ومن المعلوم أن د. سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع السياسي الذي يرأس مجلس أمناء مركز ابن خلدون واجه سلسلة أزمات قضائية وتعرض للسجن وصدرت بحقه أحكام بالسجن، غير أن محكمة النقض، وهي أرفع المحاكم المصرية برأته من كافة الاتهامات، كما تعرض إبراهيم أيضاً لحملات تشويه حادة من قبل صحف محلية وقوى راديكالية مصرية، رغم تأكيداته أن كل ما بذله من جهود تأتي في إطار سعيه لتشجيع الديمقراطية والحقوق المدنية في مصر، كما احتجت واشنطن على محاكمته التي وصفتها جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بأنها محاولة لتلجيم المجتمع المدني الوليد، كما لوحت بمعارضة تقديم معونات إضافية لمصر التي تحصل بالفعل على ملياري دولار من المعونات الأميركية سنوياً.
وشملت التهم التي برئ إبراهيم منها الحصول على أموال من المفوضية الأوروبية بصورة غير قانونية لمراقبة الانتخابات البرلمانية، وتقديم رشاوى لتزوير وثائق رسمية، وتشويه سمعة مصر عبر تقارير حقوقية، في ما يتعلق بالعلاقات بين المسيحيين والمسلمين .
ويشمل هذا التقرير الأحدث من إصدارات مركز ابن خلدون، رصداً لعدد من المؤشرات المستخلصة من إجابات مجموعة من الأسئلة الخاصة بكل من المحاور التالية :
1- السلطة التنفيذية والتشريعية : يشمل هذا المحور الأول دراسة صلاحيات رئيس الدولة والمعاونيين له، ويطرح تساؤلات مثل : هل يحدث تداول للسلطة فيها؟، كما يتضمن أيضاً دراسة معالم السلطة التشريعية سواء من القوة أو النفوذ أو الاستقلالية، وهل رفضت مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة، أو عدلتها بصورة ملحوظة، وهل حجبت الثقة عن الحكومة أو عن أي من الوزراء، وهل عدّلت في الميزانية المقدمة من الحكومة ؟ .
2ـ استقلال القضاء والاعتقال : ويتضمن هذا المحور دراسة مدى استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية ، مدى عدالة المحاكمات ، خصوصا الاستثنائية منها، وإلى أي مدى يلجأ النظام لهذا النوع من المحاكمات ؟ وهل يمكن استئناف أحكامها ونقضها ؟ ما هي أحكام القانون التي تحكم حالات الاعتقال ـ وما الواقع الفعلي في تنفيذ القانون ،ما هي الفئة الأكثر تعرضاً للاعتقال؟ ما مدى احترام حقوق الإنسان والبعد عن التعذيب؟.
3- الانتخابات والأحزاب : ويبحث هذا المحور مدى نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية (البلدية والتشريعية والرئاسية) و نسبة المشاركة فيها، ومدى الحرية المتاحة للمعارضة في تنظيمها لحملاتها الدعائية ؟ مدى توافر المنافسة الحقيقية بين المرشحين؟. ثم دراسة فاعلية الأحزاب المختلفة داخل البلاد ، ومدى حريتها في الحركة.ومدى تأثيرها وفاعليتها في الشارع ، و نسبة المقاعد التي حصل عليها كل حزب في البرلمان ؟ والتنظيم القانوني لإنشاء الأحزاب أو الكيانات المشابهة في بعض الدول الخليجية ؟.
4ـ المجتمع المدني وحرية التنظيم : يبحث هذا المحور مدى ليبرالية القانون الذي يحكم تكوين الجمعيات؟وكيف تتعامل الحكومة مع الجمعيات التي تمارس نشاطها دون أن تحصل على تصريح؟ ما عدد الجمعيات؟وماهى اهتماماتها الرئيسية وما مدى تشجيع الدولة للمجتمع المدني. ثم دراسة النقابات المهنية والعمالية وبيان مدى حريتها في العمل – والقيود عليها ان وجدت .ومدى فاعليتها في المجتمع ، وتأثيرها علي الحكومة.
5- استقلال الإعلام وحرية التعبير : ما مدى تحكم الدولة في الإعلام ، ما مدى ليبرالية قوانين الإعلام والمطبوعات؟ هل يسمح بتكوين الصحف والقنوات التليفزيونية ؟ هل تحمى الدولة حرية التعبير للأفراد والمؤسسات ؟
6ـ حرية المرأة والمهمشين : ويتضمن هذا المحور دراسة مدى تمتع المرأة بحقوقها طبقاً للمواثيق الدولية ـ قانونيا وسياسياً واجتماعياً، ما نصيبها في قوة العمل و المناصب القيادية في الحكومة والقطاع الخاص؟ما مدى الدعم الذي يقدم للمرأة من الحكومة أو جمعيات المجتمع المدني تجاه مشاركتها في الحياة العامة والمساواة مع الرجل . ثم دراسة بعض الفئات المهمشة داخل المجتمع ، بالتعريف بهم وتوضيح أوجه التمييز ضدهم وهل يتحسن وضعهم أو يسوء.
7ـ الحرية الدينية : ويدرس هذا البند التوزيع الديني لطوائف المجتمع ، ووضع الدستور والقوانين المكملة له في مجال احترام الحرية الدينية وحرية الاعتقاد وممارسة الدعوة الدينية ، وماذا يتم على أرض الواقع من انتهاكات لها، ويشمل ذلك حرية التبشير والدعوة للأديان المختلفة ،وأخيرا بحث ما إذا كانت هناك قيود حكومية أو أمنية على بناء ونشاط الكيانات الدينية ودور العبادة، ثم يجري استخلاص إجابات هذه الأسئلة في تقديم تعليق مختصر حول اتجاه التحول الديمقراطي في كل دولة .
التعليقات