بشار دراغمة وخلف خلف من رام الله: "يجب على إسرائيل أن تغير موقفها من السلطة، من عدو إلى شريك، وإدخال طرف ثالث في الوساطة والرقابة والسير على المسارين الأمني والسياسي في آن واحد، وإلا بقيت العملية هشة وقابلة للانفجار في كل لحظة"، هذا ما أفادت مصادر إسرائيلية، وكانت في وقت سابق قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية لقد كنا في هذا الفيلم في السابق، رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون مع أو من دون تحذير من الولايات المتحدة، يقرر ضبط نفسه إزاء عملية أو إطلاق لصواريخ القسام، وجيش الدفاع يسحب قواته من موقع في إحدى المدن (بيت لحم، هل تذكرون؟) ويعيد للسلطة الفلسطينية المسؤولية عن كل عمل يُرتكب، بعد أسبوع أو اثنين أو شهر أو شهرين في أقصى الأحوال يقوم مقاوم أو صاروخ بالدخول إلى القدس المحتلة أو مستوطنة سديروت وتتكرر المعزوفة: "ليس من الممكن الاعتماد على الفلسطينيين، فمن الذي أعطاهم البنادق؟"، صاروخ القسام التالي الذي يسقط فوق أراضي النقب يتمخض عن سطر جديد: "أبو مازن وأبو عمار - سِيان"، السؤال الوحيد هو أي وزير / عضو كنيست سيكون أول من يشتكي بأن السلطة قد استغلت طيبة قلبنا وحولت شرطتها الى ترس واق لحماس.
وعلى حد تعبير مراسل صحيفة هآرتس فان هذه العبارات لم تكتب لتقلل من أهمية التطور الأخير في شمال القطاع، أو التقليل من فرحة سكان سديروت وبيت حانون الذين ألم بهم الفزع والموت، التنسيق الأمني من جهة والجهود الفلسطينية الساعية الى فرض النظام في المناطق من جهة أخرى هي أخبار جيدة بحد ذاتها. ولهذا السبب تحديدا يجدر بذل كل الجهود حتى لا يحولها آخر القتلة إلى وميض عابر،الى جانب سياسة ضبط النفس وقبل القيام باللفتات والمبادرات الايجابية مثل اطلاق سراح السجناء يتوجب تغيير وتعديل الموقف الأساسي من السلطة الفلسطينية.
وتقول مصادر إسرائيلية إن قرار الحكومة الصادر في الرابع عشر من كانون الاول(ديسمبر) 2001 الذي قرر بأن السلطة برئاسة ياسر عرفات كانت "سلطة داعمة للارهاب" ما زال على حاله، إسرائيل التي تطوعت وبذلت جهودها ضد كل طرف يؤيد "الارهاب" والسلطة الفلسطينية ما زالت بصورة رسمية في حالة حرب.
وتضيف الصحيفة الإسرائيلية أن تكريس اعتبار السلطة الوطنية كيانا معاديا يؤثر على قادة جيش الدفاع ويصل إلى وعي وإدراك آخر جندي إسرائيلي، النظر الى الفلسطينيين من خلف فوهة البندقية يؤثر على قرب الإصبع من الضغط على الزناد. اعتبار السكان المدنيين الفلسطينيين كتلة سكانية داعمة "للإرهاب" (الادعاء الذي دحضته ونفته الاستطلاعات) تحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، لهذا السبب وحده ليست لإسرائيل مصلحة في أن يتحول محمود عباس في نظر سكان المناطق الى مقاول ثانوي "للشباك" والرقابة العسكرية.
وتسهب الصحيفة بالقول من الغريب أن لا يطالب نائب رئيس الوزراء الذي حظي بجائزة نوبل للسلام بفضل اتفاق الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وم.ت.ف باستبدال ذلك القرار الذي وُلد في أيام عرفات وتجديد الاعتراف الرسمي بالسلطة كشريك للسلام، يتوجب نفض الغبار عن خيار اسحق رابين الذي اقتبسه عن بن غوريون إبان العهد البريطاني حسب مبدأ: "وجوب مكافحة "الارهاب" وكأن عملية السلام غير قائمة، ومواصلة عملية السلام وكأن "الإرهاب" غير موجود"، رابين لم يعبر بذلك عن استعداده للتفاوض مع "الارهابيين"، هو رفض بذلك إعطاءهم فرصة وإمكانية لتخريب جهود السلام. صيغته فقدت مفعولها عندما تبين أن عرفات يغض البصر ويغمز الأطراف العنيفة هنا وهناك.
وتقول المصادر الإسرائيلية انه ليست لدى الجهات الأمنية أي أدلة على ان أبا مازن يسير في هذه المسألة خلف سلفه، وان قلبه ولسانه ليسا على حال واحد في كل ما يتعلق بمساعيه الى فرض وقف اطلاق النار.
وانه ليس هناك سبب ظاهر للعيان، وفقا لذلك، لعدم اعلان الحكومة لاستئناف المفاوضات السياسية الى جانب تجديد التنسيق الأمني. لا مناص في ظل غياب الثقة المتبادلة من مساعدة طرف ثالث في عملية الرقابة والمتابعة والوساطة والتوجيه وآلية لحل النزاعات وتسويتها.
ونقلت الصحافة الإسرائيلية اليوم أن إسرائيل لا تستطيع أن تكون طرفا في الصراع وقاضيا في الوقت نفسه ومنفذا بعد القسام المقبل، لهذا السبب تقرر أن يبدأ "ممثلو الرباعية الدولية بالرقابة غير الرسمية، وان يتشاوروا مع الأطراف لإنشاء آلية رقابة رسمية... وتطبيق الخطة الأميركية لإعادة البناء والتوجيه واستئناف خطة التعاون الأمني بالتعاون مع مجلس رقابة خارجي (أميركا ومصر والأردن) في إطار المساعي للتوصل إلى وقف إطلاق متواصل وشامل للنار"، هذه العبارات المقتبسة أُخذت من خريطة الطريق الساعية الى تجسيد حل الدولتين كما طرحه بوش. طالما كان بامكان آخر المقاومين أن يؤثر على الواقع على الأرض أكثر من الشخص الأقوى في العالم، فإن هذه الرؤية للحل ليست أكثر من وهم وسراب.