صدام الدولة والجماعة مستمر والخطوط الحمراء ماثلة
اعتقال 9 من قادة الاخوان المسلمين في مصر

نبيل شـرف الدين من القاهرة: في أحدث حملة حكومية من نوعها على العناصر النشطة حركياً في جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة رسمياً في مصر، قررت الليلة الماضية نيابة أمن الدولة العليا المصرية حبس تسعة من قيادات الجماعة بمحافظة الشرقية بتهمة الانضمام إلى صفوف جماعة "محظورة"، ومحاولة احياء نشاط التنظيم، والسعي إلى تجنيد عناصر جديدة لعضوية الجماعة، واستغلال القضايا المحلية والاقليمية والدولية لمحاولة الإساءة إلى الحكومة القائمة في البلاد، والإيحاء بتخاذلها عن نصرة الشعب الفلسطيني، وتقاعس المسؤولين عن حل مشاكل الجماهير .
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة المصرية تسمح للإخوان المسلمين بمساحة محسوبة بدقة في الحركة والانتشار، ضمن خطوط حمراء لا تتجاوزها الجماعة، و في نفس الوقت تتعرض الجماعة لحملات اعتقال من فترة لأخرى ضد العناصر الحركية النشطة، دون أن تمس رموز الجماعة وشيوخها الكبار، ولا المقر "شبه المعلن"، الذي يقع في قلب العاصمة المصرية بحي "الروضة" .
ووفقاً لمصادر قضائية مصرية تحدثت إلى (إيلاف)، فقد ألقت قوات الأمن القبض على القادة التسعة وهم طبيبان ومهندسان وأستاذ جامعي وأربعة موظفين، وقال بيان لجماعة الإخوان المسلمين إن "أجهزة الأمن المصرية داهمت فجر اليوم الاثنين منازل تسعة من قيادات جماعة الاخوان المسلمين بمحافظة الشرقية وقامت بتفتيشها ومصادرة أعداد كبيرة من الكتب والمطبوعات وأجهزة الكمبيوتر الشخصية الخاصة بهم"، وقد واجهت النيابة العامة الموقوفين بالمضبوطات التي أحالتها المباحث مع أوراق القضية، وهي تشتمل على اسطوانات مدمجة، وكتبا وصفت رسمياً بأنها تتضمن "تحريضاً لصالح فكر الجماعة المحظورة "، اضافة الى بعض المنشورات .
وتشهد العلاقات بين الحكومة المصرية والجماعة المحظورة توترًا خلال السنوات الماضية، وصل إلى ذروته خلال الانتخابات البرلمانية في مدينة الإسكندرية الساحلية، التي كانت (الاخوان) قد رشحت اثنين من رموز الجماعة احدهما هي السيدة جيهان الحلفاوي ووقع صدام بين ناخبي (الاخوان) وقوات الأمن خارج لجان الاقتراع، واعتقلت الشرطة حينئذ 101 شخصاً، وأحالتهم على النيابة التي قررت حبسهم بعدما وجهت لهم تهماً تتعلق بـ"جمع تبرعات من المواطنين تحت ستار استخدامها في أعمال انشائية وانفاقها على النشاط التنظيمي للجماعة وبث دعايات مغرضة والاساءة إلى الحكومة القائمة في البلاد وإثارة الجماهير" .
ويرى مراقبون مصريون أن الخطورة الحقيقية لجماعة "الإخوان المسلمين" تكمن في البدائل الواسعة لقياداتها وناشطيها، وأن اختفاء أي منهم من ساحة العمل لن يؤثر على قدرة التنظيم على الاستمرار، كما أن مبادئ التنظيم مرنة لدرجة يصعب معها حصر مبادئ التنظيم في عدد قليل من العناوين العريضة، لافتين إلى أن هذه الجماعة تعتمد بصفة أساسية على منطق "براغماتي"، يؤهلها للمزيد من المرونة في التعاطي مع الأحداث، ومجاراة الأوضاع الراهنة والظروف القائمة، وأنه يبدو في بعض الأحيان علي استعداد لتأييد النظام السياسي القائم، دون أن يتخلى عن هدفه الأساسي في السعي إلي السلطة ببطء وإصرار، الأمر الذي قد يمكنه خلال نحو عقدين من الزمن من الوصول الفعلي للسلطة في العديد من البلدان، خاصة أن الإخوان يعتمدون علي اساليب التنشئة السياسية، مما يتطلب مواجهة الفكر الإخواني في التعامل هذا التنظيم حتي لا تكون أفكاره مرتعا للانتشار في شرائح أوسع، لكونه أكثر التنظيمات الدينية ذكاء وخطورة، ويمتاز بالتسلسل الهرمي الصارم، وتنظيم الفروع والشعب، والدقة في التخطيط لأجندته وخططه، كما لا ينبغي تجاهل حقيقة أنه نجح عدة مرات في التسلل إلى السلطة، وامتطاء أحزاب سياسية في عدة بلدان بالمنطقة، ربما كان آخرها هو السودان .