نبيل شرف الدين من القاهرة: في مسعى عاجل يستهدف احتواء أزمة القضاة المصريين قبل تفاقمها على نحو من شأنه أن يضع الحكومة في مأزق، إثر تصاعد مطالبات القضاة بإدراج مجلس الشعب (البرلمان) المصري اقتراحاً بمشروع قانون بتعديل قانون السلطة القضائية قدمه أحد النواب المستقلين على جدول اجتماع لجنة الاقتراحات والشكاوى في البرلمان لمناقشته مساء اليوم، وطلب توجيه الدعوة إلى وزير العدل المصري المستشار محمود أبو الليل للإدلاء برأيه حول هذا المشروع، وسط توقعات بمواجهة ساخنة بين السلطتين التشريعية والقضائية بشكل غير مسبوق في الساحتين السياسية والبرلمانية المصرية.
في غضون ذلك بدأت وزارة العدل المصرية تعليمات جمع توقيعات من القضاة بالموافقة على الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وهي الخطوة التي أثارت حفيظة قطاع عريض من القضاة الذين أكدوا أنها سابقة لم تحدث من قبل، واعتبروا أنها تشكل إجهاضا لمطالبهم بإقرار مشروع قانون إصلاح السلطة القضائية، وقد تحفظ أغلب القضاة على التوقيع، حيث رفض بعضهم، وعلق البعض موافقته على ضرورة الإشراف الكامل على العملية الانتخابية، بينما رأى فريق ثالث رفع مذكرة يرفض فيها هذا الأسلوب، معتبرين أنه تدخل حكومي صريح في أعمال السلطة القضائية واستقلالها.
جمع توقيعات
وفي البرلمان طلب النائب عبد المنعم العليمي مقدم المشروع ضرورة استطلاع رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية ونادي القضاة، في ما وصفه المراقبون بأنه محاولة لتجنب الصدام مع السلطة القضائية والحرص على استطلاع رأيهم في المشروع قبل البت في إجراءات إصداره حتى يكون متوافقا مع تطلعاتهم، وقال النائب إنه استخدم حقه الدستوري كنائب في البرلمان في تقديم الاقتراح بمشروع القانون، مؤكداً أنه يتجاوز حدود سلطاته الدستورية، وأن مشروعه يتوافق في أكثر من 80 في المئة من مواده مع مشروع قانون سبق أن أعده المجلس الأعلى للقضاء وان الخلافات بين المشروعين لا تعدو أن تكون حول بعض الشكليات، وأنها لا تمس جوهر التعديلات المطروحة"، على حد تعبيره .
من جهته قال المستشار هشام البسطويسي، نائب رئيس محكمة النقض، وهي أرفع المحاكم المصرية، إن وزارة العدل حاولت من قبل تعطيل المشروع من خلال قيام عدة لجان ببحثه دون الموافقة عليه، وأكد أن الحكومة تحاول بذلك بث الفرق بين القضاة من خلال جمع التوقيعات المذكورة، وفي الوقت نفسه تفضح نفسها وتدلل على عدالة مطالب القضاة.
أما المستشار محمود رضا الخضيري، رئيس نادي قضاة الإسكندرية، فقد اعتبر أن "ما قامت به وزارة العدل عمل غير لائق، ومحاولة للضغط على القضاة"، مؤكداً أن "الظروف الحالية لن تتغير بهذه البساطة"، على حد تعبيره .
جولات الوزير
تجدر الإشارة إلى أن نحو 1500 من قضاة مصر قد ضغطوا لنيل استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ضمانا لإشراف قضائي كامل على انتخابات الرئاسة التي ستجري بين أكثر من مرشح في أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو ما تدعو إليه كافة الأحزاب والقوى السياسية المصرية، بضرورة الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وكان الإشراف القضائي على جميع اللجان الانتخابية قد بدأ في انتخابات البرلمان في العام 2000، لكن مرشحين قالوا إن هناك ممارسات مخالفة للقانون تقع خارج اللجان لا تصل إلى علم القضاة المشرفين على الانتخابات.
أما المستشار محمود أبو الليل، وزير العدل المصري فقد أعلن أن العمليات الانتخابية هذا العام ستشهد زيادة في إعداد رجال القضاء المشرفين عليها، بانضمام المستشارين إلى زملائهم من رؤساء المحاكم والقضاة، وأعضاء النيابة وباقي الهيئات القضائية، مؤكداً ثقته بأن الإشراف القضائي سيتم ولن يتخلف أحد منهم عن أداء واجبه الذي يفرضه الدستور.
واستبعد الوزير صحة ما أعلن حول توجه البعض لطلب اعفائهم من القيام بهذه الالتزامات وفرض شروط معينة، موضحاً أنه يستند في ذلك إلى لقاءاته الميدانية مع كافة أعضاء الهيئات القضائية، موضحاً أن اللجنة العليا التي قرر تشكيلها برئاسة مساعده وتضم ممثلين عن نادي القضاة لبحث قانون السلطة القضائية تكثف اجتماعاتها للانتهاء من بحث التعديلات المقترحة على القانون للوصول الى صياغة قانونية محكمة تتجنب أي تعديلات مستقبلا، وأعرب عن أمله في أن يصل مشروع القانون إلى البرلمان بعد استكمال الإجراءات الدستورية المقررة.
التعليقات