أيان هيرسي علي تشغل الساسة والمواطنين
سحب الجنسية من النائبة الهولندية الصومالية الأصل
عبد الرحمن الماجدي من امستردام: في تطورات دراماتيكية مفاجئة شهدتها الايام الخمسة الماضية، تحولت النائبة الهولندية من اصل صومالي أيان هيرسي علي ضحية تدافع عن نفسها لدرء ما يتساقط عليها وعلى حزبها الاتحاد الليبرالي المحافظ من أخبار صاعقة عبر الاعلام الذي نجحت الى حدود كبيرة في الإفادة منه سابقاً لإيصال ما تريد كشفه وإبراز نفسها مرتدة عن الاسلام وداعية إلى تحريض النساء المسلمات على التمرد على حياتهن التي تدور في فلك الاضطهاد والمبنية على اسس دينية بالية كما تردد باستمرار. وكانت سرقت الاضواء في كل هولندا منذ دخولها البرلمان نائبة عن الاتحاد الليبرالي اليميني الذي انضمت اليه وفق صفقة سياسية بعدما تركت حزبها السابق، حزب العمل اليساري. وكان لتصريحات أيان ومبادراتها المثيرة والنارية دور في تأجيج موجة العداء ضدها من قبل عدد ليس بالقليل من أبناء الجالية الاسلامية في هولندا (مليون نسمة). فقد اعلنت مراراً عداءها للإسلام وفتحت حوارات موسعة داخل البرلمان من أجل التضييق على المهاجرين السلبيين خاصة المسلمين الذين يتخذون من هولندا مكانا لعيشهم فيما ينحازون إلى مكان آخر. وساهمت اقتراحاتها المتكررة داخل وخارج البرلمان الهولندي في تشريع قوانين ضيقت الى حد كبير على القادمين الجدد لهولندا بما في ذلك فرض تعلم اللغة الهولندية قبل القدوم إلى هولندا واقتراح مشاهدة الآتي من خارج أوروبا فيلماً يحوي مشاهد عري ليعرف المهاجر المكان الذي يأتي اليه ويكون مستعدا للتأقلم معه.
فيلم quot;الخضوعquot;
وكان المخرج الهولندي تيو فان خوغ قتل بسبب اخراجه فيلما كتبت هيرسي علي السيناريو فيه حول اضطهاد النساء المسلمات وظهرت فيه نساء عاريات كتبت آيات من القرآن على اجسادهن مع اثر الضرب المبرح من قبل ذويهن. وقد تلقت مع فان خوغ عشرات الرسائل التهديدية بالقتل قبل أن ينفذ التهديد في المخرج هولندي مسلم من اصل مغربي اسمه محمد بويري عام 2004 وقد تبين أنه يتعاطف مع تنظيم القاعدة وزعيمه اسامة بن لادن، وهو يمضي عقوبة السجن مدى الحياة في هولندا. وتسبب الحادث بعشرات الاعتداءات ضد مساجد ومدارس اسلامية في عموم هولندا.
ومنذ ذلك الوقت شُددت الحراسة على ايان هيرسي علي وتم اسكانها في مكان غير معلن الى ان عاودت الظهور بعد اشهر لتعاود انتقاداتها ومجاهرتها بارتدادها عن الاسلام وعلمانيتها كداعية ليبرالية تهتم بالنساء المضطهدات، وتصر على انجاز الاجزاء المتبقية من فيلم quot;الخضوعquot; الذي زادها مقتل مخرجه السابق فان خوغ إصراراً على انجازه كما قالت.
سيف ذو حدين
ولكن لم يدر بعلمها ان ماضيها الذي هربت منه صوب هولندا عام 1992 وبتفاصيله الحقيقية وغير الحقيقية التي نالت بواسطتها اللجوء السياسي في هولندا سيلاحقها عبر الاعلام الذي عشقته وعشقها كمادة مثيرة ، فكان ان اسقطها بالسرعة ذاتها التي رفعها نحو الاعالي نجمة افريقية شابة (مواليد 1969) امتطت صهوة السياسة وحققت من الشهرة ما لم يحققه كبار الساسة الهولنديين خلال فترة عضويتها في البرلمان.
اذ عرض التلفزيون الهولندي مساء الخميس الماضي تحقيقا عن حياتها السابقة مع لقاءات مع افراد من عائلتها اكدوا خلالها ان ما كانت تكرره حول قصة لجوئها إلى هولندا ليست حقيقية تماما. فهي اخبرت المحققين ابان طلبها اللجوء انها هاربة من زواج اجباري برجل اكبر منها بكثير ومن اضطهاد والدها لها وللأسرة ومن الختان. كما انها قدمت تاريخا لميلادها غير الحقيقي (1967 بدل الحقيقي 1969) الذي ابلغ به ذويها البرنامج الهولندي، والاهم انها لم تخبر المحققين بانها كانت حاصلة على اللجوء في كينيا مع اسرتها لفترة 12 عاما قبل قدومها لهولندا ولم تكن كنيتها quot;عليquot; بل quot;ماغانquot;.
وشكلت هذه المعلومات الصاعقة شرارة شغلت وما زالت فضول الهولنديين طوال الايام الخمسة الماضية، وهي تتصاعد باخبارها الاولى حول ايان هيرسي علي التي عقدت مؤتمرا صحافيا نقله التلفزيون على الهواء مع زعيم حزبها السيد زالم الذي قال انه فوجئ بقرار زميلتهما في الحزب وزيرة الهجرة ريتا فيردونك سحب الجنسية من ايان، وترتب على ذلك استقالتها من الحزب والبرلمان لتعلن انها ستغادر هولندا الى اميركا ملبية العرض المقدم لها في معهد quot;ثنك تانكquot; القريب من اليمين المحافظ. واخبرت هي أنها تركت منزلها المحمي بعناية بسبب شعور الجيران بالخوف من جارتهم المثيرة للجدل. لكنها كانت تتحدث عن هولندا في مؤتمرها الصحافي بهدوء كبلدها (ons land بلدنا ) حين تشير إليه في حديثها الذي كان مثيرا ومؤثرا في الوقت ذاته في الهولنديين وحتى في مخالفيها من اليساريين.
وكتب خبير شؤون الشرق الاوسط في الاذاعة الهولندية بيرتوس هندريكس في مقال عنوانه quot; وداع أيان هيرسي عليquot; قائلا إن quot;ثمة شعورا متناقضاً هنا، فمع الإعجاب الذي خيم اليوم في هولندا هناك شعور بالخجل؛ الخجل لخلو بلد مثل هولندا من مكان لامرأة مختلفة في شكل مثير. فإن كنت تشاركها آراءها أو ترفضها كلها أو جزءا منها، فذاك يمكن تفنيده فوزا أو خسارة من خلال مناظرة مفتوحة، لكن ليس بطردها... فهذا البلد وجد ما يمكن وصفه بـ(التغاضي) عن مشاكل تعاطي المخدرات، وشرع قانون الموت الرحيم، وعجز عن التفكير بحل يمنع سحب جواز سفر quot;إيان هيرسي عليquot;. إن ذلك دليل على بؤس السياسةquot;.
جلسة عاصفة
البرلمان الهولندي الذي غادرته ايان عقد جلسة عاصفة ليلة امس الثلاثاء استجوب فيها وزيرة الهجرة ريتا فيردونك وحاصرها الأعضاء اليساريون خاصة عن سبب سرعة نتيجة قرارها بسحب الجنسية من أيان هيرسي علي ، في حين أنه في حالات مشابهة لحالتها يتأخر صدور القرار أسابيع ولا يصدر في يومين فقط. فتحججت الوزيرة بانها تطبق القانون الذي لايفرق بين لاجئ جديد وعضو برلمان ان ثبت انه قدم معلومات كاذبة في قصة لجوئه كما ينص القانون. لكن ايان كانت اخبرت زميلتها في الحزب الوزيرة فيردونك عدة مرات انها كذبت في قصة لجوئها. وهذا ما حاجج به النواب الهولنديون الوزيرة. ومهما يكن الأمر، لا شك أن مستقبل ايان هيرسي علي السياسي في هولندا قد انتهى، وما كان المؤتمر الصحافي نهار امس الا حفل وداع لها دون ان تعلن انسحابها من طموحها، والمعلن من افكارها، اذ قالت بثقة انها ستغادر البرلمان انما الاسئلة التي فتحت بابها ستبقى ماثلة.
التعليقات