حيث الكلمة سلاح في زمن لغة السلاح
إيلاف تختتم ملف الحريات الصحفية في العالم العربي
انجازات بمبادرات حكومية.. الاعلام الخليجي تاج الدين عبد الحق |
الأردن: إعلام يترنح بين رانيا تادرس |
اليمن: وزراة الإعلام سيف عزت مصطفى |
الشافعي لـ quot;إيلافquot;: ممارسات ايمن بن التهامي |
المغرب: إعلام في مواجهة احمد نجيم |
من أين يستقي بهية مارديني |
الصحافة المصرية نبيل شرف الدين |
الحرية أكذوبة.. جازية روابحي |
قوانين حرية الإعلام العراقي اسامة مهدي |
إسرائيل والسلاح الفلسطيني اسامة العيسة |
صحافيّو البحرين مهند سليمان |
صحافتنا تفتقد الامان فهد سعود |
فلتان إعلامي عماد الدين رائف |
ريما زهار |
الحريات الصحافية القطرية تاج الدين عبد الحق |
نسرين عزالدين- إيلاف: تعددت النظريات وإختلفت المقاربات، بعضها غاص أكثر مما يجب في فلسفة المفهوم والبعض الآخر اخذه كما هو على بساطته وإقتنع به. إنها الحرية، الكلمة والمفهوم والفعل. يقال أن بين الحرية والتبعية خيطا رفيعا متداخلا ومتشابكا، فلا حرية مطلقة ولا تبعية مناقضة، فالتبعية تتدرج من الحرية ، وتمارس quot;بكل حريةquot; تحت سقفها. أن يكون الإنسان حرا يعني أن يمتلك إرادة حرة تمكنه من إختيار واحدا من خيارات عدة ممنوحة له من قبل الآخرين، وبالتالي يشعر هذا الإنسان بالرضى عن نفسه لكونه مارس حقه في الإختيار. إذا هو شعور ظرفي ينبع من ظروف إجتماعية وفيزيولوجية وفكرية. وبما أن تصرفات الإنسان غالبا ما تكون سهلة التنبؤ بها في حال تمت دراسة الظروف المادية والإجتماعية والثقافية إضافة إلى العناصر والتفاعلات. .فان مقولة quot;أنا انسان حرquot; غير صحيحة بشكل كلي. وهكذا يبدو مفهوم الحرية فضفاضا ومحكوما بإعتبارات عدة ، فالانسان حر ضمن لياقات وعادات وتقاليد وقوانين وخيارات.
وان كانت الحرية المطلقة تدور في حلقة مفرغة، فان الحريات المتفرعة عنها تبدو مبهمة بشكل اكثر حدة. حرية التعبير، حرية التكلم ، حرية التصرف ، حرية الاختيار، حرية الكتابة ، حرية الفعل، حرية التظاهر، حرية الانتماء للاحزاب .. الحريات الدينية وغيرها. يرى البعض ان هذه الحريات هي اساس الديموقراطية، ويرى البعض الاخر ان الديموقراطية هي الاساس وليس العكس. الديموقراطية تعني حكم الشعب، لكن الشعوب محكومة بقوانين ترعاها احيانا وتقمعها في احيان اخرى. هذه القوانين الضرورية لمنع الفوضى، تبدو كما الحرية، مثالية من الناحية النظرية، اما من الناحية التطبيقية فانها لا تبدو فقط اقل جمالا بل مشوهة ودميمة.
.. ولان الصحافة من الناحية النظرية هي سلطة رابعة وجهة قادرة على تصويب الاخطاء وفضح الفساد والخروقات ولانها كلمة وفعل ديموقراطي تعمل ضمن اطار القوانين .. ولانها فعل حر هدفه الحفاظ على الحرية كان النقاش في الشق التطبيقي لهذه الحريات الصحافية. إيلاف فتحت وعلى مدى اكثر من اسبوعين ملف الحريات الصحفية في العالم العربي في ظل القوانين التي ترعاها وتحكمها وتقمعها منطلقة من مفهوم quot;الحرية الظرفيةquot; المحكومة بالقوانين، لتدخل في نقاش حول دور المؤسسات التي من المفترض ان ترعى الحريات ودور الافراد العاملين في قطاع الصحافة وحريتهم ضمن الخيارات الممنوحة لهم في اطار قوانين تحد من حريتهم. وحاولت تقارير المراسلين عرض صورة الاوضاع للحريات الصحافية، وهي وان اختلفت خصوصياتها المرتبطة بخصوصية كل بلد، فقد اجمعت على وجود ازمة في الحريات الاعلامية وفي قوانينها وفي وزارت اعلامها.
من الامارات كانت الانطلاقة مع مراسلنا تاج الدين عبد الحق الذي قدم لنا قراءة مفصلة للحريات الصحافية في الامارات .الحريات ما زالت تمنح ولا تنتزع من هنا انطلاق مراسلنا الى تفصيل قرار الغاء وزراة الاعلام وقرار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات حاكم دبي بمنع حبس الصحافيين، انشاء المدن الاعلامية والمناطق الاعلامية الحرة ليصل الى القيود التي ما تزال الدولة تفرضها على الصحافة الداخلية ان من ناحية التراخيص ومحدودية تأثير عمل جمعية الصحافيين. والنتيجة ان الانجازات التي تحققت لم تلغ سيطرة الحكومة شبه الكاملة ، لا بل رسخت خطا احمر يمنع تجاوزه باي شكل من الاشكال الا وهو انتقاد المؤسسات الحكومية او ما يرتبط بها. ووسط هذه الانجازات والمحظورات ، لا يبدو الجسم الصحفي الاماراتي متململا وان كان غير راض بشكل كلي عن quot;الوضع العام للحريات quot;.
اما الاردن فتبدو مشكلة الحريات فيه مختلفة عن الامارات وان تلاقت معه في نقاط محددة خصوصا في مجالي الرقابة والخطوط الحمراء وتملك الدولة للعديد من المؤسسات الصحافية . تكمن مشكلة الاردن الرئيسية في تعدد المرجعيات بعد قرار الملك عبد الله الغاء وزراة الاعلام عام 2003 وعليه وجدت المؤسسات الاعلامية نفسها محكومة لمتغيرات تفرضها الرقابة اضافة الى قرارات حكومية وتعدد القوانين؛ اذ هناك قانون حول حرية التعبير والصحافة وقانون المطبوعات والنشر، وقانون للعقوبات، وقانون لمحكمة أمن الدولة.
مراسلتنا رانيا تادرسوفي تقريرها، قدمت عينة من اراء العاملين في المهنة بالقوانين التي تسير اعمالهم وتحكمهم وتشجعهم احيانا وترغمهم على التراجع في احيان اخرى. يرى الاعلاميون الاردنيون في عادات المجتمع عقبة اساسية تفرض رقابة من نوع quot;غير حكومي رسميquot; اضافة الى quot;الدخلاءquot; على المهنة الذين لا يعرفون لا حقوقهم ولا واجباتهم. ولعل المشكلة الاكثر خطورة تكمن في عدم امكانية الحصول على المعلومات من خلال اخفائها ومنع الصحافيين من الحصول عليها.
وان كانت مشكلة الاردن تكمن في الغاء وزراة الاعلام وتعدد المرجعيات فان مشكلة اليمن هي النقيض تماما حيث تقوم الوزراة بدور مكمم الافواه وممارسة دور الاب المتسلط . مراسلناعزت مصطفىينقل لنا نقاش قانونيين واعلاميين حول جدوى وزراة الاعلام ، فهم يتفقون من حيث المبدأ على الدور السلبي الذي تلعبه وزراة الرقابة وسجن الصحافيين وملاحقتهم لكنهم يختلفون في ضرورة الغائها. وبين رأي مطالب بالغاء واخر بالاصلاح تبقى الصحافة اليمنية اسيرة وزراء تسير وفق رغبات الدولة وقانون يرغم الصحافي على اخذ الاذن قبل النشر. وتضع المؤسسات الصحافية على محك الاقفال او الملاحقة القانونية والسجن.
الصحافة المغربية في خطر، عنوان عريض يختصر وضع الحريات في المغرب. وفي حلقتين منفصلتين يستعرض مراسلانا أيمن بن التهاميواحمد نجيم التطورات الاخيرة التي طرأت على الساحة المغربية ووضعتها في حالة حرجة وحاسمة في ظل محاكمة عدد من الصحافيين والصحف بتهم توزعت بين تهديد أمن الدولة والمساس بالمقدسات ونشر أخبار زائفة.
في الجزء الاول والذي هو عبارة عن مقابلة مع رئيس المرصد المغربي للحريات العامة مصطفى الشافعي يدور النقاش حول قانون المطبوعات والملاحقات القانونية ومستقبل الصحافة المغربية في ظل هذه الحيثيات. ويرى الشافعي ان قانون الصحافة لا يرضي أحدا حتى الدولة مطالبا بالغاء القوانين التي تجيز سجن الصحافيين معتبرا ان مشروع القانون الجديد يحتوي على صيغ عامة تؤدي لتأويل الفخ، ويمكن أن تسقط السلطات الإدارية والقضاء في منزلقات خطرة.
اما الجزء الثاني فيستكمل النقاش في مشروع القانون الجديد الذي انتقدته الجمعيات الحقوقية معتبرة ان اجزاء منه تحد من حرية التعبير التي تتمتع بها الصحافة ووصفته بالكارثي بينما وصفته الدولة quot;بالتاريخيquot;. وفي ظل شعار quot;منع المس بالمقدساتquot; تستمر الملاحقات القانونية وارغام الصحافيين الكشف عن مصادرهم وحق الحصول على المعلومات وتبقى الصحافة المغربية اسيرة شعار فضفاض يحتمل الكثير والكثير من المقدسات التي يمنع مسها.
ومن سوريا كان التقرير ميدانيا لمراسلتنا بهية مارديني التي استطلعت اراء عينة من السوريين حول مصادر استقائهم للخبر في ظل ازمة ثقة بين الشعب والوسائل الاعلامية السورية المحكومة باعتبارات الرقابة والحجب والتغطية الحصرية لنشاطات الدولة. اجمعت الاراء على ضرورة الإصلاح الجذري في مقاربة الاعلام السوري للمواضيع والاخبار كي لا يلجأ المواطن الى وسائل اعلام quot;اجنبية quot; لمتابعة اخبار بلاده.
quot;مصر تعيش اجواء الحروب الاهليةquot;، هكذا ينطلق مراسلنا نبيل شرف الدين لعرض وضع الحريات في مصر في ظل انقسام حاد بين صحافة السلطة والمعارضة، ناهيك عن الملاحقات القانونية وعقوبات الحبس التي تطال الصحافيين. تدور في مصر ام المعارك حيث يواجه الصحافي بشكل مستمر الدعاوى والسجن والملاحقات في حال انتقد السلطة الحاكمة، لكن الانتقاد لا يتوقف عن هذا الحد بل ظهرت ظاهرة اخرى وهي انتقاد الصحافيين لبعضهم البعض على صفحات الجرائد التي تحولت الى مؤسسات تجارية يمتلكها تجار ورجال اعمال.
تقدم مراسلتنا جازية روابحي من الجزائر مقابلة ساخنة مع احد رواد الصحافة الجزائرية سهيل الخالدي الذي فتح النار على كل المؤسسات الرقابية العربية والمسؤولين والحكام معتبرا ان كلام الجرائد هو ارذل انواع الكلام. وعن الصحافة الجزائرية التي تسمح قوانينها بملاحقة وحبس وتغريم الصحافيين فيقول الخالدي ان الصحافي الجزائري لا يملك المبادرة، انه ما زال ينتظر أن يأتيه الفاكس ليقوم بتغطية أي حدث وقلّما تجد صحافيا ينفرد. بدليل عنواين الصحف كلها متشابهة. وعن وزرات الاعلام فيرى انها لا تستطيع ان تعطي ما لا تملك، فالحرية ليست ملكها كي تمنحها للصحافيين.
تفرض خصوصية الوضع في العراق نفسها على صحافته ، فيعرض مراسلنا اسامة مهدي واقع صحافيين ينعمون بقانون اعلامي عادل ويسقطون ضحايا رصاص الارهاب إضافة إلى تدخل القوات الأميركية في توجيه بعض الصحف المحلية من خلال إعلانات مدفوعة لنشر مقالات تمتدح وجودها في العراق. خصوصية العراق تنسحب ايضا على فلسطين التي تعيش انقسام داخلي وحصار اسرائيلي ، وقدم مراسلنا اسامة العيسة صورة الحريات الصحافية الفلسطينية المحشورة بين الجيش الاسرائيلي من جهة وبين الانقسام على الذات وانتقائية تطبيق القوانين من جهة اخرى.
اما البحرين فتعيش اجواءا منقسمة وسط دعم ملكي ومطالبات نواب بتشريع حبس الصحافيين . مراسلنا مهند سليمان حاول في تقريره الوقوف على خلفيات مطالبات سجن الصحافيين وتداعياتها على الحريات في ظل تاجيل البت في ملف مصيري وهو قانون الصحافة والنشر.
وعلى الرغم من خصوصية سعودية ايضا تحكم الاعلام، الان ان مراسلنافهد سعود قدم نقاشا حول مفهوم الصحافي الحر في السعودية متناولا التغيرات الاخيرة التي طرأت على الساحة السعودية وانعشت الحريات الصحفية رغم التدخلات العديدة بين حين واخر. وفي حديثه مع امين عام هيئة الصحافيين السعوديين حول دور هذه الهيئة التي تتعرض لكثير من النقد طرح العديد من النقاط مساحة الحرية الممنوحة حديثا ودور هذه الهيئة وما تقدمه للصحافيين.
للبنان المشتعل مؤخرا باحداثه السياسية والامنية المتتالية اعلام منقسم تحكمه الاعتبارات السياسية والطائفية والحزبية. في الجزء الاول تناول مراسلناعماد الدين رائف الشق النظري حيث تطرق الى الفلتان الذي تشهده المحطات الاعلامية ان من ناحية عدم التزامها بالقانون او من ناحية لغة التخاطب الاعلامي. كما اورد تعرض صحافيين للاعتداء بسبب انتمائهم لمحطة تابعة لحزب ما او محسوبة على جهة ما.
في الجزء الثاني تحاور مراسلتنا ريما زهارأمين سر المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع، ومدير تحرير صحيفة الانوار فؤاد دعبول حول دور وزارة الاعلام في ظل الانقسام الذي تشهده البلاد.
اما في الحلقة الاخيرة من ملفنا فيقدم مراسلنا تاج الدين عبد الحق تقريرا خاصا من الدوحة عن الاعلام القطري الذي وان شهد انتعاشا من ناحية الحريات الممنوحة له الا انه عاد الى حضن الاسرة الحاكمة التي تمتلك حصة الاسد من الصحف. كما يتطرق الى مقارنة بين الحريات الممنوحة لقناة الجزيرة والممنوعة عن الداخل.
إيلاف حاولت من خلال هذا الملف تقديم صورة عن الحريات الصحافية في العالم العربي، حيث الكلمة هي السلاح في وقت بات السلاح هو الكلمة.
التعليقات