الباحث الأميركي أفشين مولافي* يكتب من القمة:
البطالة أزمة فعلية يتجاهلها العرب
ولهذا السبب، من المخجل ان يكون للملفات الاقتصادية حيز متواضع خلال قمة هذا العام، رغم الوعود بنقيض ذلك. ويقول دبلوماسي عربي لـ quot;إيلافquot; إن quot;المناقشات الاقتصادية شكلية ولم تطرح أي حلول فعالةquot;.
ولن يقتصر الأمر على فعل ما هو صائب للملايين من الشبان العرب الذين لن يتمكنوا من تحقيق حياة تتلاءم مع تطلعاتهم، فالمسألة مرتبطة أيضا بالجغرافية السياسية.
ويعكس التاريخ الحديث ان الأمم تكتسب قوتها الدبلوماسية والسياسية حين تنمى اقتصاديا. فالصين على سبيل المثال، لم تتحول دولة عظمى حين فجرت قنبلة نووية أو شكلت جيشا ضخما، انما تحولت قوة عظمى بعدما قررت فتح اسواقها وبالتالي اصبحت مركزا اقتصاديا. كذلك الأمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي أنشأت قوة عسكرية ضخمة بعدما حققت تحولا لتصبح لاعبا اساسيا في الاقتصاد العالمي.
وتتفوق الدول الأوروبية الصغيرة على دول أميركا اللاتينية بسبب اقتصادها.
ورغم ذلك، تبقى الأفضلية للسياسة على الاقتصاد لدى القادة والصحافيين العرب، مع بعض الاستثناءات؟ الأمر الذي ينعكس سنويا في القمة.
في الحقيقة، لاحظت بعد حديثي مع المندوبين والصحافيين اليوم في الرياض أن الموضوع الأكثر تداولا بينهم كان حول أي زعيم وصل أولا، وأي زعيم رفض أن يحضر، والحلول السياسية التي قد تظهر بعد القمة.
بالطبع، يواجه العالم العربي أزمات متعددة، فقد رحبت بعض الدول مثل مصر، التي تمثل ثقلا في المنطقة وتعاني ركوداً سياسياً، بسياسة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وتبقى آمال الشبان العرب quot;في عالم الواقعquot; معلقة على النتائج الملموسة التي قد تخرج بها هذه القمة... نتائج تنعكس ايجابيا على أوضاعهم المادية.
وتؤدي جملة من الأمراض التي تعانيها المجتمعات العربية دورا بارزا في تغذية مشكلة البطالة. فمن أحياء الدار البيضاء الفقيرة وصولا الى الطبقة الوسطى من الشعوب في العواصم المجاورة مثل القاهرة، وحتى الدول الغنية بالنفط مثل المملكة العربية السعودية، تتغذى البطالة من التطرف الديني، والتفكك الأسري، وعدم الثقة بالسلطة، وكثرة حالات الطلاق، الأمر الذي يخلق ثقافة التبعية. والأهم من ذلك كله، أن البطالة تشكل عائقا أمام النمو الاقتصادي للمجتمعات.
إلا ان بصيص الأمل لايزال موجودا، إذ انه للإصلاح الاقتصادي في المملكة العربية السعودية القدرة على إحداث تغيير جذري في اقتصاد المملكة. كذلك الأمر بالنسبة إلى القوانين الجديدة في مصر، والتي من شأنها ان توقظ العملاق الاقتصادي القابع على نهر النيل من سباته العميق.
صورة جماعية للقادة العرب في اعقاب افتتاح قمة الرياض |
ولايسعني هنا سوى الأمل في أن يجد العرب بعض الحلول بعيدة الأمد، والتي تطفئ فتيل الأزمة بدلا من اشعاله وخلق أزمة اخرى.
لايسعني سوى الأمل في ان يرى القادة العرب اهمية الاتجاه نحو حلول بعيدة الأمد. العاهل السعودي الملك عبدالله وصف الأزمة التي تعيشها المنطقة بـquot;بارود على شفير الاشتعالquot;. وتضيف مسألة البطالة الوقود على النار وقد تشعل نارا أخرى بدورها.
لهذا السبب اعتقد ان القمة العربية يجب ان تعمل بسرعة على خلق مؤسسة جديدة: مصرف النمو العربي.
من شأن هذه المنظمة إيجاد حلول محلية لمشكلة البطالة، والاستثمار في الطرق الضيقة والعمل عن قرب مع القطاعات الخاصة لاستئصال هذه الأزمة المتنامية. كما من شأنها العمل عن قرب مع مصارف نمو عالمية ومحلية، وتزويدها نظرة ميدانية، وتمويلات مشتركة.
سعود الفيصل وعمرو موسى خلال مؤتمر صحافي في الرياض |
*أفشين مولافي باحث وكاتب أميركي خبير في شؤون الشرق الأوسط .
التعليقات