سكينة اصنيب من نواكشوط: لا يزال الشارع الموريتاني منشغلاً بالحديث عن الحكومة الجديدة مقيمًا تشكيلتها، ومنتقدًا بعض عناصرها، ومتعطشًا لنتائج عملها لا سيما في الملفات الحساسة مثل الرفع من مستوى المعيشة وقضية الزنوج المبعدين ومحاربة الفساد الإداري وإصلاح التعليم. وأبدت غالبية الموريتانيين في إستطلاعات الرأي التي أجرتها بعض مواقع الإنترنت الإخبارية خيبتهم من التشكيلة الحكومية وشككوا في قدرتها على إدارة المرحلة الجديدة وحل الملفات الشائكة.

وذهب بعضهم أبعد من ذلك، وقالوا إن الحكومة الجديدة جاءت دون توقعات الشعب الموريتاني واعتبروا أنها ليست حكومة كفاءات ولا تكنوقراط، بل هي استمرار لنهج الماضي، وانتقدوا تجاهل شخصيات وطنية كبيرة تتمتع بالكفاءة والنزاهة. وأكد أغلب الموريتانيين المستطلعة آراؤهم أن المجلس العسكري الحاكم سابقًا كان له دور في تعيين الحكومة الجديدة، واعتبروا أن تعيين أقارب العسكريين على رأس الوزارات الحساسة دليل واضح على نفوذ العسكر في العهد الجديد.

وبينما عبر آخرون عن موقف إيجابي من الحكومة، واعتبروها حكومة قادرة على حل القضايا والمشاكل التي تتخبط فيها موريتانيا إن هي منحت الوقت الكافي والثقة الكاملة، إعتبر آخرون أن هذه التشكيلة الحكومية هي أكثر ما يمكن الوصول إليه في الوقت الحالي بعد أن أنتج عهد ولد الطايع أجيالاً من الفاسدين وأكلة المال العام. وطالب بعض المشاركين في استطلاعات الرأي بالتريث في إصدار الأحكام ومنح الحكومة الجديدة فرصة لإثبات الذات والعمل والتطور.

وانتقد أغلب الموريتانيين في استطلاعات أخرى عدم إشراك المعارضة رغم إعلانها عن استعدادها المشاركة من دون شروط، كما انتقدوا الشخصيات الوزارية الجديدة وقالوا إن تاريخها خال من الإنجازات وتكوينها ضعيف إضافة إلى جهل الشارع الموريتاني لها.

وكان الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله قد عين حكومة ذات طابع جديد من الفنيين المدنيين لإدارة شؤون الدولة بعد أن سلم المجلس العسكري السلطة بعد الإنتخابات.

وتضم الحكومة الجديدة 28 عضوًا، إختارهم رئيس الوزراء زين ولد زيدان المحافظ السابق للبنك المركزي ومرشح الرئاسة الذي عينه عبد الله رئيسًا للوزراء.

ويعبر تشكيل الحكومة الجديدة عن تعهد الرئيس المدني بالقطيعة مع الماضي الحافل بالإنقلابات واستيلاء العسكريين على السلطة والحكم المطلق في موريتانيا. ولا يوجد بين الوزراء الجدد من خدم في ظل المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس معاوية ولد سيدي احمد الطايع في عام 2005. ومعظمهم أيضًا من غير المرتبطين بحكم الطايع أو بالمؤسسة السياسية التقليدية في البلاد.

وفي بادرة على ما يبدو بخصوص الموريتانيين السود الذين طالما شكوا من التمييز وسوء المعاملة على أيدي النخبة الحاكمة التقليدية من المغاربة البيض، تولى منصب وزير الداخلية يال زكريا وهو موريتاني اسود. وسيكون من بين مهامه تنظيم عودة آلاف الموريتانيين السود الذين طردوا من البلاد خلال حملات التطهير العرقي التي اندلعت بين موريتانيا والسينغال عامي 1989 و1991.