حلم البيضاويين بمستقبل زاهر متعلق بلقاء الملك
من هنا مرّ محمد السادس!

أحمد نجيم من الدار البيضاء: quot;لقد صادفت الملك محمد السادس أكثر من عشر مرات يتجول في شارع الزرقطوني، لم يكن يرافقه حراسه، يقود بنفسه ويحترم إشارات المرور، ندمت لأنني لم أكن أحمل معي رسالة ألتمس فيها من جلالته امتيازا كاستغلال رخصة سيارات الأجرةquot;، هكذا تكلم يوسف، الحلاق البيضاوي الشاب. هذه الجمل أضحت أكثر تكرارا بين عدد من سكان مدينة الدار البيضاء، خاصة المقيمين وسط المدينة وبالقرب من لاكورنيش quot;عين الدئابquot;.

ويؤكد هؤلاء السكان أنهم صادفوا ملكهم يقود السيارة بمفرده أو برفقة أحد أقرب معاونيه فؤاد عالي الهمة الوزير المنتدب في الداخلية quot;لقد رأيته ثلاث مرات بمفرده تراقبه سيارة فيها حراسه الشخصيونquot; يؤكد محمد سائق سيارة الأجرة الصغيرة. هذا السائق البالغ 43 سنة، ندم هو الآخر، لكونه لم يكن يحمل رسالة يستعطف فيها ملكه بمنحه امتيازا معينا quot;فوتت الفرصة خاصة في المرة الثالثة، إذ لم يكن يفصل بيننا سوى أمتار قليلة، كان عليّ أن أكون مستعداquot;. منذ آخر مرة رأى فيها ملكه أصبح محمد يحمل رسالة كتب فيها ما يرغبه quot;لا أريد سوى رخصة لاستغلال سيارة أجرة، فأنا أشتغل مع صاحب الرخصة مقابل منحه 250 درهما (قرابة 30 دولارا) يومياquot;.

وإذا كان هذا السائق يعول كثيرا على لقاء الملك محمد السادس، فإن مواطنا بيضاويا آخر يدعى عادل، 36 وهو موظف في القطاع الخاص، درس بعناية خلال إقامته في الدار البيضاء، الشوارع التي تمر فيها سيارة الملك وقال quot;الملك يتجول برفقة أقرب مساعديه بشكل يومي، ويتنقل كثيرا بين شوارع الزرقطوني والخطابي، كما يتجول في لاكورنيشquot;. لعادل أصدقاء من رجال الأمن، هم يخبرونه عندما يقترب منهم. الآن ينتظر هذا الشخص الفرصة المؤاتية، طبعا لتقديم طلب مساعدة من ملكه.

إن الطريقة العفوية التي يعتمدها الملك مع أفراد شعبه، تشجعهم على التفكير في الاقتراب منه، وتظهر لقاءاته شبه الدائمة، مع المواطنين، عشرات الرسائل التي يسلمها إليه مواطنوه، وتحدث بين الفينة والأخرى بعض النوادر، ففي إحدى زياراته لمدينة في الوسط الشمالي للمغرب، تمكن أحد المواطنين من تجاوز الحراس الخاصين والاقتراب من الملك، ولما تحدث إليه الملك وسأله عن مبتغاه رد بفرح quot;سأعود إلى البيت وأحمل معي رسالة أعددتها لهذا الغرضquot; فعاد إلى منزله وحمل الرسالة التي تسلمها حراس الملك الشخصيون.

هذا الهوس بلقاء الملك، كان موضوع بحث ميداني لصحافيين مغربيين هما إبراهيم الشعبي وسعاد الأشهب، إذ توصلت دراسة أعدّاها إلى وجود طلبات متفاوتة للمغاربة في حال إذا ما التقوا الملك يوما. وقد وجه الصحافيان للمواطنين انطلاقا من استمارة تتضمن سؤالين، هما: quot;لو التقيت الملك، ماذا ستطلب منه لشخصك أولا، ولبناء المغرب وتطوره ثانيا؟.

وحملت الدراسة التي نشرت قبل أشهر، شهادات مفاجئة، فأستاذ من الداخلة (الصحراء ) قال quot;شخصيا، أنا ضد طلب أغراض شخصية من الملك، فدوره ليس حل المشاكل الشخصية فردا فردا. هذا مستحيلquot;. وانتقدت الدراسة روح الاتكالية التي يتمتع بها مغاربة، إذ يرغبون في الحصول على امتيازات من الملك quot;يجب أن نتجاوز هذه المعادلة البسيطة بين شخص يطلب وآخر يحقق. إن تكويني ومبادئي لا تسمح لي بأن أنجر معك في هذه المعادلة الخاطئة. يجب أن نربي الناس على العمل والكسب. يجب أن نتعلم كيف ننتزع حقوقنا من الدولةquot; قال مسرحي مغربي.

وقد أسست في المغرب جمعية لحملة الرسائل الملكية، ويطالب هؤلاء بحقهم في الشغل لمجرد أنهم التقوا الملك يوما ومدوه برسالة فرد عليها، وأضحى هؤلاء يعتبرون الشغل أو الحصول على امتياز حقا، غير أن الوزير الأول إدريس جطو رفض الذراع هذا. ويستمر عدد من المغاربة في الحلم بلقاء الملك أو مصادفته في الشارع، ومع هذا الحلم القريب التحقق يستمر هؤلاء في بناء أحلامهم.