عبداللطيف السعدون من كاراكاس:فيديل كاسترو روز ( 81 ) عاما الذي دوخ أميركا على امتداد نصف قرن، والذي تخلى عن رئاسة الدولة وجميع مناصبه الرسمية الشهر الماضي يعتكف هذه الأيام في منزله الريفي في احدى ضواحي العاصمة الكوبية هافانا، مقضيا معظم وقته في القراءة ومتابعة التلفزيون وكتابة عموده الدوري في صحيفة ( غرانما ) لسان الحزب الشيوعي الكوبي، والذي اختار له عنوان quot;انطباعات فيديلquot; مثبتا اسمه الأول بدلا من اسم الاسرة الذي عرف به عالميا، ربما لتبدو الكتابة أكثر حميمية وبعيدة عن الروتوكول.ويناقش فيديل في كتاباته قضايا محلية وعالمية، في اسلوب يقترب من اسلوب المذكرات الشخصية والانطباعات القصيرة، كما يضمنه وجهات نظره في القضايا الماثلة في الحزب والدولة والمجتمع.وكان كاسترو قد صرح غداة تخليه عن رئاسة الدولة أنه لن ينقطع عن رفاقه ومواطنيه، وأنه سيظل على صلة بهم عبر الكتابة.
ونقل دبلوماسيون قادمون من هافانا لـquot;ايلافquot; أن كاسترو في وضعه الحالي يخضع لاشراف طبي مباشر، ولكنه يحتفظ بحيويته وقدرته على التواصل مع الآخرين، ومتابعته لما يدور من حوله، وهو لا يستقبل سوى القليل من خاصته ومقربيه وفي مقدمتهم أخوه راؤول الذي خلفه في رئاسة الدولة، كما quot;يدردشquot; مع أصدقائه عبر الهاتف، وبينهم قادة ورؤوساء دول، في مقدمتهم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز والذي أعتبره الصحفيون في فترة دخول كاسترو الى المستشفى المصدر الوحيد لاستقاء أخباره وتطور حالته.
ويضيف هؤلاء الدبلوماسيون أنه رغم ابتعاد كاسترو عن الأضواء فهو ما يزال يحتفظ بهيبته وسطوته على مسؤولي الدولة والحزب، وما يزال يلقي بظله على المواطن العادي الذي فتح عينيه قبل خمسين عاما على صورته، واصبح من الصعب انتزاعها منه !
ويستبعد المراقبون حدوث اي تغيير جذري في مسار السياسات الكوبية، وبخاصة في المجال الاقتصادي قبل أن يمر وقت طويل، خاصة وان طاقم المستشارين والخبراء الذي كان يحيط بالرئيس كاسترو في فترة حكمه ما يزال هو نفسه محيطا بالرئيس الجديد، كما أن القيادات الشابة في المنظمات الحزبية والتي تحمل توجهات أكثر انفتاحا لم تجد فرصتها بعد في التاثير والفاعلية، لكن ذلك لا يلغي توقع اتخاذ بعض الخطوات الاصلاحية في قضايا مثل سفر المواطنين الى الخارج أو السماح لهم بارتياد بعض الاماكن السياحية المخصصة للأجانب فقط، وكذلك التخفيف من قيود التعامل بالنقد الاجنبي.
وأورد موقع الكتروني لجماعة كوبية مناهضة للسلطة تعمل في ( ميامي ) بالولايات المتحدة أن هناك الكثير ممن هم داخل المؤسسات الرسمية وحتى داخل الحزب من يعتقد أنه آن الأوان لاحداث اصلاحات جذرية واساسية في المجتمع والدولة، ولكن هؤلاء يعتقدون أن كل ذلك ينبغي أن يتخذ بحذر شديد لان النظام الكوبي اشبه بمبنى بني بطريقة اذا ما انتزع منه حجر فان المبنى سينهار بكامله !
وتقدم ( ايلاف ) فيمايلي ترجمة لآخر عمود كتبه كاسترو تحت عنوان quot; انطباعات فيديل quot;: quot; وأنا أنصت لمناقشات المؤتمر الحادي عشر لطلبة المدارس الثانوية شعرت باعتداد قوي بالنفس وبغبطة يمكن فهم مدلولاتها، فأي امتياز يمتلكه هؤلاء الشباب وهم في ريعان الصبا ! اذ بموازة حرارة الدروس العلمية التي يتلقونها فان النشاط الأكثر أهمية في مرحلتهم هذه هو : صراع الأفكار الذي يتفاعل لديهم وهم على أبواب الانتقال الى الجامعات.
لقد حددت الطبيعة الخلاقة تطور الكائن الانساني بحيث يكون قادرا، في سن مبكرة جدا، على صنع الوعي للتغلب على نزعات الغريزة، ان هذا هو الذي سيكون محور صراعكم ايها الرفاق الأعزاء المنخرطين في اتحاد طلبة التعليم الثانوي.
ان عليكم ان تدركوا أن الامبراطرية ( الأميركية ) الآيلة للسقوط والاندثار تبذل جهودا محمومة في هذه المرحلة لحرماننا من حقنا في أن نتعلم وأن نفكر. وكرد فعل آني على المحاولات التافهة لزعيم العصابة الحاكمة في الامبراطورية لمنع أبنائنا من الوصول الى quot; الأنترنيت quot; ذكرت صحفية شابة وذكية هي quot; روزا ميريام quot;، في تعليق لها على مقالة كانت قد نشرتها صحيفة quot; نيويورك تايمز quot;، ذكرت معلومات لم تتطرق اليها الصحيفة هي quot; ان دائرة الرقابة على الأصول المالية الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية أعلنت أن 557 مشروعا تجاريا quot; بغيضا quot; و3719 مجالا ( دومين ) قد أعيق وصولها الى quot; الويب quot; في مختلف أنحاء العالم من دون أن يتسلم مالكوها اشعارات مسبقة بهذا الاجراء.. وبذلك تكون الولايات المتحدة قد أعاقت عن الوصول الى الشبكة الدولية اكثر من ثلاثة أضعاف عدد الشبكات المسجلة لدى quot;الدومينquot; العام في البلد، وهذا هو دليل جديد على أن الولايات المتحدة لا تراقب وصول مواطنيها الى الشبكة العالمية فحسب، وانما كل الذين يستخدمون الأنترنيت في العالم quot; !
ورغم أن التعليق المذكور ظهر في صحيفة الشبيبة ( هوفينتود ريبالدي ) فان اعادة التذكير بالمعلومات الوارة فيه يظل أمرأ مهما، ويا له من رد ذلك الذي أكدته مناقشات طلبة المدارس الثانوية بخصوص الموضوع ذاته.. ترى هل يحدث ما يشبه ذلك لدى المجتمع الأميركي الاستهلاكي؟
اننا نسمع من هناك، للأسف الشديد، أخبارا مقلقة عن امتلاك طلبة شباب ومراهقين لأسلحة نارية مميتة، من تلك التي تباع بحرية في مجتمع تسيطر أسواق المال على كل خططه وتوجهاته، وهذا ليس أمرا مستغربا خاصة وان الحكومة الاميركية نفسها أسست على quot; جمعية البندقية الوطنية quot; * وعلى الخوف من الثقافة، لكنها لم تستطيع أن تحاصر الثقافة الكوبية على أية حال !
الى أمام يا طلبة وشباب كوبا !
ولنناضل سوية ضد النزعات الأنانية والغرور والطموح العقيم الباحث عن أمجاد كاذبة حيث تفترس الأفاعي السامة الروح الانسانية.
ولنعمل على تقوية عزائمنا وزيادة وعينا دائما.
وألى أمام سوية مستلهمين مثل أجدادنا العظام.
فيديل كاسترو روز

* quot; جمعية الثقافة الوطنية quot; ndash; تجمع أنشأ في الولايات المتحدة في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر يدعو الى رعاية حرية الفرد في امتلاك الأسلحة النارية ويعتبر ذلك ضمانا لحق الدفاع عن النفس , وجزءا من الحريات المدنية التي كفلتها لائحة الحقوق .