الزعيم الشيوعي الذي لم يقل quot;نعمquot; أبدًا للجار الأميركي
كاسترو يستقيل... وينهي حكمًا لكوبا دام نصف قرن
هافانا، مصادر مختلفة: أعلن الزعيم الكوبي فيدل كاسترو على الموقع الإلكتروني لصحيفة quot; غرانما quot; الرسمية الثلاثاء تخليه عن الرئاسة وقيادة القوات المسلحة بعد توليه هذا المنصب في كوبا لحوالى نصف قرن.وكتب الرئيس الكوبي quot; لا أطمح ولن أقبل، أكرر أنني لا أطمح ولن اقبل بتولي مهام الرئاسة وقيادة القوات المسلحةquot;.
وقد كتب كاسترو في بيان بهذا الشأن quot;إلى المواطنين الأعزاء الذين شرفوني بانتخابي عضوًا في البرلمان ، أكتب إليكم لأقول إنني لا أتطلع ولن أقبل، وأكرر لا أتطلع ولن أقبل منصبي رئاسة مجلس الدولة ورئاسة أركان الجيشquot;.
ويأتي إعلان كاسترو البالغ من العمر 81 عامًا لاستقالته بعد 19 شهرًا من مرض دفعه إلى تسليم السلطة موقتًا إلى شقيقه راؤول كاسترو. يذكر أن كاسترو قاد ثورة مسلحة حملته إلى سدة السلطة في كوبا قبل 49 عامًا.
وتولى كاسترو الرئاسة عام 1959 بعد أن قاد الثورة الكوبية للإطاحة برئيسها فولجنسيو باتيستا وتبنى النهج الشيوعي في إدارة كوبا، متخذًا مواقف مناهضة للولايات المتحدة.
كاسترو.. الزعيم العنيد
ترعرع في كنف والديه المهاجرين من إسبانيا والذين يعدون من المزارعين. تلقى تعليمه في المدرسة التحضيرية، وفي عام1945، إلتحق بجامعة هافانا حيث درس القانون وتخرج منها عام 1950. ثم عمل كمحامي في مكتب محاماة صغير وكان لديه طموح في الوصول إلى البرلمان الكوبي، إلا أن الانقلاب الذي قاده فولغينسيو باتيستا عمل على إلغاء الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها. وكردة فعل احتجاجية، شكّل كاسترو قوّة قتالية وهاجم إحدى الثكنات العسكرية وأسفر هذا الهجوم عن سقوط 80 من أتباعه وإلقاء القبض على كاسترو. حكمت المحكمة على كاسترو بالسجن 15 عامًا وأطلق سراحه في أيار/مايو 1955، ونفي بعدها إلى المكسيك ، حيث كان أخوه راؤول ورفاقه يجمعون شملهم للثورة، وكان قد التحق أرنستو تشي غيفارا بالثوار ليتعرف على فيديل كاسترو ويصبح جزءًا من المجموعة الثورية .
وعلى متن قارب شراعي، أبحر كاسترو ورفاقه من المكسيك إلى كوبا وسُميت زمرته بحركة الـ 26 يوليو، ولم يعرب كاسترو عن خطه السياسي على الرغم من قيامه بتأميم الاراضي في المناطق التي سيطر عليها الثوار، لكن بعد انتصار الثورة قام بتكليف أحد الرأسماليين الذين تبنوا لفكر الرئيس الأميركي توماس جيفيرسون والرئيس أبراهام لينكن، وذلك لتفادي أي هجوم أميركي على الثورة البكر كما حدث في غواتيمالا، وبعد أن سيطرت الثورة على كوبا كاملة بدأ بتأميم كل الصناعات المحلية. والمصارف وتوزيع ما تبقى من الأراضي للفلاحين.
تحرك كاسترو عسكريًا مع ما يقارب من ثمانين رجلاً في 2 ديسمبر 1956 وإستطاع 40 من مجموع الـ 80 رجل الانسحاب إلى الجبال، بعد أن تعرضوا لهجوم غير متوقع من جيش باتيستا عند روهم على الشاطئ ودخولهم كوبا، وعمل على ترتيب صفوفه وشن حرب عصابات من الجبال على الحكومة الكوبية. وبتأييد شعبي، وانضمام رجال القوات المسلحة الكوبية إلى صفوفه، استطاع كاسترو أن يشكل ضغطًا على حكومة هافانا مما اضطر رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية إلى الهرب من العاصمة في 1 يناير 1959 إثر إضراب عام وشامل، جاء تلبية لخطاب فيديل كاسترو كاسترو وثم دخلت قواته إلى العاصمة هافانا بقيادة ارنستو تشي غيفارا حيث كان عدد المقاتلين الذين دخلوا تحت إمرة غيفارا ثلاثمئة.
علاقته بالدين
يعتبر كاسترو نفسه ملحدًا ولم يمارس الطقوس الدينية المسيحية منذ نعومة أظافره، وقد أقصته البابوية في الفاتيكان عن المذهب الكاثوليكي في 3 كانون الثاني/يناير 1962 لارتداد كاسترو عن الكاثوليكية. وقد تحسنت علاقه كاسترو بالبابوية في مطلع التسعينيات من القرن العشرين عندما إنهار الاتحاد السوفياتي وتخلى الغرب عن الفاتيكان، سمح للبابا بزيارة كوبا بعد أن أعلن البابا أن المسيحية تؤيد الاشتراكية، وأن المسيح يقول إن الاغنياء لن يدخلوا ملكوت الله، وفعلاً دخل البابا إلى كوبا وأصبح صديقًا بعد عداء دام عقود ، وقال كاستروا عن البابا: نحن اليوم نتفق معه فقد كاد يقول يا عمال العالم إتحدوا!، ويعتبر هذا الشعار شعار الاحزاب الشيوعية حول العالم.
سياسته الخارجية
سارعت الولايات المتحدة بالاعتراف بالحكومة الكوبية الجديدة وكان كاسترو رئيسًا للدولة آنذاك. وكلف أحد البرجوازيين برئاسة الحكومة ، تفاديًا لضربات السياسة الاميركية المعادية للشيوعية والاشتراكية، وسرعان ما بدأت العلاقات الأميركية الكوبية بالتدهور عندما قامت كوبا بتأميم الشركات، وتحديدًا، شركة quot;الفواكه المتحدةquot;. و
|
في ابريل من 1959، زار الرئيس كاسترو الولايات المتحدة والتقى مع نائب الرئيس ريتشارد نيكسون، وتذرّع الرئيس الأميركي لعدم استطاعته اللقاء مع كاسترو لارتباطه بلعبة الغولف وقد طلب الرئيس الأميركي من نائبه التحقق من انتماء كاسترو السياسي ومدى ميوله لجانب المعسكر الشرقي، وخلص نائب الرئيس نيكسون إلى أن كاسترو quot;شخص بسيط و ليس بالضرورة يميل إلى الشيوعيةquot;. وفي فبراير عام 1960، اشترت كوبا النفط من الاتحاد السوفياتي ورفضت الولايات المتحدة المالكة لمصافي تكرير النفط في كوبا التعامل مع النفط السوفياتي، فقام كاسترو على تأميم المصافي الكوبية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الاميركية، مما جعل العلاقات الاميركية الكوبية في أسوأ حال. وقامت الولايات المتحدة بمحاصرة كوبا وما زال الحصار قائم إلى هذا اليوم، وقد تحسنت العلاقات الكوبية السوفيتية، واستمر التبادل الاقتصادي حتى الثمانينات حيث قام الاتحاد بمحاصرة كوبا ووقف استيراد الرصاص الكوبي.
أزمة الصواريخ
استنادًا على مذكرات الرئيس السوفياتي خوروشوف، فقد رأى الاتحاد السوفياتي أن يقوم على نشر صواريخ بالستية لتحول دون محاولة الولايات المتحدة من غزو الجزيرة. وفي 15 أكتوبر 1962، اكتشفت طائرات التجسس الاميركية منصات الصواريخ السوفييتية في كوبا ورأت تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة نتيجة المسافة القصيرة التي تفصل بين كوبا والولايات المتحدة (90 ميل). وقامت البحرية الأميركية بتشكيل خط بحري يعمل على تفتيش السفن المتجه إلى كوبا. وفي 27 أكتوبر 1962، بعث الرئيس الكوبي كاسترو برسالة خطية للرئيس السوفياتي يحثه فيها على شنّ هجوم نووي على الولايات المتحدة ولكن الاتحاد السوفياتي لم يستجب لهذا الطلب. ورضخ الاتحاد السوفياتي لإزالة الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ البالستية الأميركية في تركيا. وباستتباب الأمن وزوال الخطر، اتسمت العلاقة بين الولايات المتحدة وكوبا بالعدائية، واستمرت الولايات المتحدة بدعمها لمحاولات اغتيال كاسترو.
أ. ف. ب، بي بي سي، ويكيبيديا، رويترز، أ. ب
التعليقات