معارك قضائية وصحافية بين أسرتي الرئيسين الراحلين
حكم ضد هدى عبد الناصر بالتعويض لرقّية السادات
نبيل شرف الدين من القاهرة:
عاد مجددًا اسما رئيسي مصر السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات إلى صدارة المشهد، ولكن هذه المرة كانت عبر ساحات المحاكم، والسبب دعوى قضائية أقامتها كريمة السادات السيدة رقية، ضد كريمة عبد الناصر السيدة هدى، وهي الدعوى التي قضت فيها محكمة شمال القاهرة الابتدائية لصالح كريمة السادات ضد (غريمتها في الدعوى) كريمة عبد الناصر، وألزمت الأخيرة بدفع تعويض مالي قدره مئة ألف جنيه مصري، وترجع بداية الدعوى التي أقامتها كريمة الرئيس الراحل رقية أنور السادات، ضد هدى جمال عبد الناصر، بعد نشر مقابلة صحافية قالت ابنة السادات إن هدى عبد الناصر أساءت فيها إلى والدها الرئيس السادات، إذ أدلت لمجلة quot;روز اليوسفquot; بتصريحات قالت فيها : quot;السادات قتل أبويا... لقد ساورتني هذه الشكوك لأنه كان الشخص الوحيد الذي رافق أبي في الايام الخمسة الاخيرة السابقة على الوفاةquot; .
ومضت هدى عبد الناصر قائلة في تلك المقابلة quot;إن صحيفة quot;واشنطن بوستquot; كانت قد نشرت في حياة السادات أن المخابرات الأميركية جندته لديها منذ عام 1966quot;، على حد تعبير كريمة عبد الناصر .
جيهان ورقية
ولعل اللافت في سياق هذه المعركة المثيرة للجدل، أن أرملة الرئيس المصري الراحل السيدة جيهان السادات التي كان يقال إبان عهده، إنها شكلت دورًا سياسيًا معه في حكم مصر، لم تتصدَّ لأي من هذه الملاسنات ولا الاتهامات التي طالت زوجها الراحل، منذ صدور كتاب ''خريف الغضب'' للكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل الذي نال فيه بشدة من السادات وسيرته وعهده وحتى أسرته، كما لم يصدر من السيدة جيهان أي رد على نائب الرئيس حسين الشافعي أو هدى عبد الناصر.
الوحيدة التي تصدت لهذه المهمة هي رقية السادات من زوجته الأولى، والتي أكدت أن تصريحات هدى عبدالناصر لا يجوز معها أي صلح لأنها اتهامات صريحة وخطرة، وأضافت quot;هذه التصريحات تشكل جرمًا خطرًا في حق رجل أعطى وطنه وأمته ونال إعجاب العالم كلهquot;.
وفي تصريحات خاصة قالت رقية السادات: quot;لقد كانت العلاقة متينة وقوية بين السادات وعبدالناصر وكانت هناك زيارات عائلية متواصلة ولم تحدث أي مشاكل من أي نوع بين الأسرتين وما زالت احترم عمي جمال عبدالناصر، لأن له مكانته واحترامه، وهو زميل أبي في الكفاح والثورة، وكان عبدالناصر هو الشاهد الأول على زواجي أنا وأختي راوية وكاميليا، وكان الشاهد الثاني هو عمي حسين الشافعيquot; bull;
ويقول المستشار القانوني عمر عفيفي إنه وفقًا للقانون المصري، فإنه يحق لهدى عبد الناصر أن تطعن بالاستئناف على هذا الحكم، بينما أكد محامي رقية السادات أنه سيستأنفه أيضًا مطالبًا بالتعويض الذي طلبه وهو خمسة ملايين جنيه مصري، أي ما يساوي مليون دولار أميركي.
خلفيات القضية
وفي تفاصيل الدعوى، فقد قالت المحكمة في أسباب حكمها quot;إن هدى عبد الناصر لم تنكر تلك الأقوال المنسوبة إليها، واقتصر دفاعها على حجية الحكم الصادر ببراءتهاquot; فحسب .
وأقامت رقية السادات الدعوى القضائية أمام محكمة جنايات القاهرة، واتهمت فيها هدى جمال عبد الناصر بسب وقذف والدها، والإساءة إليه، غير أن المحكمة الجنائية قضت ببراءتها من الناحية الجنائية، استنادًا إلى أن قانون العقوبات المصري يخلو من مادة تعاقب من يسب ميتًا، لكن في المقابل فقد قضت المحكمة بتعويض كريمة السادات، وقالت في حيثيات حكمها إن ما قالته هدى جمال عبد الناصر يمثل quot;في نظر القانون فعلاً ضارًا يستوجب المسؤولية المدنية، ومن ثم التعويض .
ومضت المحكمة قائلة إن quot;هذه الشكوك التي استندت إليها في توجيه تلك الاتهامات المقذعة (للسادات) لا تصنع دليلاً على ما نسبته لوالد المدعيةquot;، كما اعتبرت المحكمة أن ما قالته كريمة عبد الناصر quot;مجرد شائعاتquot;، وقالت إن quot;الشائعة هي مصدر خطر للمساس بالكرامة الشخصية للافراد وأعراضهم، ولا سيما اذا وجدت من يتلقفها وينشرهاquot;، وفق منطوق الحكم القضائي المثير.
وتوفي الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عن عمر يناهز 53 عامًا في سبتمبر من العام 1970 عقب انتهاء أعمال مؤتمر القمة العربي في القاهرة، والذي نجح خلاله في التوصل إلى قرار بوقف اشتباكات واسعة بين الجيش الاردني وقوات منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن، وعقب وفاة عبد الناصر رشح البرلمان المصري، أنور السادات لشغل منصب الرئيس وانتخب رئيسًا لمصر في استفتاء عام.
وخلال عهد السادات عبرت القوات المسلحة المصرية قناة السويس في حرب أكتوبر عام 1973 لتحقق الانتصار العسكري الوحيد لدولة عربية على إسرائيل، وفي عام 1978 توصل الى اتفاقات كامب ديفيد مع اسرائيل برعاية الولايات المتحدة. وعقد أول معاهدة سلام بين اسرائيل ودولة عربية عام 1979، واغتيل في عام 1981 خلال عرض عسكري، على يد الضابط السابق خالد الإسلامبولي الذي ينتمي لتنظيم quot;الجهادquot; المتطرف.