بعد ظهور حزب quot;الفايس بوكquot; والمعارضة الإلكترونية
مؤشرات تمهد لفرض قيود على الإنترنت في مصر

نبيل شرف الدين من القاهرة: فوجئ ملايين المصريين بتحقيق موسع تنشره صحيفة (الأهرام) شبه الرسمية، وتشير إليه في صدر صفحتها الأولى، إذ تصف فيه أحوال شبكة الإنترنت في البلاد بأنها صارت quot;عالمًا أسود من العري والبذاءات والتحريض على العنفquot;، بل وذهبت إلى حد quot;شيطنةquot; الشبكة والأغراض التي يستخدمها فيها المصريون، قائلة: quot;إن مواقع الإنترنت العالمية الشهيرة مثل (يوتيوب) و(فايس بوك) باتت ساحة يستغلها ضعاف النفوس لبث صور ولقطات فاضحةrlm;،rlm; وتبادل عبارات السب والقذف والتعليقات المبتذلة التي تسيء إلى مصرquot;، وفق ما ورد في الصحيفة الحكومية المصرية واسعة الانتشار .

ولعل مسألة quot;الإساءة إلى مصرquot; هذه هي أبرز الإشارات التي تكشف عما اعتبره مراقبون نوايا حكومية في مصر لفرض مزيد من القيود على مستخدمي الشبكة الدولية في مصر.

وعززت هذه الهواجس تلك التصريحات التي أدلى بها أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال زيارته لجامعة القاهرة للمشاركة في احتفالها بمرور مئة عام على إنشائها، وقال فيها quot;إن مصر ليست بلد فوضى، ولن تكون كذلك كما يريد بعضهمquot;، واضاف quot;أن الدولة تسمح بحرية التعبير لكن في إطار الالتزام بالقواعدquot;، وفق تعبير رئيس الحكومة المصرية.

وعلى الرغم من قوله إن شبكة الإنترنت ستبقى دون قيود، غير أنه استدرك ليربط ذلك بما وصفه بـ quot;الحفاظ على عدم الاضرار بالمصالح القوميةquot;، مضيفًا أن quot;هناك خطًا رفيعًا بين حرية التعبير عن الرأي وبين الدعوة إلى أعمال الهدم والتخريبquot;، على حد تعبيره .

ويقول المحامي والناشط الحقوقي جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي أنشأت في العام 2003، وهي منظمة غير حكومية تهتم بحق تداول المعلومات على الإنترنت، إن هناك عدة أشكال للرقابة على الإنترنت في مصر ومنها مثلاً حجب بعض المواقع، ومراقبة البريد الإلكتروني دون تصريح من النيابة العامة، مما يعد انتهاكًا للخصوصية وحقوق الإنسان، وتسبب ذلك في القبض على العديد من الأشخاص بوصفهم متهمين، مثل القبض على المهندس أشرف إبراهيم عام 2003، الذي قيل إنه من خلال المعلومات في بريده الإلكتروني تبين انتماءه إلى تنظيم يساري، وإنه يرسل للخارج معلومات حول انتهاكات لحقوق الإنسان ما يضر بسمعة البلاد .

حزب الفايس بوك

وتأتي هذه المخاوف بعد اتساع دائرة الاهتمام بما بات يطلق عليه إعلاميًا في مصر حزب quot;الفايس بوكquot;، الذي استطاع أعضاؤه أن يدعوا وينظموا إضراب السادس من نيسان (أبريل)، ويمهدون لإضراب جديد يتزامن مع يوم احتفال الرئيس المصري حسني مبارك بعيد ميلاده الثمانين، الذي يوافق يوم الرابع من آيار (مايو) المقبل .

وفي هذا السياق يقول نشطاء عبر الإنترنت تحدثت معهم (إيلاف) إن عدد المشاركين في مجموعات الدعوة إلى إضراب 4 أيار/مايو المقبل قد تجاوز على الشبكة الاجتماعية الإلكترونية quot;فايس بوكquot; حاجز الـ250 ألف مشارك، كما ظهرت مجموعات جديدة تدعو إلى الإضراب.

ومضى أحد النشطاء الذي بدا حريصًا على عدم ذكر اسمه بعد موجة الاعتقالات التي طالت عددًا من نشطاء الإنترنت وجهت إليهم اتهامات بالتحريض عبر الشبكة على الإضراب والعنف، ليقول إن المشاركين في هذا الإضراب اتفقوا في ما بينهم على أن يكون quot;يومًا أسودquot; على حد تعبيرهم، وأنهم سيحرصون على ارتداء اللون الأسود، حدادًا على ما يصفونه بتدهور أحوال البلاد والحريات العامة والديمقراطية .

مجموعة الحداد هذه التي تعتزم ارتداء الأسود يوم الاحتفال بالعيد الثمانين للرئيس حسني مبارك الذي يحكم البلاد بسلطات مطلقة منذ العام 1981 حتى الآن، كتبت لافتة على أحد الجدران الافتراضية في شبكة quot;فيس بوكquot; بلهجة مصرية قالت فيها : quot;إحنا مش حزب سياسي ولا حركة دينية ولا جماعة، ولا نسعى للحكم، احنا أكبر تجمع مخلص لمصر على الإنترنتquot;، حسب قولهم .

ويقول مراقبون إن هذا الجيل الذي يستخدم أساليب مبتكرة عبر التواصل الإلكتروني، دشنوا لما يمكن وصفه بـ quot;المعارضة الإلكترونيةquot; وأشار المراقبون إلى أن إضراب السادس من أبريل الأخير، كان بمثابة quot;شهادة ميلادquot; لهم كقوة فاعلة سياسية جديدة على الساحة تحرك جمود من يوصفون بحزب الأغلبية الصامتة في مصر، كما يشكلون quot;الطريق الثالثquot; بين quot;المعارضة التقليدية، وجماعات الإسلام السياسي والسلطة المستبدةquot; .

وحسب تقارير حقوقية فإن السلطات المصرية تطلب من أصحاب مقاهي الإنترنت عمل سجلات لكل من يرغب في استخدام الإنترنت بالحصول على اسمه وبياناته الشخصية وأرقام هواتفه، وتكلف أصحاب هذه المقاهي بمراقبة هؤلاء المستخدمين لإبلاغهم فور تصفح أحدهم مواقع سياسية أو دينية بعينها.