قوى الغالبية ترفض بإصرار إضفاء الشرعية على سلاحه
صبر حزب الله على خصومه بدأ ينفد
إيلي الحاج من بيروت:
بدأ quot;حزب اللهquot; في لبنان يرسل إشارات متتالية تفيد بنفاد صبره حيال ما يعتبره مماطلة في الإعتراف بحقه في quot;المقاومةquot; وما تتطلب من سلاح في البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة الجديدة.
ومضى 18 يوماً على إعلان الحكومة من دون أن تتوصل لجنة صياغة البيان الوزاري، رغم عقدها عشر جلسات حتى اليوم، إلى حل لفظي للعقدة الأكبر التي تتمحور عليها الأزمات في لبنان منذ سنوات: سلاح quot;حزب اللهquot;.

وكان ما عرف ب quot;إتفاق الدوحةquot; الذي أنهى مشكلة عدم إنتخاب رئيس للجمهورية وعدم التوصل إلى تشكيل حكومة في لبنان قد أحال موضوع سلاح quot;حزب اللهquot; على مؤتمر للحوار الوطني يعقد بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وبرعايته وذلك تحت بند البحث في quot;الإستراتيجية الدفاعيةquot; للبنان، لكن الحزب يصر عبر ممثله في لجنة البيان الوزاري الوزير محمد فنيش وممثلي بعض حلفائه على أن يتضمن البيان العبارة التي وردت في بيان الحكومة السابقة التي تشكلت عام 2005 والتي تعطي quot;مقاومة الحزبquot; شرعية حكومية.

ويعني إعطاء هذه الشرعية عدم تمكن قوى الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية من وقف أي عملية نقل للسلاح، خصوصا خارج منطقة جنوب الليطاني التي يعترف quot;حزب اللهquot; بأنها خاضعة لمفاعيل القرار الدولي1701 الذي يحصر الحق في حمل السلاح في الجيش اللبناني والقوة الدولية quot;اليونيفيلquot; التي تسانده.
وتستند الغالبية النيابية في موقفها المعارض لتشريع سلاح الحزب إلى أن مقررات مؤتمر الدوحة أحالت الموضوع على طاولة الحوار المزمع عقدها، وتسأل بأي منطق يريد الحزب بت هذه المسألة الخلافية في البيان الوزاري، ولماذا تنعقد طاولة الحوار بعد بتها؟

اقتراحات اقتراحات ...
وكان الوزير يوسف تقلا، الذي ينقل وجهة نظر رئيس الجمهورية في لجنة الصياغة اقترح على أعضائها اعتماد النص الذي
جاء في خطاب quot;القسم الرئاسيquot; لسليمان، وقد نص على الآتي:quot; إن نشوء المقاومة كان حاجة في ظل تفكك الدولة، واستمرارها كان في التفاق الشعب حولها وفي احتضان الدولة كيانا وجيشا لها، ونجاحها في اخراج المحتل يعود الى بسالة رجالها وعظمة
شهدائها، الا ان بقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال ومواصلة العدو الاسرائيلي لتهديداته وخرقه للسيادة يحتم علينا استراتيجية دفاعية تحمي الوطن، متلازما مع حوار هادئ للاستفادة من طاقات المقاومة خدمة لهذه الاستراتيجيةquot;...
وجاء هذا الاقتراح بعدما رفض السنيورة ووزراء الأكثرية النص الذي اقترحه وزير quot;حزب اللهquot; فنيش ويستعيد فيه النص الذي نص بيان الحكومة السابقة كالآتي:quot; إن المقاومة تعبير صادق ووطني عن الحق الطبيعي للشعب اللبناني في تحرير الأرض المحتلةquot;. وأضاف عبارات جديدة ليصبح على الشكل الآتي :quot;تؤكد الحكومة ان المقاومة حاجة وطنية وتعبير صادق ووطني عن الحق الطبيعي للشعب اللبناني في تحرير الأرض المحتلة . وهي مقاومة نجحت في رد المحتل الاسرائيلي ورد العدوان. وستعمل الحكومة لتوفير عوامل الصمود والدعم للشعب اللبناني لتحرير الأرض... كما ان المقاومة هي جزء من
مكونات الاستراتيجية الدفاعية التي سيتم التوصل اليها في مؤتمر الحوار بدعوة من رئيس الجمهوريةquot;.

وكان ممثلو quot;حزب اللهquot; وحلفائه رفضوا اعتماد صيغة اقترحها الرئيس السنيورة، وتقول بأن quot;تضع الدولة اللبنانية
استراتيجية دفاعية تقررها وتنفذها السلطة السياسية، في حوار يدعو اليه رئيس الجمهورية وتوضع الطاقات الوطنية
كلها في خدمة هذه الاستراتيجية وفي مقدمها طاقات حزب اللهquot;.

وطرح السنيورة ثلاث صيغ في موضوع علاقة الدولة بسلاح الحزب: الأولى ان يتضمن البيان الوزاري عبارة quot;حق الدولة في تحرير الأرضquot;، والثانية تقضي باعتماد خطاب القسم بالنسبة للبند المتعلق بالمقاومة وسلاحها، أما الثالثة فتقول بتأجيل البحث في موضوع المقاومة الى حين انعقاد طاولة الحوار، على ان تتبنى الحكومة ما يصدر عنها لاحقا في موضوع الاستراتيجية الدفاعية.
إلا أن quot;حزب اللهquot;، مدعوماً بحلفائه، رفض كل هذه الصيغ وأصر على اعتماد نص صريح في شأن سلاحه.
ويقترح نبيه بري خصوصا في اتصالاته مع رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط نصا يستعيد ما جاء في البيان الوزاري للحكومة السابقة عن quot;سلاح المقاومةquot;، مضيفا إليه عبارات تؤكد التزام تطبيق قرار مجلس الأمن ١٧٠١ بكل مندرجاته، بما يعني ضمنا انه يشمل اتفاق الهدنة مع اسرائيل للعام ١٩٤٩.

وإذا أصر quot;حزب اللهquot; وخصومه على اعتماد أسلوب الوضوح في البيان ورفض quot;الغموض البناءquot; فيه فسيظل متعذرا صدور البيان الذي تنال على أساسه ثقة مجلس النواب أم لا بعد مناقشته في المجلس.
وتؤشر هذه المسألة إلى أن الصراع السياسي الحاد انتقل إلى داخل الحكومة ، وإن اللبنانيين لا يزالون محتاجين إلى تدخل خارجي يتخذ شكل وساطة عربية ما للتوصل إلى مخرج عند كل استحقاق مهما يكن.
ويبدو واضحا أن فريق الغالبية النيابية لا يتوقف عند معضلة سلاحquot; حزب اللهquot; من زاوية الأبعاد الاقليمية والصراع معاسرائيل فحسب، بمعنى انتفاء المبررات الواقعية للمقاومة في ضوء تطورات الأعوام الماضية، أو تقدم الخيارات الدبلوماسية لحل قضية مزارع شبعا، انما يتناول الموضوع أيضا من زاوية الوضع الداخلي رابطاً هذا السلاح بما يسميه quot;غزوة بيروت وبعض الجبلquot; بدءاً من 7 أيار / مايو الماضي، الأمر الذي جعل سلاح الحزب وحلفائه مثار جدل بامتياز، بل رفض في أوساط واسعة سنية ودرزية ومسيحية، وبالتالي لم يعد هذا السلاح ، quot;سلاح المقاومةquot;، يلقى ما يشبه الإجماع كما كان الأمر سابقاً. علماً أن الأمين العام لquot;حزب اللهquot; كان قد صرح أن سلاح المقاومة لا يحتاج إلى إجماع .
إلا أن التطورات ، على ما يبدو جعلت الحزب يغير رأيه ويطالب بالإجماع في البيان الوزاري . من دون أن يغفل أن إثارة كل هذا الغبار ترتبط بالتطورات السياسية الآتية، وتحديدا الانتخابات النيابية التي يتعذر اجراؤها الربيع المقبل ظل السلاح وتحوله جزءا من المعادلة الداخلية من وجهة نظر قوى 14 آذار/ مارس.

تحذير quot;حزب اللهquot;

وكان quot;حزب اللهquot; تعامل حتى الأمس بهدوء مع موضوع البيان الوزاري الذي انتهت صياغته باستنثناء بند سلاح الحزب، إلى أن خرج رئيس كتلة الحزب quot;الوفاء للمقاومةquot; النائب محمد رعد بموقف شديد حذر فيه من سماهم quot;المراهنين على المشروع الأميركي والصهيونيquot; ، قائلاً إنهم quot;يرفضون الإلتزام بحفظ حق المقاومة حتى بعد انكسار شوكة العدو. لقد وقعوا في مصيدة التزاماتهم ويثيرون الضجيج كي يسمعهم من تخلّى عنهمquot;. واضاف: quot;على الاقل لم نقل عنكم لا خونة ولا عملاء ولكن نقول ان خياركم لا ينفع فلا تلزمونا خيارا كهذا فنحن نريد ان نحفظ بقية ماء وجهكم حين ندعوكم إلى القبول بان تكون فقرة تتضمن الحرص على حق المقاومةquot;.

وأنذر رعد بأن عدم التوصل إلى بيان وزاري يعني quot;العودة إلى الإستشارات الملزمة لتعيين رئيس للحكومة، ونتيجة لمكابراتهم قد يعيدون ترشيح (الرئيس) السنيورة رئيساً للحكومةquot;، وقال quot;بلا المقاومة في البيان وبلاكم أنتم أيضاً (...)quot;. وجاراه في ذلك الرئيس بري قائلاً: quot;اذا انتهت المهلة الدستورية لوضع البيان الوزاري ( 30 يوما) سيصار الى اجراء استشارات نيابية جديدة ملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة . انطلاقا من التزامنا بالدستور، سنطلب من الرئيس ميشال سليمان الدعوة الى اجراء الاستشارات اذا انتهت المهلة الدستوريةquot;.

لكن دستوريين أكدوا لquot;إيلافquot; إن عدم التمكن من الإتفاق على البيان الوزاري ليس واردا في الحالات التي لحظها الدستور لاعتبار الحكومة مستقيلة ، وهي وفاة رئيسها أو استقالته، استقالة ثلث الوزراء زائد واحد، حجب الثقة عنها في مجلس النواب، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
فهل يستقيل quot;الثلث المعطلquot; أو quot;الضامنquot; فيكون لبنان أمام عود على بدء؟