تنتشر بالمغرب ظاهرة جديدة لنشر الثقافة الدينية في المجتمع، تتمحور بارساء تعاليم الدين الإسلامي على مجموعة من المرشدات تتلخص مهمتهن بتقديم التعليمات الدينية الأساسية في المساجد، ويقدمن المساعدة في السجون، والمدارس، والمستشفيات... الا ان الخيط الفاصل بين نشر التعاليم الدينية والتشدد يبقى خيطا رفيعا قد يؤدي الى تحول بعضهن الى جهات تدعم التطرف وتغذيه.

الدار البيضاء: تعد خطوة تكوين مرشدات دينيات يعملن في المغرب على نشر الثقافة الدينية في المجتمع الأولى من نوعها، وتهدف الى تدعيم مسلسل الإصلاح الديني وحمايته من التطرف. جاءت هذه الخطوة في سياق quot;إرساء استراتيجية مندمجة وشمولية ومتعددة الأبعاد، تهدف بالأساس إلى تحصين المغرب من نوازع التطرف، والإرهاب، والحفاظ على هويته المتميزة بالوسطية والاعتدال والتسامحquot;، وتراهن السلطات على المرشدات الدينيات للوقوف في وجه الأفكار الناسفة التي تخطط لزعزعة الاستقرار الديني بالمملكة.

وقال محمد أمين الشعيبي، المدير الجهوي للشؤون الإسلامية لجهة الرباط سلا زمور زعير ان quot;اعتماد المرشدات الدينيات هو جزء من استراتيجية شمولية تعتمدها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إدماج المرأة في إصلاح الحقل الديني، وإدراجها في جميع المجالس العلمية البالغ عددها 70، إذ في كل واحدة منها تجد مرشدة أو اثنتينquot;.

وأكد محمد أمين، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن المجتمع كله ينتظم، فكان من الضروري على المؤسسة الدينية أن تنتظم بدورها، لهذا جرى التفكير في أطر تدخل لهذا الحقل بتكوين متميز وتواصل جيدquot;، مشيرا إلى أنهن quot;شابات مكونات بشكل متميز وخطابهن جيد ومقبولquot;.

وذكر المدير الجهوي للشرون الإسلامية أن quot;الشرط الأول في الاعتماد على خدماتهن كان هو أن يكن يحفظن عن ظهر قلب 30 حزبا من القرآن الكريم، قبل أن يجري إخضاعهن إلى تكوين جيد ومركز دام 12 شهراquot;، مضيفا أن quot;المطلوب منهم هو أن يكن قريبات من الناس، إلى جانب قيامهن بعدد من الأنشطة في السجون والخيريات وغيرهاquot;.

وأبرز محمد أمين أن quot;خطابهن المقبول وحسن تواصلهن جعل الطلب عليهن يتزايد، ما دفع الوزارة إلى التفكير في رفع عدد المرشدات المتخرجات كل سنة، هذا مع العلم أنه في كل سنة تتخرج 50 مرشدة، إلى جانب 150 عالم مرشدquot;.

من جهته، قال سعيد لكحل، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، إن quot;مهمة المرشدات تتحدد أساسا في نشر تعاليم الدين الإسلامي السمحة وقيم الاعتدال والوسطية، وفي الوقت نفسه مواجهة تيارات التطرف والتشدد ومحاصرة أنشطتها حتى لا تستغل الفراغ الناتج عن غياب العلماء عن الساحة، وعن التفاعل المباشر مع عموم المواطنين. إلا أن هذه المهمة محفوفة بالمخاطر لأن المرشدات أنفسهن قد يتحولن إلى قنوات لتمرير خطاب متشددquot;.

وأضاف سعيد لكحل، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;سبق لوزارة الأوقاف أن ضبطت مخالفات في هذا السياق، وأوقفت عددا منهن لعدم التزامهن بالتوجيهات الرسميةquot;، مبرزا أن quot;قناعة المرشدات الدينية لا يمكن التحكم فيها أو اكتشافها قبل تغلغلها في نفوس، وصفوف المتعلمات، أو المترددات على الدروس والمحاضراتquot;.

وأوضح الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية أن quot;مهمة المراقبة صعبة جدا وتتطلب أطقم بشرية هامة لا من قِبل للوزارة أو المجالس العلمية بها، بل إن المرشدات أنفسهن غير محصنات من السقوط في حبائل المتطرفين واعتناق عقائد الغلو والتشددquot;.

يشار إلى أن هؤلاء المرشدات يقمن بتقديم التعليمات الدينية الأساسية في المساجد، كما يقدمن المساعدة في السجون، والمدارس، والمستشفيات، لكن لا يسمح لهن بإمامة صلاة الجمعة.

وأعلن في المغرب، في وقت سابق، عن إعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من خلال quot;إحداث مديرية التعليم العتيق وأخرى مختصة بالمساجدquot;.