مختصة لإيلاف: الظاهرة في تصاعد متنام وخطير
الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال بالمغرب.. أرقام وحوداث مقلقة

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تسير الحكومة المغربية نحو الزيادة في سرعة تحركها لمواجهة ظاهرة الاستغلال الجنسي ضد الأطفال، التي بدأت تسجل أرقاما مقلقة. وتكللت هذه التحركات بعقد وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والطفولة والتضامن، نزهة الصقلي، اجتماع، اليوم الاثنين، مع كافة الجمعيات العاملة في ميدان حماية الطفولة من الاعتداءات الجنسية بهدف التفكير في وضع استراتيجية للوقاية ومساعدة الأطفال ضحايا هذه الاعتداءات. وجاءت هذه الخطوة، حسب الوزارة، عقب زيارة لمركز المحمدية للحماية الاجتماعية بالرباط، الذي يأوي نزلاء مركز الاستقبال الخاص بالفتيات الصغيرات في وضعية صعبة بسلا، والذي أغلق إثر قضية اعتداء جنسي قام به مسؤول إداري بهذا المركز.

وفي آخر تقرير حول الظاهرة، تشير الإحصائيات إلى أن عدد حالات تعرض الأطفال للاستغلال الجنسي في المغرب، خلال السنة الماضية، بلغ 306 حالات، بارتفاع 536 في المائة مقارنة مع العامين 2006 و2007. وانتقل عدد الأطفال المعتدى عليهم جنسيا، حسب التقرير الصدر عن جمعية quot;ماتقيش ولديquot; (لا تلمس إبني)، من 20 في العام 2006 إلى 50 في العام 2007، ليصل إلى 306 حالات، منها 166 حالة تتبعتها الجمعية، و140 حالة quot;استقتها من تتبعها للظاهرة في وسائل الاعلامquot;.

وذكر أن الفئة العمرية حتى 8 سنوات هي الأكثر عرضة للاعتداءات من بقية الفئات العمرية الأخرى للأطفال، بحكم السن، والأهلية، وقابليتها للإغراءات والإكراهات المادية والرمزية.
ويرى مهتمون أن الظاهرة بدأت تأخذ طابعا وتحولا مغايرا لما كانت عليه في السابق وبدأت تكتسي شكلا بنيويا، إذا أنها مرتبطة من جهة quot;بجزء من السياحة التي تشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني وبالطابع المنظم الذي بدأت تأخذه لارتباطها بشبكات ومنظمات إجرامية تجعل من دعارة الأطفال تجارة تتجاوز حدود المغربquot;.

وقالت نجاة أنور، رئيسة جمعية quot;ماتقيش ولديquot;، quot;لقد اشتغلت الجمعية لما يزيد على أربع سنوات على جميع ملفات الاعتداء، وتوزع هذا الاشتغال بين المؤازرة أمام المحاكم، والبحث عن إمكانيات ﻹعادة ﺇدماج الضحايا٬ وتنظيم حملات تحسيسية بتنسيق مع جميع المهتمين. وحضي هذا الاشتغال بتتبع إعلامي مكثف وطني و دولي، مكتوب و مسموع، ومرئي٬ مما أعطى للجمعية ﺇشعاعا و مصداقية كبيرينquot;.

وتهدف الجمعية quot;للوصول مع جميع المهتمين ﺇلى بلورة استراتيجية تروم ﺇيجاد مناخ ملاءم للطفل تربية، وعيشا، و كرامة. و استنفار جميع الوسائل و الأدوات لبلوغ هذا الهدفquot;. كما تناضل، تضيف رئيسة الجمعية، quot;من أجل ملائمة القانون الوطني فيما يخص حقوق الطفل مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وكذلك الحد من ظاهرة استغلال الأطفال بشكل عام، والاستغلال الجنسي بشكل خاصquot;.

وذكرت أن quot;الإحصائيات المتوفرة لدينا بلغت 306 حالة اعتداء جنسي على الأطفال، خلال السنة الماضية، 166 حالة من مجموعها تبنتها الجمعية واشتغلت عليها على امتداد سنة 2008، و140 حالة اعتداء استقيناها مما نشرته وسائل الإعلام المغربية في إطار تتبعنا للظاهرة) موزعة على 56 منطقة من مناطق المغرب، وهو رقم يتجاوز ستة مرات ماجاء به تقرير (الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال) إلى حدود منتصف سنة 2007، وبنسبة 536 في المائة، ما يدل على أن الظاهرة في تصاعد متنام وخطير، بحيث أصبح اﻹعتداء الجنسي على الأطفال شاملا وممتدا على الصعيد الوطني، ومنظما في بعض الأحيان داخل شبكات للإتجار بأجساد الأطفال في إطار الدعارة، كما هو حاصل في المدن المغربية الكبرىquot;.

أجراس الخطر التي تدق في كل مناسبة محذرة من تنامي الظاهرة، تجعل المهتمين يضعون مجموعة من علامات الاستفهام حول إدخال تعديلات على الآلة القانونية، إذ يؤكدون على ضرورة تشديد العقوبات، وهو ما يقتضي إعادة النظر في القانون الجنائي، ولما لا يكون قانونا خاصا للسياحة الجنسية، كما هو الشأن في بعض الدول التي تعاني من هذا المشكل، إذ إنها تنزل عقوبات حبسية وغرامات.

وفي هذا الصدد يقول محمد طارق السباعي، محامي بهيئة الرباط، quot;القانون المغربي يحمي الطفولة، لكن أمام العديد من التدخلات التي يقوم بها المقترفون لمثل هذه الجرائم ضد الأطفال يبطل مفعول القانونquot;. وأكد طارق السباعي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، على ضرورة تشديد العقوبات الحبسية وفرض غرامات كبيرة فيما يتعلق بانتهاك عرض الأطفال، مشيرا إلى أن quot;الطفولة عندنا في المغرب لا يعطاها العناية الكافية. والمشكل أن المسطرة القانونية لا تأخذ مجراها في بعض الحالاتquot;.

يشار إلى أن ما وقفت عليه الوزارة، خلال زيارتها إلى مركز المحمدية للحماية الاجتماعية، دفعها إلى توقيع اتفاقية شراكة يجري من خلالها تخصيص اعتماد مالي يصل إلى 250 ألف درهم للمركز، من أجل تمكينه من توظيف ست مساعدات اجتماعيات، وأطباء نفسانيين، لضمان المتابعة الصحية لكل الفتيات النزيلات. وكانت الوزراة قررت، في 8 أيار (مايو) الماضي، وبشكل احترازي، إغلاق مركز الاستقبال الخاص بالفتيات الصغيرات في وضعية صعبة بسلا، في انتظار استكمال التحقيق مع مسؤول إداري يتابع بتهمة الاعتداء والتحرش الجنسي.