اختفاء جثتيهما يثير حنق ذويهم
قضية الطفلين المغربين في السعودية تدخل عامها الثالث


إيلاف من الرياض: قبل عامين وعدة أشهر، شاء القدر أن يلقى طفلان مغربيان مصرعهما في إحدى المستشفيات السعودية نتيجة خطأ طبي، ومنذ ذلك الحين يسعى والدا الطفلان حبيبة وزياد إلى معاقبة المخطئ، عبر رفع دعوى قضائية ضد مستشفى دار الشفاء ومجمع الرياض الطبي- الشميسي- في العاصمة الرياض.

وجرى خلال الفترة الماضية عقد الجلسات على مدى عامين، مع استمرار غياب المدعى عليهما، ليضطر والدا الطفلان أن يتوجها للأمير سلمان بن عبد العزيز، حاكم منطقة الرياض، ليطلبان تدخله شخصيا، ليوجه الأمير سلمان بتشكيل لجنة عليا لمتابعة القضية، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى وفاة الطفلين.

إلا أن الأحداث التي تلت توجيه الأمير سلمان، جعلت القضية مرشحة للتصاعد أكثر، خصوصا مع اختفاء جثتي الطفلان من ثلاجة الموتى قبل أربعة أشهر، ودون علم ذويهم، وهو ما أصاب عائلة الطفلان المتوفيان بالصدمة والذهول.

نبحث عن الحقيقة ونثق أن صوتنا سيصل للعاهل السعودي

ففي هذا الجانب يتحدث محمد معتصم عم الطفلة -حبيبة- قائلا: نحن طالبنا بإجراء تشريح لجث الأطفال، لنعلم حقيقة موتهما، وبدأ ذلك في عهد وزير الصحة السعودي حمد المانع ولكن الشؤون الصحية لم تعمل شيء، فلجأنا لسمو الأمير سلمان الذي اهتم بالموضوع كثيرا.

ويضيف: تم تكوين لجنة تحت مسمى الطب الشرعي، التي طلبت حضور الطرفين، المدعي والمدعي عليه، ولكنهما لم يحضرا، لا دار الشفا ولا مجمع الرياض الطبي ndash; الشميسي-، وفي الجلسة الثانية بعد 3 أشهر لم يحضر أي مندوب أو وكيل عن المدعي عليهما أيضاًquot;.

ويكمل: طوال هذه الفترة، كنا نعتقد أن جثتي طفلينا في ثلاجة المستشفى، ولكننا اكتشفنا- لاحقا- أننا كنا على خطأ، فحين ذهب أخي ndash; والد الطفلة حبيبة- إلى المستشفى ليزور ابنته ndash; كما اعتاد منذ وفاتها- اكتشف أن جثتها غير موجودة، وحين سال أين ذهبت جثتها اخبره المشرف على الثلاجة أن هناك عناصر من الأمن أخذت الجثتين وطلبت منه ألا يعطي أي تفاصيل حول هذا الأمرquot;.

ويضيف: quot; التحقيق الذي تجريه اللجنة حاليا، يدور حول الحقنة التي أخذها الأطفال، والتي أدت إلى وفاتهما، كما إنني استغرب كيف يخرج الطبيبان اللذان تسببا بالوفاة- مصري وأردني- خارج المملكة، رغم وجود قرار يمنعهما من السفرquot;.

والدا الطفلان: نتمسك بحقنا في معاقبة المسئولين عما حدث

من جهة أخرى، أكد والدا الطفلان المتوفيان عبد الوهاب معتصم والد الطفلة حبيبة و يوسف السجيني والد الطفل زياد، في حديثهما لإيلاف بأنهما طالبا السلطات المعنية بالمملكة العربية السعودية على أعلى المستويات بإجراء تحقيق شامل و دقيق حول ملابسات وفاة الطفلان، اللذان توفيا في مستشفى دار الشفاء و مجمع الرياض الطبي بالعاصمة الرياض.

ويؤكدان: بعد أن ظلت تتقاذفنا الإجراءات الروتينية من دائرة لأخرى بين الصادر و الوارد طيلة فترة أربعة عشرون شهراً دون الإعلان عن نتيجة التحقيق النهائي الذي دخل سنته الثالثة، طالبنا الجهات المعنية بهيئة الطب الشرعي بالرياض بضرورة تكوين لجنة ثلاثية محايدة لإجراء تشريح للجثتين، و الوقوف على السبب الحقيقي وراء وفاة طفلينا، ها نحن اليوم نتلقى طعنة أخرى حين فوجئنا بأن جثة حبيبة و جثة زياد قد اختفت من ثلاجة الموتى منذ فترة بعيدة، دون أن يكون لنا علم بذلك و دون أن نتمكن من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على طفلينا أو عمل جنازة لهما و دون حتى من أن نتمكن من غسلهما و الصلاة عليهما.

ويواصلان: عند الاستفسار عن مصير جثتي طفلينا من المشرف عن ثلاجة الموتى بالعاصمة الرياض، امتنع هذا الأخير عن إفادتنا بأية تفاصيل مكتفياً بالقول أن عناصر من quot; السلطات الأمنية quot; بالرياض حضرت إلى ثلاجة الموتى و أخذت جثتي الطفلين و أمرته بعدم الإفصاح عن الموضوع و عدم إعطاء أية مستندات أو معلومات لوالديهما؟ ومن ثم فإن التغاضي عن موافقة الأسرة أو إشعارها، ينطوي على اعتداء صارخ لحقوقهم المعنوية وللاحترام الأدبي الواجب نحو الأموات.

ويكملان القول: quot; نحن نتمسك بحقنا في المطالبة بمعاقبة المسئولين عن هذه الحادثة، وإعادة جثتي طفلينا إلى ثلاجة الموتى، ومعاودة الكشف عليهما من قبل لجنة ثلاثية محايدة من الطب الشرعي للوقوف على السبب الحقيقي وراء وفاتهما، و التأكد مما إذا كانت أعضائهما قد سرقت منهما، على أن يحتفظ بهما بثلاجة الموتى ريثما يتم الانتهاء من إجراءات التحقيق نهائياً، ومحاسبة الطبيبان المسئولان عن الوفاة، و من تم ترحيلهما إلى بلدهما المغرب على حساب من اعتدى عليهما، كي نتمكن من إقامة جنازة محترمة لهما، و دفنهما في مقابر مغربية تكريما و احتراماً لهماquot;.

وختما حديثهما بالقول: نطالب السفارة المغربية بالرياض بتحمل مسؤوليتها تجاه أبناء الوطن من الأحياء و الأموات .

الدكتور خالد مرغلاني: ثوابت المملكة واضحة

وتوجهت quot; إيلافquot; بالسؤال للدكتور خالد مرغلاني، المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية حول هذه القضية فقال: أي قضية فيها جانب شرعي، فإن الجهة الوحيدة المخولة في الحديث عنها هي وزارة العدل، التي تمثل الشرع هنا. حيث يقوم وزير العدل- وليس وزير الصحة- بتعيين قاضي للجنة تسمى لجنة الهيئة الطبية لمتابعة مثل هذه القضايا وتحديد الجلسات لها، حيث يطبق القاضي الشرع هنا.

وفي حال لم يرضى أي من الطرفين في الحكم الصادر، يحق له أن يرفضه وترفع لهيئة ديوان المظالم، حيث يتظلم في الحكم ويصدر لاحقا إما تأييدا للحكم أو نقضا له، ويعاد العمل في القضية من جديد. وهذه الإجراءات التي تتم في كافة القضايا الخاصة بالأخطاء الطبية في ديوان المظالم.

وحول الحديث عن اخذ جثتي الطفلين من ثلاجة المستشفى دون الرجوع لذوي الأطفال، قال مرغلاني: quot;طبعا لا علم بهذه التفاصيل، ولكن ما أعلمه أنك حين تطلب تدخل أمارة منطقة الرياض في مثل هذه القضايا، لابد أن تعبي نموذج في إمارة الرياض توضح فيه كافة الملابسات وبهذا النموذج تعطي الاماراة الصلاحيات لتتابع قضيتك وتعرف إن كنت ظلمت أم لم تظلمquot;.

quot; قد يكون ما حصل هو إجراء يهدف إلى كشف الحقيقة وإيجاد دليل ثابت حول وفاة الطفلين، وقد يكون في صالح ذوي الأطفال، والمملكة بلد يدين بالإسلام ولديه قضاء منزه والتصرف الذي حصل بلا شك كان يهدف إلى إظهار الحقيقة وإعطاء كل ذي حق حقهquot;.

وختم حديث العام لإيلاف بالقول: quot; والمملكة لديها ثوابت واضحة لا احد يستطيع أن يتحدث حولها، وهي حق من حقوق المواطن والمقيم، ونعلم جميعا أن أي شخص يفقد عزيزا عليه فإن ملايين العالم لا تعوضه، ولكنه خطأ وارد ويحدث في كل مكانquot;.