من المتوقع أن تشهد أروقة الأمم المتحدة سجالاً حول موضوع حقوق الإنسان في مصر، بعد أن قدمت 16 منظمة حقوقية مصرية تقريرًا للمجلس الدولي لحقوق الإنسان ردًّا على تقرير حكومي سابق تقدم به المجلس القومي المصري. وفيما استبعد بهي الدين حسن الناشط الحقوقي لـ quot;إيلافquot; أن تؤخذ اجراءات ضد مصر بسبب انتهاكاتها، اشار الى ان التقرير يهدف الى تقديم صورة أكثر شمولية عن الوضع الحقيقي للحريات في مصر وفضح ادعاءات النظام.

القاهرة : من سيكسب جولة حقوق الإنسان في مصر في الأمم المتحدة؟ أيهما سيكون الأكثر تأثيرًا، المعارضة أم الحكومة؟... سؤال فرض نفسهبعد أن رفعت 16 منظمة حقوقية مصرية تقريرًا إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن حالة حقوق الإنسان في مصر، ردًّا عن التقرير الحكومي الذي قدمه المجلس القومي لحقوق الإنسان الشهر الماضي عن حالة حقوق الإنسان في مصر تمهيدًا للمناقشة الدورية الشاملة المقرر أن تعقد في شهر شباط - فبراير القادم.

ويستعرض التقرير الذي أعلن أمس خلال مؤتمر صحافي بمركز هشام مبارك للقانون الحالة الحقوقية ووضع الحريات في مصر . ويشير الى تدني حقوق الإنسان وحالة الحريات والديمقراطية بمصر بصورة بالغة، كما يتوجه بانتقادات قاسية للدولة محمّلاً إياها المسؤولية وراء تدهور الأوضاع الحقوقية على كافة الأصعدة، واصفًا الدولة بالـquot;بوليسية quot; ويحكمها قانون الطوارئ والأمن منذ بداية حقبة الرئيس مبارك عام 1981 . وأشار الى ضلوع الأمن في تحديد كافة مسارات الحياة وتحكمه في كل شيء، quot;من تعذيب المواطنين في السجون الى تدخله في شؤون المؤسسات كافة بالدولة التعليمية والأهلية والسياسية والدينية، حتى القضائية بتعطيله الاحكام القضائيةquot; .

وقال بهي الدين حسن الناشط الحقوقي البارز مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان quot;لإيلافquot; على هامش المؤتمر انه لا يتوقع أن يتخذ موقفًا ضد مصر من قبل المجلس الدولي لحقوق الإنسان، معتبرًا ان هذه الأمور تؤدي فيها quot;الاعتبارات السياسيةquot; دورًا كبيرًا، ومن المؤكد ان quot;مصر ستحظى بمساندة من قبل الدول الاستبدادية او التي تعاني من سجل متدنٍّ أيضًا في حقوق الإنسان او الدول الفاعلة بمجلس الأمن الدولي التي ترتبطها بمصر بمصالح مشتركة معهاquot; .

لكن هذا التقرير يعبر عن موقف المجتمع المدني المصري تجاه استئثار المجلس القومي لحقوق الإنسان وعدم إشراك منظمات المجتمع المدني الأخرى في إعداد التقرير ، quot;بغرض تجميل صورة الحكومة حقوقيًاquot;، وفق نظرة بعض الحقوقيين المصريين، الذين ينظرون الى المجلس quot;كديكورquot; أسسته الحكومة للإيحاء بأنها تهتم بحقوق الإنسان.

ويهدف التقرير الىquot; تقديم صورة أكثر شمولية عن الوضع الحقيقي للحريات في مصر وفضح ادعاءات النظام الذي يقول تقريره ان مصر تحقق تقدمًا في حقوق الإنسانquot;، وفقًا لبهي الدين حسن.

ووفق ما ذهب معدو التقرير فإنه استغرق إعداده 6 أشهر من العمل المشترك بين 16 منظمة، ويتناول الأوضاع الحقوقية في السنوات الأربعة الماضية، وينقسم حسبما قال حسام بهجت مدير المنظمة المصرية القومية للحقوق الشخصية ، إلى قسمين الأول يلخص نظرة عامة عن الأوضاع الحقوقية ، والثاني يتناول تقييم الأوضاع، ويتطرق الى الانتهاكات التي تحدث وتحليلا لها، ويخلص الى أنها ناتجة عن غياب الإرادة السياسية لمعالجتها و تغلغل الأجهزة الامنية وتفاقم الفوارق الاجتماعية ، ما أدى الى خروج المواطن عن دارة اهتمام المسؤول .

وعلى الرغم من اتخاذ الدولة عدد من الإجراءات القانونية لدفع حقوق الإنسان والحريات في مصر، إلا ان القائمين على التقرير لا يروا هذه الإجراءات مؤثرة على المناخ الحقوقي في البلد الذي quot;يعاني أغلبية سكانه من الفقر واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراءquot;، على حد إشارة التقريرـ مضيفًا ان التعديلات الدستورية وخاصة المادة 179 رسخت الأوضاع الاستثنائية وتجاهل القضاء الطبيعي بمحاكمة من تريدهم الدولة أمام محاكم استثنائية مثل امن الدولة طوارئ والمحاكم العسكرية، وهو ما يؤثر على مناخ الحريات .

كما انتقد التقرير الأوضاع في السجون مشيرًا الى ان التعذيب يمارس بشكل روتيني فيها والمقار الأمنية وأماكن الاحتجاز وفي الشوارع والطرق العامة ضد المواطنين وينتج أحيانا حالات وفاة. كما سلط الضوء على الجوانب الاقتصادية والمشاكل التي يعانيها اهالي سيناء والنوبة من ناحية تملك الاراضي وتعامل الدولة معهم.

وإضافة الى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، احتلت أوضاع حرية الدين والمعتقد جزءًا من التقرير ، الذي اشار الى استمرارها في التراجع واتهم الحكومة بالتمييز ضد الأقباط من ناحية ترميم وبناء الكنائس وعدم المساواة في حصولهم على الوظائف العليا والمجالس النيابية.