السجال السياسي الداخلي بشأن ديون العراق يتصاعد بقوة

صباح الخفاجي من بغداد: قبل 19 عامًا عبرت القوات المسلحة العراقية حدود بلادها الجنوبية مع دولة الكويت في اكبر عملية غزو دولة عربية لدولة شقيقة شهدها التاريخ العربي الحديث. ثم تم ضم الكويت للعراق كمحافظة تاسعة عشر. وفي ذكرى الغزو يقف البلدان على حافة أزمة سياسية حادة قد تشعل الخلاف وتعيده للخلف بعد سنوات من محاولات نسيان الماضي منذ عام 2003 لكن لما يزل العراق يئن تحت عقوبات مابعد الغزو والكويت تقف خائفة من معاودته مع تعالي أصوات متطرفة من الجانبين. إيلاف التقت عددًا من الساسة العراقيين اتفقت غالبية آرائهم على عدم جدوى البحث في اعتبار الكويت جزءًا من العراق والاعتراف بها كدولة مستقلة ذات سيادة. وفي تجدد الذكرى السنوية لغزو العراق للكويت في الثاني من اب عام 1990 فقد اعتبرت أن الخطأ المتمثل في غزو العراق للكويت قابله خطأ آخر اقترفته الكويت نفسها بحق العراق والعراقيين.

لكن النائب آلا الطالباني أصرت على عدم استخدام مفردة ذكرى لوصف الغزو العراقي للكويت لان الذكرى مفردة تنطبق على الأحداث السعيدة او المؤلمة التي حدثت في الماضي وقالت: لا يجوز ان نقول ذكرى الغزو العراق للكويت لان كلمة ذكرى تعني ذكريات سعيدة او ذكريات محزنة سعيدة..لكن غزو العراق للكويت عام 1990 يعتبر خطأ وحدثًا خاطئًا جر المنطقة والعراقيين إلى معاناة ما زالت مستمرة.

وفي تصريح لإيلاف قالت االنائبة الطالباني: ان الحزب الدكتاتوري الحاكم المتمثل بصدام حسين وحكومته انفردت بكل شيء كما انفردت في القيام بهذا الحدث الخاطئ. واستبعدت الطالباني ان غزو صدام حسين للكويت ساعد في إسقاطه. وقالت: ربما دفع غزو صدام للكويت المجتمع الدولي الى التنبه لسلوك وتصرفات صدام. لكني أرى ان فكرة ان غزو صدام للكويت ساعد على إسقاطه فكرة غير دقيقة. وهي قراءة غير صحيحة لأن نظام صدام ارتكب أبشع الجرائم بحق أبناء شعبة وبحق اقرب المقربين إليه.

واضافت: ربما كان صدام حسين ديمقراطيًا في توزيع ظلمه على الآخرين... رغم إجماع العالم والمجتمع الدولي على ان ما قام به نظام صدام حسين هو خطا من ضمن أخطاء كارثية ارتكبها بحق شعبه-لكن غزو صدام للكويت جلب الكوارث للمنطقة- واسقط قتلى وخلف دمارا هائلا. وتساءلت quot;لماذا يتوجب على الشعب العراقي اليوم دفع نسبة كبيرة من نفط العراق كتعويضات للكويت. ما هو ذنب العراق والشعب العراقي ليدفع هذه النسبة الكبيرة.

ورفضت النائب الكردية انشغال بعضهم في نبش الماضي وقالت: العالم انفتح على بعضه وهناك انفتاح اقتصادي كبير وانفتاح علمي واجتماعي وثقافي.على الكويتيين والعراقيين فتح صفحة علاقات جديدة بين الشعبين الجارين. فلماذا نشغل أنفسنا بأحداث تاريخية مضت-علينا فتح خارطة علاقات جديدة بين الشعبين الكويتي.وعلينا ان نبادر الى تبادل الزيارات بين جامعات البلدين، ومنظمات المجتمع المدني وعلى مستوى المؤسسات الحكومية فعل الشيء ذاته.

واعتبر النائب عدنان الدليمي أن غزو الكويت للعراق نكسة عراقية وعربية وقال إن الغزو حصل في غفلة من الشعب العراقي. وأضاف الدليمي لإيلاف :غزو العراق للكويت نكسة ونكبة للعراق ndash;وجلب الغزو الشر للعراق. والغزو حصل في غفلة من الشعب العراقي.

واعترض الدليمي عن بعض الآراء القائلة بتابعية الكويت للعراق وفق المنظور التاريخي قائلا: كنا شبابا ندعو للوحدة وهو أمر لم يتحقق. والآن ننظر للواقع نجد شعوبًا عربية متفرقة ودولاً عربية متفرقة. كانت لنا آمال بخلق وحدة بين الشعوب العربية لكن واقع الحال يقول إن الدول العربية اليوم، دول مستقلة مجزئة ولها سيادة وأي أمر يخالف هذا هو محض خيال. عراق اليوم لا يبتغي سوى الخير للشعوب العربية وخصوصًا الكويت.. التي نتعامل معها على انها دولة مستقلة ذات سيادة وكيان وطريقة في العيش ولها تقاليدها وقوانينها وأعرافها.

وطالب الدلمي الشعب الكويتي بالنظر الى العراق والعراقيين كإخوة لهم. ويجب ان تنظروا للأمام وان تتقبلوا الشعب العراقي وتبادلوه الاحترام لأنه ليس مسؤلاً عن الغزو. ودعى النائب الدليمي الحكومة العراقية لتشكيل لجان لتفعيل العلاقات بين العراق والكويت وقال بهذا الصدد: طالبت في البرلمان بتشكيل لجنة برلمانية مشتركة بين البرلمان العراقي والكويتي وفعلا تم ذلك. وادعو الحكومة العراقية الى تشكيل لجان مشابهة بين الحكومة العراقية والحكومة الكويتية خصوصًا بوجود سفير في العراق وسفير عراقي في الكويت.وهذا شيء ايجابي ويجب استمرار العمل لخدمة الشعبين والحكوميتين العراقية والكويتية..

اما جابر الجابري وكيل وزارة الثقافة فقد وصف ما حدث في الثاني من اب عام 1990 -الحماقة الصدامية التي جنت على المنطقة بكاملها متمثلة بدول الحلفاء و38 دولة حولت المنطقة المستقرة إلى براكين متفجرة انه حدث مؤلم للجميع وأثاره مازالت متفاقمة لم تهدا حتى اللحظة.

ويرى الجابري ان الجريمة الصدامية الي قادت الى غزو الكويت لها فوائد وفق قاعدة رب ضارة نافعة.اذ ساعدت على كشف غي وحماقة ممارسات، وجنون العظمة الزائفة التي كان يشعر بها القائد الضرورة. الامر الذي ادى الى كشف وأسقاط الأقنعة العربية. على مستوى الأحزاب والأنظمة والمنظمات التي كانت تدعم نظام صدام وتدين الشعب العراقي. وحملت العراقيين جنايات وحماقات صدام.

وبدل ان يكون الجلاد هو المسؤول عن هذه الممارسات الطائشة كان الشعب العراقي يعاقب، او تتم معاقبته على ارض عربية وحدود عربية وسجون عربية. وواصل الجابري: ساعدت الجريمة الصدامية على إظهار صوت العراقي المطالب بتغيير النظام واسمع صوته للمجتمع الدولي والمنابر العالمية مطالبًا بتغيير النظام.

ومن حسنات الجريمة الضارة الايجابية الاخرى،مساعدتها على لم شمل المعارضة بالخارج وتوحيد صفوفها الوطنية العراقية بشتى أنواعها الإسلامية الوطنية والقومية-حيث التأمت المعارضة العراقية وتم تشكيل المؤتمر الوطني تحت الخيمة الوطنية الواسعة في مدينة في صلاح الدين وكنت واحدًا من أولئك المعارضين وتم توحيد الخطاب المعارض..

ويرى الجابري ان غزو صدام حسين للكويت ساعد حتى الأوساط العربية التي كانت تعارض وتشكك في نزاهة العمل السياسي العراقي المعارض، وانتمائه وارتباطاته -وأتاحت للشعب العراقي ان ينتفض، وكانت الانتفاضة الشعبانية المباركة واحدة من ثمرات الغزو العراقي للكويت-كان ثمن إزاحة الدكتاتورية باهظا وكان يجب ولابد من دفعه واجبرا العراقيون بقضيتهم العادلة العالم أن يزحف بثمانية ثلاثين دولة لإسقاط النظام الوحشي الدكتاتوري الذي امسك برقاب العراقيين لـ35 سنة..

ورفض الجابري وضع اتفاقية سايكس بيكو على المشرحة وقال لإيلاف بخصوص من يتشبث بالحقيقة التاريخية التي تقول بعائديه الكويت للعراق، والتي ما زالت تلاقي بعض المؤيدين داخل العراق نفسه. لا أريد ان أضع اتفاقية يسايكس بيكو على المشرحة لأنه عفى عليها الزمن. صحيح انها كانت اتفاقية لمشروع تفخيخ المنطقة العربية والإسلامية بعد سقوط الدولة العثمانية.وكانت مشروع نسف دائم للتقارب العربي العربي والعربي الإسلامي. فكانت المحمرة والاسكندورنة ومناطق أخرى، تم تقاسمها بشكل اتفقت عليه جميع الدول وسلمت به.وتحول اليوم الى حقيقية. لكن الحديث ان الكويت هي المحافظة التاسعة عشرة للعراق وان الاسكندرونة تعود الى سوريا-أحاديث لا تفيد ولا يجوز إثارتها بهذه الظروف، لانها لن تعود بالمصلحة على المنطقة. انما تحقق أهداف مشروع تأجيج ونسف ومشاغلة المنطقة بقضايا مثيرة للحساسية. ومثيرة للمشاكل..

وأضاف الجابري المقرب من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية: العراق اعترف بالكويت كدولة مستقلة ذات سيادة وفكرة أن يعود العراق بعد 50 سنة ليطالب بالكويت.فكرة لا تجوز، فهل هذه صحوة الموت ام صحوة الموت الجديد.لا يجوز ولا نريد إثارة او طرحها. ولا نريد ان يتم طرحها كقضية خلاف جديدة بيننا. والكويت دولة صديقة جارة.

لكن الجابري أصر على ان الكويت ارتكبت خطأ كبيرًا بحق العراقيين، بدعمها لنظام صدام وانها دفعت الثمن غاليًا جدًا وأضاف: قد تكون الكويت قد إرتكبت خطأ فادحًا بدعمها لنظام صدام لكنها دفعت الثمن غاليًا، واعتقد ان رسوم هذا الخطأ كانت كافية بعد بعد غزو العراق... لكنه اكد على ان العراقيين لا يريدون معاقبة الجريح، ولا يجوز الإجهاز على الجريح، لأنها ليست بطولة او شجاعة..

وتابع : اقول للكويتيين الكلام نفسهالذي قلته في زياراتي لهم خلال الغزو وبعده : ان العراق كان محتلاً من قبل عصابة البعث في ليلة السابع عشر من تموز عندما اقتحموا القصر الجمهوري،1958 قبل ان يحتل الكويت في عام 1990 من قبل عصابة البعث نفسها- لكن العراقيين حرروا أنفسهم بالدم والتضحية والجهاد...

جريمة عصابة البعث وصدام وأجهزته كانت ثنائية بحق الكويت والعراق... نحن والكويت شركاء في الأسر وشركاء في هذه الجريمة..ونريد اليوم ان نكون مع الكويتيين شركاء في الحرية، وشركاء في الحياة-نريد ان نقول للجميع عفى الله عما سلف..

الكويتيون دعموا صدام حاكمًا طاغيًا ظالمًا دعموه بمليارات الدولارات وكانوا يعتبرونه اعتبروه ولدًا عاقًا. للكويت وهو شعور عند إخوتنا الكويتيين، ودفعوا بسببه ثمنًا كبيرًا. الديون والمستحقات المالية التي يطالب الكويتيون ليست تعويضات مستحقة، بل يطالب الكويتيون اليوم لانهم يريدون استرداد ما صرفوه على صدام أيام دعمهم له. وطالب الجابري بصحوة عراقية كويتية ونصح الكويتيين بعدم ارتكاب الخطأ مرة ثانية وثالثة..وقال ان على الكويتيين مراجعة انفسهم لان العاقل لا يلدغ من جحر مرتين او ثلاثة... وقال:

لا نريد ان يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات ويكفي العراقيون ما دفعوه من دمهم ولحمهم،وعلى الكويتيين ان لا يطالبوا بالمزيد. وألا يطالبوا العراق بأكثر مما أخذتم منه.. وأضاف: ا أيدينا ممدودة الى أيديكم لأننا نريد ان نكون شركاء في هذه الحرية الكبيرة كما كنا شركاء في الأسر الكبير.

اما السياسي علي الركابي عضو الهيئة السياسية في الحزب الدستوري فقال لإيلاف: يمتلك العراق اليوم الكثير من المشاكل والإرهاصات.ولدينا ما يكفي من هموم. وما حدث في الثاني من آب يعتبر حدثاً كارثيًا اسود جر الويلات على الشعب العراقي قبل غيره.

و شدد الركابي على وجوب اعتماد الدبلوماسية والحوار وإيجاد أرضية مشتركة للتفاهم مع الآخرين خصوصًا من تجدد الذكرى السنوية للغزو الكارثي الأسود... وقال: الحوار يستطيع ان يوفر لنا الكثير عوضا عن الشعارات العنيفة والتصعيد الإعلامي... الحوار هو الأساس وقد عانينا ما عنينا مع الآخرين وفيما بيننا.
وأضاف: غزو العراق للكويت أصبح ماضيًا وامرًا عفى عليه الزمن. ولا جدوى من التفكير او العودة إليه بأي حال من الأحوال... لقد دفع العراق الثمن كبيرًا جدًا. ويجب عدم تكرار ما حدث... بل يجب الانفتاح على الآخر، وهو امر مطلوب، والحوار مطلوب داخليًا وبين الساسة العراقيين أنفسهم. ومع الخارج ودول الجوار أيضًا. لأن الحوار هو السبيل لحل كل المشاكل خصوصًا بعد ان اثبت استخدام القوة فشلة ودماره لمستخدميه قبل كل شيء...

ودعى الركابي الى التركيز على الواقع العراقي لأن ما حدث أصبح تاريخًا ماضيًا. لهذا يجب ان نركز على الواقع القائم على الأرض. ولا يمكن التماشي مع الأحلام والرغبات والأوهام -نحن رجال سياسيين نعيش على ارض الواقع وهدفنا العراق ومواطنينا- قبل نظام صدام كان العراقيين يعيشون في بحبوبة ورفاهية لكن اين انتهى بنا المطاف ؟ الوضع اليوم بالعراق مأسوي ولم نحقق شيئًا خلال السنوات الماضية للعراق وللمواطن العراقي وهو امر مفجع.

وطالب الركابي الشعب الكويتي باحترام الشعب العراقي، وعدم تحميله مسؤولية أخطاء ارتكبها نظام صدام لان الشعب العراقي اكبر المتضررين من تلك الأخطاء. النائب اسامة النجيفي قال إن غزو الكويت واحتلالها خطأ تاريخي كبير أثّر على مستقبل العراق والمنطقة. وفتح الباب واسعًا أمام التدخلات الأجنبية في المنطقة العربية. وانتهى باحتلال العراق لاحقًا. وكان شرخًا في الوحدة والعلاقات العربية.

واعتبر النجيفي غزو العراق للكويت ذكرى مؤلمة، وحدثًا سلبيًا في كل الاتجاهات.لأنه أضرّ بالعراق خصوصًا وسبب سقوط العراق بالاحتلال وفي الصراع الدائر حاليًا على ارض العراق.. لكن النجيفي يرى ان هناك أخطاء عربية ارتكبت وساعدت على احتلال العراق وخصوصًا من قبل الكويت التي ساعدت في احتلال العراق.

وقال: الكويت عالجت الخطأ بخطأ آخر بمساعدتها على احتلال العراق وهو أمر اثر على المنطقة اجمعها. وعارض اسامة النجيفي رأي الجابري قائلا: الكويت ساندت نظام صدام في الحرب مع إيران-ولم يقتصر الأمر على الكويت، بل اكثر الدول العربية شعرت بالخطر الإيراني، وخطر تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية على شعوب المنطقة.الكويت ساندت الجيش العراقي في حربه الطويلة مع ايران. لكن الكويت لم تساعد صدام لإرهاب شعبه واضطهاده. لأن نظام صدام كان يمتلك أجهزة أمنية وجيش وقدرات وإمكانات عسكرية..

وشدد النجيفي على سيادة الكويت كدولة مستقلة جارة، اعترف العراق باستقلالها منذ زمان وهي مسالة تاريخية وانتهت ndash;اما الحديث بغير ذلك،فهو محاولة لقلب الأوضاع والأوراق. واقر النجيفي بوجود مشاكل بين العراق والكويت اليوم مثل ترسيم الحدود وحقول النفط المشتركة وقال: انفردت الامم المتحدة بترسيم الحدود بين العراق والكويت دون مشاركة الطرفين المعنيين بالأمر.وهي سابقة خطرة. وهناك مشاكل الحدود المشتركة التي سجلت تجاوزًا من الكويت على العراق. ولدينا أيضًا مشكلة حقول النفط المشتركة

ودعى النجيفي الكويتيين إلى فتح صفحة جديدة بين الشعبين والبلدين.وقال ان العراقيين يكنون الحب والاحترام للكويت لكنه أعلن اسفه لمساندة الكويت القوات الأميركية على احتلال العراق، قائلا: نأسف لما حصل من غزو عراقي للكويت كما نستنكر معاونة ومساندة الكويت للقوات الأميركية في احتلالها للعراق..الخطأ متبادل الخطأ العراقي حدث في عام 1990.والخطأ الكويتي وقع عام 2003.لهذا على الكويتيين والعراقيين الجلوس إلى طاولة المفاوضات.لانه الحل الوحيد.كما ويجب شطب الديون كمبادرة كويتية أخوية لإقامة علاقات طيبة أخوية بين البلدين الجارين..

ويجب ترك روح الثار والانتقام ومعاقبة الشعب-فاذا كان النظام السابق قد اخطا بحق الكويت وهو قد أخطا فعلا فالكويت أخطأت ايضا بحق العراق باستخدام أراضيها، باجتياح العراق ويجب حل الأمور بطريقة تحقق الوئام والسلام للطرفين.