&
واشنطن- تؤكد وثائق سرية اميركية سمح بنشرها للمرة الاولى خلال الاسبوع الجاري ان تسربا لعصيات الجمرة الخبيثة من احد المختبرات العسكرية السوفياتية ادى في نيسان/ابريل عام 1979 الى سقوط 200 الى 300 قتيل في حينه.
وتلقي الوثائق التى كانت ضمن محفوظات الامن القومي الاميركي الضوء على ماساة ضربت مدينة سفيردلوفسك التى اطلق عليها فيما بعد اسم ايكاتنبورغ وهي المهد الذي انطلق منه بوريس يلتسين في مسيرته السياسية التى حملته الى سدة الرئاسة.
وقد اماط اللثام عن هذه الماساة للمرة الاولى يلتسين نفسه عام 1992 مؤكدا ان الوباء الذي شهدته المدينة في اواخر السبعينات كان سببه غبيرات مرض الجمرة الخبيثة التي تسربت من مركز للابحاث العسكرية حول الحرب الجرثومية.
وكانت الحصيلة التى اعلنها الروس في حينه 68 قتيلا.
وتتحدث الوثائق الاميركية التي وضعتها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) والاجهزة العسكرية الاميركية السرية عن كارثة كبرى وتروي كيف عمدت السلطات السوفياتية الى احتجاز العاملين في المركز لمنعهم من الفرار وتحذير السكان من مخاطر انتشار الجمرة الخبيثة.
واستنادا الى الوثائق نفسها فان الاجهزة الاميركية لم تعلم بالماساة الا بعد ستة اشهر من وقوعها بواسطة مهاجر سوفياتي تحدث عن حادث كبير اوقع ضحايا في معهد للابحاث العسكرية في مدينة سفيردلوفسك. والرسالة التى تلقتها الاجهزة الاميركية وكانت تشتبه في ان السوفيات بنوا مركزا للابحاث العسكرية في المدينة، قالت ان "طبيعة الحادث مجهولة وعدد الضحايا يتراوح بين 40 و400 قتيل".
وظل الامر في نطاق التكهن يحيط به الغموض حتى الثمانينات عندما تلقت وكالة الاستخبارات المركزية والاجهزة العسكرية الاميركية الاخرى ما يكفي من المعلومات لتوضيح ما حدث بعد 18 نيسان/ابريل 1979.
في تلك الليلة استفاق اهالي اقليم شكالوفسكي على دوي انفجار وظن معظمهم انه خرق لجدار الصوت قامت به احدى المقاتلات السوفياتية وهو امر كان معهودا. وبعد اربعة ايام نقل سبعة او ثمانية اشخاص يعملون في القاعدة العسكرية المعروفة باسم "القسم 19" بسبب اصابتهم بالحمى مع صعوبات في التنفس.
وقد مات الجميع بعد ساعات فقط من نقلهم الى المستشفى وفق الوثائق الاميركية نفسها. وسرعان ما ارتفعت الحصيلة بعد ستة ايام الى اربعين قتيلا ما حمل السلطات على الكشف عن طبيعة الوباء لكنها عزت رسميا انتشار الجمرة الخبيثة الى تلوث لحوم الابقار.
وقالت السلطات ان حيوانا مريضا ذبح وبيع لحمه بطريقة غير مشروعة في السوق المحلية ما ادى الى الاصابات. ولم يكن يعرف حقيقة ما جرى سوى العاملين في مركز الابحاث العسكري.
وقال التقرير الاميركي ان "العاملين في المركز الذين اصيبوا بالذعر حاولوا الفرار لكن رجال الامن في المركز منعوهم من الفرار واحتجزوهم". واضاف ان "احد اصدقاء مصدرنا روى له ايضا ان العديد من موظفي الوكالات التابعة للدولة ارادوا الفرار من المدينة لكنهم منعوا من ذلك".
وتم وضع المستشفى رقم 20 حيث نقل المصابون تحت اشراف الجيش الذي فرض تعتيما كاملا على ما يجري داخلها. وذكر التقرير ان "سيطرة الجيش واشرافه على المستشفى حال دون معرفة العدد الحقيقي للضحايا الا ان البعض تحدث عن 200 ضحية".
وبسبب عدم وجود محارق كافية للتخلص من جثث الضحايا تم وضعها اولا في مادة الكلورامين لقتل الجراثيم ثم دفنت سرا في غياب ذوي الضحايا.
وللتخلص من هذا الوباء عمدت السلطات الصحية الى رش المبيدات في احياء بكاملها من المدينة والريف المحيط بها فيما قام الجيش بقتل جميع الحيوانات التى عثر عليها في المنطقة بما في ذلك الكلاب لمنع انتشار الوباء ووصوله الى مناطق اخرى.
واستغلت واشنطن الامر في حينه لتتهم موسكو بانتهاك معاهدة 1972 لحظر الاسلحة البيولوجية وهي اتهامات رفضها السوفيات بشدة نافين اي معلومات بهذا الخصوص.