&

القاهرة- نبيل شرف الدين: هناك أكثر من دافع وراء تسجيل شهادة مفتي الديار المصرية الدكتور نصر فريد واصل، ربما ليس أهمها أنه أحد آخر كبار علماء الإسلام الذين زاروا أفغانستان منذ شهور قليلة أثناء أزمة تحطيم تماثيل "بوذا"، بالاضافة إلي أن الأزمة الأخيرة لا تخلو من بعد ديني مهم، فقرار عدم تسليم بن لادن اتخذ من هيئة علماء في أفغانستان.. وهناك سوء فهم يصل أحيانا كثيرة إلي سوء نية للجمع بين الإرهاب والإسلام، وهناك دول إسلامية انضممت إلي تحالف تقوده الولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب وهذا نص الحوار الشهادة، أو الوثيقة :
فاجأني فضيلة المفتي في بداية شهادته عندما قال : أولا كان علي حركة طالبان أن تسلم أسامة بن لادن إلي العدالة لمحاكمته التي تظهر إما براءته أو إدانته وهذا واجب شرعي وديني.
قلت : كيف.. هل تفضلت بتوضيح ذلك ؟
عندنا قاعدة شرعية أصيلة تقول : ارتكاب أخف الضررين واجب شرعي، وكما تري أنه بسبب شخص واحد هو أسامة بن لادن دمرت دولة بأكملها، وعانى شعب أعزل بريء لا ذنب له، وتحزب العالم كله بدوافع مختلفة.. بعضها بدافع العداء لله وللرسول لاغتيال الشعب الأفغاني الضعيف، وبعضها بدوافع البحث عن مكاسب، وبعضها لدرء مخاطر.. وهكذا، لذلك أرى أن تسليم أسامة بن لادن بوساطة الدول الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لمحاكمته محاكمة عادلة، إما تبريء ساحته، أو تدينه فيعاقب علي ما فعل وهذا الأمر أشبه بمن يضحي بنفسه في عملية اسستشهادية من أجل حياة الآخرين.. ألم تسمع عن ضابط أو فدائي يصد دبابة بجسمه ويفجرها من أجل حياة زملائه وإنقاذ وطنه.. هو نفس الأمر في تسليم بن لادن بما يعني ارتكاب أخف الضررين في هذه القضية.

* سألت فضيلة المفتي : هل تثق في عدالة أميركا، ثم ألا تعتبر قتاله ضد الروس جهادا في سبيل الله ؟
* الكل يعرف ما تقول.. وأنا أؤكده قد تتصرف أميركا مع بن لادن بدوافع الكراهية والانتقام .. وربما تملك بعض الأدلة وليس كلها.. لكن المهم هو هذه الحشود المخيفة التي ضربت وتضرب أفغانستان.. ولو كان ابن لادن قد تم تسليمه قبل الحرب، لقطع الطريق على أميركا.. ولما وجدت مبرراً لضرب أفغانستان.. ولا أفهم كيف لم يفكر قادة "طالبان" في هذا الأمر ؟.

* وما هي شهادة فضيلتكم علي مجلس علماء أفغانستان ؟
هؤلاء جماعة من الطلاب البسطاء.. لا يزالون في مرحلة الدراسة معظمهم تقريبا دراستهم غير منهجية يعتمدون في التعلم علي السماع والتلقين وحفظ النصوص ولأنهم لا يعرفون اللغة العربية إلا مجرد حفظ لبعض القواعد النحوية فإنهم نصوصيون في فهمهم للفقه والتفسير ولذلك فهم متعصبون جدا لما يحفظون وليس لما يفهمون.. إنهم لا يعرفون شيئا عن فقه الواقع.. أو فقه النص أو المصالح المرسلة.. أضف إلي ذلك أنهم درسوا الفقه الحنفي باللغة الفارسية كما درسوا الدعوة الوهابية التي وصلت إليهم عبر الجامعة الإسلامية التي انشئت في باكستان وهي دعوة معروفة اسسها محمد بن عبد الوهاب لمناهضة بعض الأفكار مثل بناء المساجد في القبور وزيارة أضرحة الأولياء المهم أن هذا الفكر أثر عليهم أو فيهم فصاروا متعصبين لما يحفظون من النصوص أو لما سمعوا من آراء ظنوها أنها أصل الفقه وأساسه.

* تقول فضيلتكم إنهم تعصبوا لعدم معرفة العربية هل معرفة اللغة العربية شرط لدراسة الفقه والتفسير؟
نعم دراستها شرط اساسي ورئيسي لأن القرآن تنزل بلسان العرب وهذا اللسان العربي أحد ركائز التفسير ودراسة الفقه كما أن حذق العربية أحد وسائل أصول الفقه للوصول إلي الفقه كما أن كل العلوم الإسلامية وسائل توصل إلي معرفة الشريعة.. إذن الفقه الذي يعرفونه ليس هو الفقه الشرعي وإنما هو فقه يفهمونه بطريقتهم هم.
لذلك أري أن جهل هؤلاء الجماعة أوقعهم في البأس والشدة أوصلهم إلي العزلة عن العالم حتي وصل الأمر إلي هذه الحشود العسكرية المتوعدة بهم.. لذا فهؤلاء الطلاب في مجلس العلماء يحتاجون إلي دعم من علماء المسلمين لتنويرهم والوقوف إلي جانبهم حتي يخرجوا من مأزقهم الذي دخلوه بارادتهم أو بغيرها..

* وما رأيك في أمير المؤمنين الملا عمر وأمارته ؟
هو أمير علي جماعته فقط.. وهذا أيضا من أسباب تعصبهم للنص إذ يقرأون أن الحاكم لابد أن يكون أميرا.. وتوقفوا عند النص ولا يعرفون أن الملك يساوي الرئيس يساوي السلطان يساوي ولي الأمر.. لكن فكرهم هو فكر الجماعات الإسلامية التي تبنت فكرة الإمارة وهو فكر مغلوط وعلي كل حال فالملا عمر أمير علي جماعته وهو حر في إمارته تلك!

* وكيف رأيت أفغانستان؟
بلد بدائي جدا إلي أقصي ما تتصوره، والناس فقراء للغاية، والحياة صعبة، المواصلات سيئة، المساكن بدائية، الطعام بدون ترف إنهم فقراء متعصبون يعانون شظف العيش، وهم يحتاجون إلى الرعاية والتعلم، أكثر من حاجتهم للأسلحة والحروب والاقتتال الداخلي أو الخارجي.