لندن ـ نصر المجالي: علم من مصادر ذات صلة بالقرار الشرق الأوسطي ان الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل طلبتا من الاردن ارسال قوات لحفظ السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين في المرحلة المقبلة تمهيدا لوضع ارضية صالحة للتفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين وصولا الى اقرار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
وفي القرار الذي له ابعاد دولية مؤيدة فان الاردن يعود الى ضفته الغربية التي شكلت النصف الثاني من المملكة على مدى قرون مضت باسهام دولي تحت قرار حفظ السلام.
واتحدت الضفتان في العام 1951 تحت مسمى المملكة الاردنية الهاشمية، ولكن ضياع الضفة الغربية ومعها القدس الشرقية جعل الولاية الهاشمية على الضفة الغربية امرا بعيد المنال مع تصاعد الحس الوطني الفلسطيني في المنافي وعبر انتفاضتين دمويتين.
وقالت المصادر لـ "ايلاف" ان الطلب تقدمت به مصادر اميركية مؤيدة بموافقة اسرائيلية، وكذلك فلسطينية من جانب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في الاسبوع الأخير.
والحاكم الشرعي السابق يعود الآن بقرار محكوم دوليا لحفظ وصون الأمن والاستقرار وهو لا يتصل بالعمليات الانتحارية التي شهدتها القدس وحيفا في اليومين الأخيرين ولا باعمال العنف من كلا الجانبين على مدى سنتين متتالين.
لكنه قرارا كان مدار بحث جدي على مستويات قرار عليا في عواصم غربية مثل واشنطن ولندن، وعواصم عربية مثل الرياض والقاهرة. اذ من سيتمكن من اعادة الامور الى نصابها انسانيا واجتماعيا غير قوة لها صلاتها في الواقع الانساني الفلسطيني اولا.
ويشكل الفلسطينيون غالبية عظمى في النسيج الاردني، وهم مواطنون يحملون جنسيته وجواز سفره وجميع كل الحقوق الممكنة حتى تولي رئاسة الحكومة، وهم عماد ذلك البلد العربي الصحراوي اقتصاديا.
وللاردن علاقات استراتيجية وجيوبولوتيكية مهمة في حال قيام دولة فلسطينية مستقلة على الشطر الغربي من نهر الاردن، اضافة الى اراضي قطاع غزة حيث مقر السلطة الوطنية الفلسطينية حاليا.
وينتظر الاردن الرسمي أي قرار دولي حاسم في شأن اقامة دولة فلسطينية مستقلة ليتسنى له التعامل معها على نحو فيدرالي او كونفدرالي يخدم مصلحة الجميع وقد يضم ذلك الاتحاد اسرائيل ان ارادت العيش في المنطقة كجزء منها.
وتم عرض ارسال قوات اردنية تعني في مسائل حفظ الامن والاستقرار للجانبين الفلسطيني والاسرائيلي سواء بسواء خلال محادثات العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني قبل اربعة اسابيع مع الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش في واشنطن.
كما تم تبادل الراي حولها خلال محادثات العاهل الاردني قبل اسبوعين مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في اطار الزيارة الرسمية التي قام بها العاهل الهاشمي الى المملكة المتحدة قبل اسبوعين.
وحين عرض الراي على القيادة الفلسطينية خلال الاسبوعين الماضيين ابدت ترحيبا كاملا بوجود قوات شقيقة لها وصديقة للطرف الآخر (اسرائيل) لمراقبة اية هدنة من جانب والحفاظ على عدم الاختراق الامني من أي جانب للطرف الآخر.
وقاتل الجيش الاردني لفترات متلاحقة الاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، فهو قاتل الاسرائيليين في حربي العامين 1948 و1967 ، كما قاتل الفلسطينيين فيما كان يسمى ايلول الاسود في العام 1970 .
وظلت القوات الاردنية المسلحة مكتسبة احترام اعدائها من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي كقوات محترفة لا اهداف لها سوى الابقاء على استقلال المملكة الهاشمية وسيادتها.
وفي محادثات العاهل الهاشمي في الاسبوع الماضي مع القيادة السعودية عرض عليها ما طلب من قواته القيام به مستقبلا، وقال مصادر مطلعة لـ "ايلاف" ان الرياض قالت للعاهل الهاشمي ان ما "سيقوم به جيشكم مؤيد من جانبنا لنه هو جيشنا الذي نفتخر به ونعتز فهو خلاصة القوة والبقية القادرة على الصمود في اطراف الجزيرة العربية لتحقيق مهمات سلمية".
وحرص العاهل الاردني على ان يقدم للعاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز وولي عهده الامير عبد الله بن عبد العزيز والى قادة اركان الجيش السعودي نظرائهم العسكريين الاردنيين في المحادثات في نهاية الاسبوع الماضي، كما قدم ايضا لهم في كل شفافية قادة اجهزة الاستخبارات والمخابرات.
وعلمت "ايلاف" ان الاجراءات الامنية التي تتعهد بها الولايات المتحدة مستقبلا من اجل اقامة هدنة تقود الى ارضية للتفاهم سياسيا بين الاسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن ان تتم من دون رادع امني مقبول لكلا الجانبين.
واشارت مصادر مطلعة الى ان قوات من الجيش الاردني الذي يعرف تماما استراتيجيات الطرفين المتنازعين كما انه يعرف جغرافية الارض الفلسطينية قادرة على القيام بمهمة الحكم بين المتخاصمين.
وقد اطلع العاهل الاردني في محادثاته التي امتدت لساعات طويللة مع الرئيس المصري حسني مبارك على ما عرض عليه دوليا القيام به، وافادت المصادر ان الرئيس المصري قال للعاهل الهاشمي "مادامت عاصمة كبيرة مثل الرياض توافق فعلى بركة الله، وعلى الأقل فهناك قوات عربية نثق بها ويثق بها اخوتنا الفلسطينيون كما يثق بها الجانب الاسرائيلي في تحقيق الرقابة على الطرفين المتنازعين في هذا الصراع".
والى ذلك، فان مخطط التسوية الدولي الذي تهدف اليه الولايات المتحدة وحلفاؤها هو تطبيق قراري مجلس الامن الدولي الرقمين 242 و 338 وارضيتهما الارض في مقابل السلام، وصولا الى قيام دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرئيل مع كفالة الامن والاستقرار لكافة دول المنطقة ضمن حدود آمنة ومعترف بها.
وعلى صعيد متصل، فان الاردن الذي يقوم حاليا بدور حافظ السلام بقرار من هيئة الامم المتحدة في مناطق عديدة من العالم من سيراليون وكرواتيا والبوسنة وارسل قواته الى هناك،& وهويستعد الى ارسال الف نفر من قواته الى افغانستان كان رادعا امام قوى راديكالية عديدة من المرور نحو دول الاعتدال العربي في الجوار الخليجي للسنوات الخمسين الماضية.
هذا الدور اعطاه احتراما لدى القيادات الشقيقة في الرياض وابوظبي ومسقط والمنامة وحتى الدوحة التي ساهم الاردن عسكريا في نجاح الانقلاب الذي حققه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ضد والده قبل سنوات خمس.
هذه الدول لم تقصر مع الاردن، فقبل سنتين تنادت دول الخليج فرادى ومجتمعة الى الوقوف مع الاردن في محنته برحيل الملك الحسين بن طلال، بل ان هذه الدول ردت الى الاردن جميله بمعونات ومساعدات مالية واقتصادية على مدى عقود طويلة.
والآن فانه من المحتمل ان تتفق جميع هذه الدول على دور الاردن (الشقيق) في المرحلة المقبلة على صعيد امني في المنطقة لجهة حفظ السلام في فلسطين واسرائيل، اذا ارادت هذه الأخيرة ان تنخرط في اطار دول المنطقة الشرق اوسطية.
وكان العاهل الهاشمي اشار في تصريحات صحافية سابقة وخصوصا حين زيارته الرسمية الى بريطانيا الى ان العرب جميعا سيوافقون وسيوقعون على قرار فردي او جماعي بالاعتراف بدولة اسرائيل وعيشها في ضمن حدود آمنة اذا رغبت في الانخراط بحياة دول منطقة الشرق الاوسط.
&
&
&
&&&&
&&&&
&