&
إيلاف- نبيل شرف الدين: بينما استسلمت طالبان لقوات القبائل الباشتونية في آخر معقل لها، فإن أكثر من ألف عائلة من المقاتلين الأجانب (العرب والشيشان وغيرهم ) أصبحت أكثر عرضة للانتقام على أيدي قوات العدو.
يذكر أن العائلات التي يتراوح عددها بين 1000 و 1500 شخصاً تتألف من الأطفال والنساء مع من يعولهم عائلاتهم، إما فقدت أو مازالت تقاتل بجانب طالبان، وطبقا لما نقلته منظمة هيومان ووتش لحقوق الانسان عن مسؤولين مناوئين لطالبان أن 500 أمرأة وطفل يعتقد بأن معظمهم من العرب والشيشان طلبوا اللجوء إلى القرى في منطقتي بكتيا ولوجر.
وهناك مجموعة أخرى صغيرة تتكون من 20 عائلة يبدو أنهم من الدول العربية، يعيشيون الآن في سياراتهم ويسافرون بالليل حول وديان في اقليمي بكتيا الوسطى وجنوب لوجر لتفادي القصف الأميركي المتزايد على المعاقل الجبلية لطالبان في شرق أفغانستان، وتوجد تقارير عن أن حوالي 200 من العائلات العربية أصبحت مقطوعة بدون وسائل في تورا بورا حيث ذكر أنه من المحتمل أن أسامة بن لادن مختبيء فيها.
وقد أعربت منظمة ووتس لحقوق الانسان عن قلقها الخطير حول سلامة أرواح عائلات مقاتلي طالبان، وأبلغ العاملون الإنسانيون منظمة ووتس لحقوق الإنسان أن هؤلاء الناس سيموتون قريبا جدا إذا لم يقم أي أحد بمساعدتهم، وذلك نتيجة البرد أو الجوع أو القنابل الأمريكية أو اللصوص، وبموجب القوانين الإنسانية الدولية فإنها تخول حماية المدنيين في أفغانستان بصرف النظر عن المكان الذي قدموا منه أو العمل الذي يعمله أزواجهم أو آبائهم، وبموجب صفيرة من الرجال المسلحين الذين يرافقون جماعة مثل هذه لا يحرم النساء أو الأطفال من وضعهم المدني، أن موظفي الوكالات الانسانية الدولية رفضوا في محاولاتهم الاتصال بعائلات الأجانب، وأبلغ العاملون في الوكالات الانسانية منظمة ووتس لحقوق الانسان أن المجموعة العربية يبدو أنها تتفادى أي إتصال مع القبائل المحلية.
وفي عديد من المرات، أعرب السكان المحليون عن ذعرهم حول وجود الأجانب الذين لهم علاقة بطالبان في قراهم وقالوا أن وجودهم قد يسبب في جذب القصف عليهم.
وفي نفس الوقت تواصل باكستان منع دخول أي أجنبي غير باكستاني من الذين يعيشون في أفغانستان
حصار الكهوف
أعلن المقاتلون الأفغان والقادة المحليون الذين يقاتلون قوات أسامة بن لادن بالقرب من معقلهم الجبلي المنيع بدعم من الطائرات الحربية الأميركية أنهم قد استولوا على نصف الحصن الجبلي من مقاتلي القاعدة.
وقد أعلن قادة الهجوم الأرضي أنهم يواجهون مقاومة عنيفة من جانب مئات من المقاتلين الموالين لبن لادن المحاصرين داخل الكهوف والمختبئين بين الأشجار، كما أفاد القادة بأنه بعد 24 ساعة من الهجوم نجح 1000 مقاتل من مقاتليهم في قطع مقاتلي القاعدة عن خطوط الإمدادات.
وقال حليم شاه قائد المعركة الدائرة هناك التي تقودها السلطات التي سيطرت على ذلك الجزء من شرق أفغانستان " إننا نحاصرهم ونسعى إلى الانتهاء منهم قريبا."
وفي الوادي الذي يقع شرق الجبل كان الخط الأمامي للقتال يقع على مرمى البصر على بعد نصف ميل بجوار نهر تورا بورا الجاف حيث كانت تلمع في ضوء الشمس مجموعة من الشاحنات الصغيرة. وتولد عن الانفجارات التي تسببت فيها الضربات الأميركية سحب كثيفة من الدخان وأفاد القادة أن مقاتلي القاعدة كانوا يطلقون نيران بنادق الكلاشنكوف الآلية على المهاجمين.
وقال سوحراب خان قدري قائد المخابرات بالمنطقة لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية : "إن المقاومة شديدة وصلبة للغاية. إنهم يطلقون نيرانهم ولا تستطيع قواتنا التقدم. وقد تم الاستيلاء على بعض الكهوف، ولكنهم مازالوا يسيطرون على البعض الآخر."
وسمح حضرة على رئيس أمن المنطقة الذي يقود مقاتلوه الهجوم لقافلة من الصحفيين الغربيين بزيارة تورا بورا فيما يعد أول مرة يمكن فيها الاقتراب من معقل تنظيم القاعدة منذ أن بدأت الولايات المتحدة حملتها ضد أفغانستان في أكتوبر/تشرين أول الماضي. ويقع مخبأ القاعدة الجبلي فوق قرية تحمل نفس اسمه وتعد الآن خطا أماميا للقتال. ويذكر أن ذلك المخبأ هو عبارة عن مجموعة من الكهوف قام المقاتلون الأفغان بتحصينها لأول مرة خلال قتالهم ضد الغزاة الروس في الثمانينيات.
وذكر القادة المحليون من جانبهم أنهم لا يعرفون ما إذا كان بن لادن يختبئ في الجبال المغطاة بالثلوج التي تبعد 55 ميلا إلى الجنوب من مدينة جلال آباد.
وأعرب القادة الأفغانيون عن ثقتهم في أن القصف الأميركي المكثف لتورا بورا الذي بدأ منذ يوم الجمعة قد أسفر عن مقتل العديد من مقاتلي بن لادن. فقد أسفرت إحدى الهجمات يوم الاثنين عن مقتل عشرة من كبار زعماء القاعدة على الأقل. ومن المحتمل أن يكون أيمن الظواهري أكبر مستشاري بن لادن من بينهم، والمؤكد أن أسرته بالكامل قد لقيت مصرعها.
إصابات بين المدنيين
وعلى نفس الصعيد أسفر القصف الأميركي عن مقتل عشرات المدنيين في القرى التي تقع بالقرب من جبهة القتال، ومازال هناك العديد من المدنيين في القرى المتناثرة في السهل الذي يقع على بعد أميال قليلة من جبهة القتال الجديدة.
ولم يقدر بعد حجم الخسائر بين المقاتلين. ويعتقد القادة الأفغان أن قوات القاعدة الأجنبية تخطط لمقاومة أخيرة في تورا بورا بعد أن رفضت التفاوض مع كبار رجال القرية من أجل مغادرة الجبال.
وقال حليم شاه "نحن لا نعلم كم عددهم، لكنهم يتمركزون على قمة الجبل ويمطرونا بنيرانهم."
وأفاد سوحراب خان قدري أنهم قد علموا من خلال رسالة تم اعتراضها أن قادة القاعدة قد أمروا رجالهم بوقف إطلاق النار بغرض سحب المهاجمين لأعلى الجبل ونصب كمائن للقضاء عليهم. وقال أحد المقاتلين المناهضين لطالبان خلال لقاء معه بمستشفى مدينة جلال آباد أنه قد وقع في أحد تلك الكمائن. فقد أطلق أحد مقاتلي القاعدة النار عليه وأصابه في ساقه اليسرى بعد أن تدافع هو ورجاله نحو الكهوف.
ويذكر أن مقاتلي القاعدة يستخدمون في قتالهم قاذفات الصواريخ ومدافع الهاون. وذكر القادة الأفغانيون أنهم قد أغلقوا جميع الطرق التي تؤدي إلى الجبل. ولكن قدري أوضح من جانبه أن بن لادن ومقاتليه يمكنهم الفرار جنوبا إلى باكستان.
أما حليم شاه فقد أعرب عن ثقته من أن الثلوج المبكرة قد جعلت الهروب نحو باكستان أمرا مستحيلا فقد قطعت كل منافذ الهروب. ومضى قائلا "إنهم أناس لا حول لهم ولا قوة لكنهم إرهابيين. إنني واثق من أنهم سيكونون تحت سيطرتنا خلال ثلاثة أو أربعة أيام."
وأشار بعض المقاتلين المناهضين لطالبان الذين شنوا من قبل حرب عصابات ضد القوات السوفييتية في أفغانستان لسنوات من هذه الجبال إلى أن المعركة يمكن أن تستمر فترة أطول.
وجود أميركي
وعلى الصعيد ذاته شنت القوات البرية الأفغانية والطائرات الحربية الأميركية هجوما بدا أنه منسقا على تورا بورا. وفي وشنطن أفاد مسئول بوزارة الدفاع الأميركية ان هناك تعاونا مع القوات الأفغانية هناك لكنه رفض الإدلاء بالتفاصيل، غير أن القادة الأفغان على جبهة تورا بورا يصرون في الأيام الأخيرة على أنهم لا ينسقون أعمالهم مع القوات الأميركية ولا يوجد دليل على وجود القوات الأميركية على جبهة القتال هناك
وقال حليم شاه "كل ما لدينا هو أجهزة اللاسلكي هذه" وأصر على أنه ليس لديه أية وسيلة للاتصال بالطائرات الأميركية التي استمرت في قصفها للمنطقة
ولذلك أثارت الضربات الجوية الأميركية يوم الأربعاء الذعر بين القوات المناهضة لطالبان. فأثناء قيام ثلاث دبابات روسية الصنع من طراز تي-55 بإطلاق نيرانها نحو مواقع القاعدة وقع انفجار مفاجئ بسبب قنبلة ألقتها طائرة أميركية غير مرئية لهم مما دفع المقاتلين للصراخ في أجهزة اللاسلكي خشية أن تصيب القنابل الأميركية مواقعهم، وبعد أن تحول لون الدخان الذي خلفته القنبلة من اللون الأبيض إلى اللون الأسود قالوا أن الأميركيين أصابوا موقعا للقاعدة.
ومن ناحية أخرى أوضح زعماء الحكومة المحلية الجديدة في تورا بورا أنهم لا يريدون مشاركة الأمريكيين في هجومهم البري، وقد أفاد القادة الأفغان المسلحون بالبنادق وقليل من الدبابات بأنهم يشنون المعركة بطريقتهم من أجل "استئصال الإرهابيين" وصرح القائد الأفغاني علي حذرات مرارا للصحفيين بأن هناك حوالي 20 جندي أو أقل من القوات الأميركية في منطقة ننجهار
وعلى الرغم من إصرار القادة عدم وجود أي اتصال بينهم وبين الأميركيين وسخط قاطني القرى من عدد المصابين المدنيين الكبير من جراء الغارات الأميركية هناك قليل من الناس يرحبون بحلفائهم الأميركيين.
وقال أحد الفلاحين الذين يعيشون أسفل التلال أن العديد من مقاتلي بن لادن كانوا يترددون على قريته. ومضى قائلا "لم نتضايق من وجود العرب، لكننا منزعجون من القنابل الأميركية."