بمجرد انتهاء كلمة الرئيس الأميركي "بوش" الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط سارعت الفضائيات العربية كلها الى استضافة المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين وباحثي القانون الدولي واساتذة العلاقات السياسية و,,, و,,,, الخ وأخذ الجميع يتكلم ويتحدث وأصبح المواطن العربي ينتقل من فضائية الى أخرى كمن يخرج من حفرة ليقع في مطب,,,, فالكل يسهب ويشرح ويفسر,,, والمواطن العربي يشاهد ويسمع ولسان حاله يقول كل هؤلاء الأطباء يتحدثون ولكنهم لم يستمعوا بعد للمريض,,, وللأسف لم تحاول فضائية عربية واحدة استطلاع رأي الشارع العربي أو قراءة تحليل المواطن البسيط للخطاب,,,.
وباعتباري أحد هؤلاء ممن يسمح لهم بالحديث مرة كل ألف عام,, فبداية فقد كان الكثير من الحكام العرب ينتظرون وينظرون الى خطاب الرئيس بوش باعتبار انه الأمل وطوق النجاة للمحافظة على ورقة التوت امام شعوبهم ولكن للأسف جاء خطاب بوش لا ليثبت الورقة بل لينزعها تماما ويدمر كل أشجار التوت في المنطقة فلم يعد هناك أمل في العثور على ورقة أخرى وأصبح الجميع يا مولاي كما خلقتني.
لو أتعب الرئيس الأميركي نفسه وتكبد عناء السفر من واشنطن الى نيويورك حيث مقر الأمم المتحدة لوجد ان المادة الأولى من ميثاقها تحظر عليه وعلى أي دولة التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة اخرى ولما طالب بتغيير القيادة الفلسطينية باستفزاز وتكبر وصلف وغرور يندر ان يتكرر "سواء نتفق أو نختلف مع قرارات هذه القيادة".
واذا كان ذلك التدخل ينزع عن أميركا ورئيسها كل دعاوى الديموقراطية والعدل والمساواة فهو في ذات الوقت نذير شؤم لباقي الدول العربية، فبالأمس القريب تم احتلال دولة بدعوى مكافحة الارهاب واليوم تتهم دولة عربية بفساد الحكم ويتم تهديدها بذات المصير ثم جاء الدور على فلسطين,,,, ويتساءل الجميع من التالي؟! مع ملاحظة ان الخطاب أشار ايضا الى دولتين سيأتي دورهما إن آجلا أو عاجلا.
الحديث عن القدس وحدود 67 وان على اسرائيل ان تنهي ما بدأته,,, أشبه بالجمل الناقصة التي يمكن لأي انسان أو نظام حكم ان يضيف اليها كلمات وتفسيرات على هواه وتبعا لرؤيته ومصلحته، وبالتالي تختلف الرؤى وندخل مرة أخرى في متاهات المناقشات والتفسير المختلف.
الحديث عن الخطة العاجلة واتفاق ميتشل وحدود 28 سبتمبر ومع ربطه بالحديث الأول حول حتمية تغيير القيادة الفلسطينية يصبح أشبه بالكلمات المتقاطعة فلا يفهم أحد ما المقصود والمطلوب؟! فما سبق تم الاتفاق عليه مع عرفات والآن يجب تغيير عرفات ولا نغير ما وافق عليه وعلى القادم بديلا أن يوافق مقدما,,,,!! كلمات متقاطعة اشبه بالضيف الذي دعاه مضيفه الى الغداء وما ان هم بتناول الطعام حتى بادره قائلا: "سليم متكسرش ومكسر لا تأكل وكل حتى تشبع"، كما يقول المثل المصري.
اما مدة ثلاث السنوات فتذكرنا بقصة "جحا" حين وعد بتعليم حمار السلطان في 5 سنوات ولما سألوه - بعد ان خرج من مجلس السلطان - كيف هذا؟؟!! أجاب قائلا: 5 سنوات ومن يدري من يبقى,,, يموت الحمار أو يموت السلطان أو أرحل أنا,,,,,!!! تماما كما قال السيد بوش، فهو يعلم يقينا انه لن يبقى على رأس الحكم في بلاده بعد 3 سنوات فالشعب الأميركي لن يقبل ان يجدد له فترة أخرى بعد ان ذاق معه مرارة الهوان كما لم يذقها من قبل,,,, لن يكون هناك بوش بعد 3 سنوات ولكن حكامنا العرب كما هو معروف ويقينا باقون,,,,, باقون,,,, باقون فهل لنا ان نسألهم: ماذا أنتم فاعلون؟؟!(الرأي العام الكويتية)
التعليقات