&
لماذا تنجح المشاريع الاقتصادية القطرية؟ في كثير من الاحيان.. بينما تتعثر المشاريع المشتركة؟ وهل الأسس والمقومات التي يعتمد عليها المشروع الخليجي لا تمتلك من عوامل النجاح ما يؤهلها للبقاء والوقوف في مواجهة التحديات؟ هل المشروع الخليجي يتناقض مع مبررات وجوده؟ وهل ينافس مثيله القطري؟ الاسئلة كثيرة ومثارة بقوة على الساحة في المنطقة فعلى الرغم من التوجه الوحدوي القوي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي.. وعلى الرغم من ان ابناء هذه المنطقة انفسهم يندرجون من عائلات ترتبط في معظمها بوشائج القربى واللغة الواحدة والدين الواحد بل والعادات والتقاليد المتجانسة جدا،
فإننا وجدنا العديد من المشاريع الخليجية المشتركة مازالت تسبح منهارة ضد التيار لماذا؟ وهل نحن في دول المنطقة لا نريد التعاون؟ هل ان مصالحنا القطرية المحلية اصبحت لها الغلبة في معظم الاحيان على التعاون المشترك ثم اذا كان الامر كذلك.. فلماذا دخلنا حلبة المشاريع المشتركة في الأساس؟ الاسئلة كما قلت كثيرة، ونجد كل فترة مشروعا خليجيا يوشك ان يسقط من غربال التعاون الاقليمي المشترك شاهدنا من قبل وكالة انباء الخليج وهي تعاني تجاهل دول المنطقة لها بعد ان قامت كل دولة بانشاء وكالة انباء خاصة بها حتى تحولت الى وكالة انباء البحرين. شاهدنا مؤخرا شركة طيران الخليج وهي تعاني من ظروف خارجة في معظم الاحيان عن إرداتها وتتمثل في عدم اعتراف بعض الدول المالكة بحقيقة الاوضاع الصعبة التي تمر بها صناعة النقل الجوي بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م مما حدا بدولة قطر الى الانسحاب من الشركة بعد رفض المساهمة في زيادة رأسمال طيران الخليج بمقدار 97 مليون دينار جديدة، حصة قطر منها لا تزيد على 25% فقط. ثم شاهدنا بعد ذلك المجموعة العربية للتأمين "أريج" التي تتخذ من البحرين مقراً لها ويساهم فيها رأس المال الخليجي بأكثر من 75% من اجمالي رأس المال، وهي تفقد تقريبا معظم رأسمالها.
وتتعرض حالياً لرياح اعادة الرسملة ولا احد يدري ان كانت هذه العملية سوف تحقق النتائج المطلوبة ام لا... على أية حال المشكلة موجودة وملامحها متوافرة والادلة عليها أكثر من كثيرة لكنها على ما يبدو اصبحت بمثابة الظاهرة التي يجب دراستها والوقوف على المحرك والمغذي الاساسي لها، لذلك فإن الدروب المؤدية إليها على ما يبدو لا تخرج عن الآتي: أولا: ان الفكر التعاوني مازال حديثا علينا، ومازالت هناك هوة بين التفكير القيادي الفوقي بشأن التعاون المشترك وبين الاجهزة التنفيذية التي تتولى مهمة تشكيل الكيانات التعاونية والخروج بها الى النور. ثانيا: مازال بعضهم يغلب المصلحة القطرية على المصلحة الاقليمية ومازال هاجس التقوقع والانكفاء على الذات يمثل القاسم المشترك في الرؤية العامة التي تحكم آليات التحرك في أكثر من مشروع واكثر من مجال.
ثالثا: يعتقد بعضهم ان المشروع الخليجي لابد ان يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، من حيث انه يجب ان يربح من اول لحظة وهو اعتقاد خاطىء، ذلك ان المشروع الخليجي المشترك شأنه في ذلك شأن اي مشروع آخر، لا يمكن له ان ينمو وان يصمد وان يحقق الارباح دون توافر الاليات اللازمة لذلك فهو لا يمكن ان يحقق الربح هكذا صدفة لمجرد انه يمتلك تمويلا محتملاً مستمرا او لمجرد ان رأسماله ضخم فإن هذا المجال سوف يتآكل حتما اذا لم تتوافر آليات تحريكه او المقومات المجدية لاستخدامه وتوظيفه افضل توظيف... لهذا كله نصاب بالصدمة عندما يتعثر المشروع الخليجي المشترك ويتسابق معظم المشاركين فيه على الهروب من سفينته قبل ان تغرق وهو امر قد لا تجده كثيرا في المشاريع الاقتصادية القطرية التي يتسابق المسئولون في التخلي عنها عندما تتعثر، بتوفير الدعم لها والوقوف بجانبها، حتى تخرج من ازمتها او تفيق من كبوتها وهو ما لا نجده وللأسف الشديد في المشاريع الاقليمية المشتركة، الامر الذي يتطلب اعادة بناء شاملة في محاور نظرتا إلى التعاون الاقليمي تلك النظرة التي مازالت تحركها النزعات المحلية اكثر مما توجهها الرؤية الشاملة للمصالح الخليجية المشتركة.