باريس- يشكل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني محور النشاطات الدبلوماسية الجارية لكن احتمال شن حرب على العراق، الهدف الاميركي المحتمل بعد افغانستان، يثير قلق الاوروبيين والعرب.
وامام رغبة الرئيس الاميركي جورج بوش المعلنة بقلب نظام الرئيس صدام حسين "بكل الوسائل"، يخشى حلفاء واشنطن العرب والاوروبيون من ان يؤدي الهجوم على العراق الى تقويض جهودهم من اجل انهاء النزاع العربي الاسرائيلي.
ويواصل الجانب الاوروبي رسميا حث الرئيس العراقي على السماح لمفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة بالعودة الى العراق.
وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك قبل ايام بعد مباحثات مع الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني انه "لمن الحكمة ان يلتزم العراق بتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي".
ولكن هذه التصريحات لا تمنع من توجيه تحذيرات وان متحفظة، الى الولايات المتحدة.&واكد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان في مقابلة نشرتها صحيفة "لوموند" اليوم ان "العراق يشكل مشكلة خطيرة ونحن نتفهم قلق الاميركيين".&الا ان دو فيلبان حرص على التاكيد على اهمية ان تؤخذ في الاعتبار "ضرورة ضمان استقرار ووحدة العراق الذي يشكل عنصرا مهما في منطقة الشرق الاوسط".
وقال دو فيلبان "بقدر ما نمارس ضغوطا على النظام العراقي، يتعين علينا ان نتقدم في موازاة ذلك سعيا الى تحقيق السلام في الشرق الاوسط".
وبعبارات اخرى فان السلام في الشرق الاوسط يشكل اولوية بالنسبة للاوروبيين الذي يرون ان شن حملة عسكرية اميركية قد تكون له عواقب غير متوقعة على مستقبل العراق وعملية السلام، في وقت يتم الاعداد لتنظيم انتخابات في كانون الثاني/يناير في الاراضي الفلسطينية المحتلة، تشكل مرحلة مهمة في اطار تسوية النزاع.
ويتقاسم كبار المسؤوليون الاوروبيين هذا الرأي وان كانت واشنطن تحظى بدعم غير مشروط من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.
وقال ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا خلال زيارته الثلاثاء لطهران ان "الاتحاد الاوروبي لا يريد الحرب".&وقال سولانا في اليوم السابق انه لا يزال "يأمل الا يتم توجيه ضربة عسكرية" للعراق وان "يتحلى قادة هذا البلد بما يكفي من النباهة لفتح ابوابهم امام مفتشي الامم المتحدة".
وفي الجانب العربي فان الخشية من عملية عسكرية ليست قليلة، حتى وان كان معظم قادة المنطقة - كما في اوروبا - يتمنون الخلاص من صدام حسين.
وفي مقابلة مع صحيفة "تايمز" اللندنية الاثنين، دعا الملك عبدالله الثاني الرئيس الاميركي الى عدم الانسياق وراء نصائح المتشددين في واشنطن والذين يؤيدون برأيه عملية عسكرية "غير مضمونة النتائج".&وقال ان "المشكلة انه لا يزال هناك خلاف (داخل الحكومة الاميركية) لمعرفة ما اذا كان الوضع الاسرائيلي الفلسطيني اكثر اهمية من العراق".
ولم تقدم رسميا اي خطة للرئيس بوش. لكن يتم تدارس عدد من السيناريوهات منذ اشهر، ولا يمر يوم دون ان تنشر الصحف الاميركية تسريبات حول نوايا واشنطن وسيناريوهات عسكرية متنوعة.
وتحدث مصدر دبلوماسي تركي عن احتمال توجيه الضربة في شباط/فبراير، لكن اي موعد مرهون بنوع العملية التي تعتزم واشنطن تنفيذها.
ومن الاثار السلبية للتسريبات انها تدفع صدام حسين الى التشدد في رفضه الخضوع للامم المتحدة عبر اقناعه بحتمية الخيار العسكري، كما يؤكد دبلوماسيون عرب.
وفي حال وقعت الحرب في العراق ام لم تقع - فبعض الخبراء لا يؤمنون بذلك ابدا ويؤكدون ان سياسة الحصار القائمة ستستمر - فان النظام العراقي يعمل على تعزيز صفوفه العسكرية في شمال البلاد بالقرب من كردستان العراقية، كما تؤكد "فايننشال تايمز" نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية.