مهاتير محمد
&
ما هو وضع العالم الإسلامي حاليا؟ لا اعتقد بأن من الخطأ القول ان العالم الاسلامي وصل إلى اسوأ حالة من الجزر وقد يبقى مستمرا في الانحطاط، فمنذ سقوط الامبراطورية التركية الاسلامية التي شملت معظم الشرق الأوسط أمام هجمة الدول الاوروبية، انقسم العالم الاسلامي الى دول قومية صغيرة غير فعالة، ولم يتمكن من النهوض ثانية ولا من اعادة ترسيخ مكانته على مسرح العالم، ولم تكن الدول الاسلامية، كل على حدة قادرة على تحقيق أي تقدم أو تأثير. وفي الواقع كانت نتيجة تعاون العديد من شعوب الامبراطورية التركية مع الاوروبيين لكي تتحرر من الحكم التركي مجرد عملية تغيير للأسياد المستعمرين من الاتراك الى البريطانيين او الفرنسيين، ولم تتمكن إلا بعد مرور وقت طويل وبصعوبة كبيرة من تحرير نفسها من الحكم الاستعماري الاوروبي. كما ان الاستقلال لم يمكن تلك الشعوب من التطور واستعادة اكتساب النفوذ السياسي لامبراطوريات المسلمين القديمة، وبدلا من ذلك واجهت مشاكل داخلية لازالت تمنعها من تحقيق أي تقدم وحتى الدول الموهوبة منها بالثروة فانها لم تحقق أي تقدم حقيقي، فمن بين الدول المتقدمة في العالم لا توجد دولة اسلامية واحدة. عندما حدثت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، كان العالم الاسلامي مازال غير مقسم نسبيا، ولكن المسلمين كمجموع كلي كانوا إما غير واعين بالثورة او رافضين لها، ولزمن طويل ظلت نتائج الثورة، سواء من حيث مكاسبها المادية أو من حيث انظمتها مرفوضة من قبل المسلمين باعتبارها منافية للاسلام بما فيها الكهرباء والعربات الآلية، ولذلك فقد خسرنا وقتا ثمينا فيما كانت تطورات التقدم تمر بالقرب منا. ان المسلمين على حق في قلقهم بخصوص ما هو محرم عليهم من قبل دينهم، ولكن لسوء الحظ اننا كثيرا ما نبالغ اكثرمن اللازم في ذلك القلق، ففي افغانستان الاعتقاد السائد قوي جدا بأنه لا يسمح برؤية أي جزء من المرأة من قبل الغرباء لدرجة ان المرأة ترفض نزع البرقع عندما يسمح لها بذلك ولكن في اجزاء أخرى من العالم الاسلامي يسمح للمرأة بكشف وجهها ويديها، فمن الذي سن هذه القوانين؟ تعاليم الاسلام بخصوص مسائل أكثر اهمية يجري تجاهلها دون عقاب، فأخوة المسلمين مهملة بصراحة، والمسلمون الذين يعلنون عن انفسهم بأنهم اخوة في الاسلام كثيرا ما يجعلون من واجبهم محاربة وقتل المسلمين الاخرين، وباسم الاسلام يدينون اولئك المسلمين ويصنفوهم بالكفار لتبرير عدائهم نحوهم، فاذا اخذنا بمعاييرهم كمسلمين، فعندئذ قد لا يوجد مسلمون في العالم، وفي كل الاحوال فان الاسلام يجرم وصف المسلمين الآخرين بالكفار. وبالمثل نحن ملزمون بالاسلام ان نسعى للمعرفة، ولكن المسلمين يتجاهلون هذا الجزء الهام من تعاليم الاسلام، وفي البداية لم يفعلوا ذلك ونتيجة لذلك كان يوجد مسلمون عظماء اطباء وعلماء رياضات وفلك وجغرافيا وخبراء آخرون إبان العهود العظيمة لحضارة المسلمين. ولكن في وقت لاحق تم تفسير المعرفة باعتبارها معرفة دينية فقط، واعتبرت دراسة الانواع الاخرى إما خطيئة او ليس لها قيمة ولا تسهم في الحياة الآخرة، ولذلك أُهمل السعي الى المعرفة باستثناء المعرفة الدينية فقط. وحتى يومنا الحاضر لازلنا نهمل هذه المعرفة فالطلاب المسلمون الذين يتعلمون مواضيع غير دينية يشعرون بالذنب، ويحاولون تعويض ذلك من خلال تكريس جزء كبير من وقتهم قدر استطاعتهم في مختلف ما يسمى بالنشاطات الاسلامية لكسب الثواب وتكون النتيجة ان الطلبة المسلمين بالكاد يحققون التميز في العلوم والمواضيع الهامة الاخرى، بما فيها الابحاث الضرورية جدا للتنافس مع العالم غير الاسلامي.إحدى التعاليم الاساسية للاسلام ما نص عليه قول الله سبحانه وتعالى: "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" صدق الله العظيم، ومن الواضح ان هذا الجزء من تعاليم الاسلام مهمل، فاليهود مجرد 13 مليون نسمة في العالم كله ولكنهم قادرون على هزيمة 3.1 مليار مسلم وفي الواقع تستطيع اية جهة ان تستعبد أي بلد اسلامي، فليس هناك أي شيء تستطيع أية دولة اسلامية، ان تفعله سوى البكاء والتوسل لتحقيق العدالة. ان العالم الاسلامي ضعيف ومتخلف وبلا رجاء. ويجب علينا ان نطرد الفكرة القائلة بأن المعرفة الوحيدة التي نحتاج لها هي حول الاسلام، فإهمالنا للمعارف الاخرى هو الذي قاد إلى افتقارنا للقدرة الصناعية وعدم مقدرتنا على اختراع وانتاج الاسلحة لنرهب بها عدونا ونحمي أنفسنا.
التعليقات