واشنطن - باتريك انيدجار: يتساءل عدد متزايد من الاصوات حتى داخل الفريق الجمهوري في الولايات المتحدة حول ضرورة وصوابية تدخل عسكري ضد العراق مما يعقد مهمة الرئيس جورج بوش الذي يواجه اصلا تحفظات العديد من حلفائه في الخارج. وقد جاء الاحتجاج الاحد من فريق الادارة التي كان يترأسها جورج بوش الاب في الوقت الذي كرر فيه المستشار الالماني غيرهارد شرودر معارضته لشن عملية عسكرية ضد العراق.
ورد احد مستشاري الاتصالات في البيت الابيض دان بارتليت على هذه الانتقادات بقوله ان الرئيس بوش لم يتخذ بعد اي قرار بشأن تدخل وصفه ب"القضية النبيلة". وقال لشبكة التلفزة اي.بي.سي. "اذا قرر (بوش) اطلاق عملية عسكرية مهما كانت فانه سيفعل ذلك بطريقة مسؤولة وحكيمة". الا ان عددا متزايدا من الجمهوريين ممن كانوا في مراكز رئيسية في عهد والد الرئيس الحالي يطالبون بتوضيحات في هذا الصدد. واعتبر لورانس ايغلبيرغر وزير الخارجية الاخير في عهد الرئيس جورج بوش الاب ان التوقيت لمهاجمة بغداد اختير بشكل سيء. وقال لمحطة فوكس التلفزيونية "لا اعتقد ان ذلك مبرر الا اذا اثبت الرئيس لنا جميعا ان (الرئيس العراقي) صدام (حسين) مستعد لاستخدام اسلحة نووية وبيولوجية او كيميائية". وتساءل "عاجلا ام آجلا علينا فعل شيء ما بشأن صدام حسين (...) لكن لماذا الان؟". حتى ان القائد الاميركي السابق لعملية عاصفة الصحراء ضد العراق عام 1991 الجنرال نورمان شوارزكوف عبر الاحد عن تحفظات حيال فرص نجاح تدخل اميركي في العراق لا يحظى بتدخل دولي. وقال الجنرال المتقاعد في حديث الى شبكة التلفزيون ان.بي.سي. ان "هذه المعركة لن تكون سهلة. اعتقد اننا سنتمكن منهم ولكن المعركة ستكون مضمونة النتائج اكثر اذا لم يكن علينا ان نخوضها منفردين". ورأى ان "هذه المشكلة ذات ابعاد عالمية ولا اعتقد انه من المناسب ان نواجهها عسكريا وحدنا".
وانضم الى ذلك صوت عسكري اميركي اخر هو القائد الاعلى السابق لقوات حلف شمال الاطلسي الجنرال ويسلي كلارك الذي راى ان الدعم الاوروبي لتدخل عسكري اميركي ضد العراق امر "اساسي".
وقال هذا الضابط المتقاعد الذي قاد حرب حلف شمال الاطلسي ضد يوغوسلافيا في عهد سلوبودان ميلوشيفيتش عام 1999 لشبكة سي.ان.ان. "ان الدعم الاوروبي اساسي على الاطلاق لنجاح مثل هذه العملية على المدى البعيد"، مضيفا "ان الامر لا يتعلق فقط باسقاط نظام (الرئيس العراقي) صدام" حسين. واعتبر الجنرال كلارك ايضا ان عملا عسكريا اميركيا احادي الجانب ضد العراق "من دون مساندة دول عربية كالمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول في الشرق الاوسط، قد يؤدي الى تفاقم المسالة وعلى المدى البعيد الى اثارة الارهاب". الى ذلك اعتبر هنري كيسنجر وزير الخارجية السابق في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون ان "الرئيس لم يتوافر لديه بعد الاطار السياسي" للقيام بتدخل. واضاف لشبكة ان.بي.سي. "لكن ذلك يجب ان يكون المرحلة المقبلة".
من جهته اعتبر السناتور الجمهوري ديك لوغار العضو في لجنة الشؤون الخارجية ان "التحالفات لا تتشكل صدفة (...) بل لاننا نعبر عن مواقفنا بوضوح". ودعا ايضا الرئيس بوش الى فعل ذلك في ما يتعلق بروسيا بعد الاعلان السبت عن توقيع اتفاق تعاون اقتصادي بقيمة 40 مليار دولار بين موسكو وبغداد. وقال "لم نحصل في هذه المرحلة على دعم الحلفاء. ولم نقدر كلفة (مثل هذا التدخل) ولست متأكدا باننا نحظى بدعم اوساط الاستخبارات التي نحن بحاجة اليها". كذلك تعالت التساؤلات حول ضرورة شن هجوم على العراق في الايام الاخيرة من قبل برلمانيين جمهوريين يتمتعون بوزن سياسي مثل تشاك هاغل او ديك ارمي ومن قبل مسؤولين سابقين مثل برنت سكوكروفت المستشار السابق للامن القومي في عهدي الرئيسين جيرالد فورد وبوش الاب.
اما على الصعيد الدولي فان المستشار الالماني غيرهارد شرودر كرر الاحد تأكيد معارضته الحازمة في هذا الخصوص. وقال "لا يسعني الا ان انصح بعدم فتح بؤرة ازمة جديدة (في المنطقة) مع تدخل عسكري" في العراق. وبدورهما عبرت ايران والبحرين، التي تستضيف الاسطول الاميركي الخامس، الاحد عن معارضتهما المشتركة لاي هجوم اميركي على العراق. لكن ريتشارد بيرل، رئيس المجموعة المكلفة السياسة الدفاعية في البنتاغون اعتبر الاحد ان الحلفاء الاوروبيين باستثناء بريطانيا، لا ينظرون الى المسالة العراقية كما تنظر اليها الولايات المتحدة. وقال في حديث لشبكة اي.بي.سي. "ان حلفاءنا الاوروبيين غير معنيين بهذه المسالة (العراقية) باستثناء بريطانيا، الحليف الوحيد المهم الذي سيقف معنا بحسب اعتقادي" في ما يتعلق بالمسالة العراقية.
&واضاف "ان الاوروبيين الاخرين يفضلون ان يروا المسالة بطريقة اخرى. فهم يفضلون ابرام اتفاقات مع صدام او شراءه بعدة طرق"، مؤكدا "لا احد يتكلم عن الذهاب (الى العراق) وحده. وحلفاؤنا الاولون هم العراقيون، وفي الواقع اغلبية سكان العراق".