الرياض: في اول رد فعل شعبي وعائلي في الوقت نفسه وصف باْنه قوي للغاية نفت قبيلة بني هاجر الكويتية أية صلة لها بجابر الهاجري أحد منفذي عملية الهجوم على الجنود الأمريكيين في جزيرة فيلكا وقالت إن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد تشابه أسماء معلنة استنكارها للحادث. كما& قالت مصادر أمنية أن ملف التحقيقات قد اكتمل، وتبين أن "خلية الكويت "على ارتباط وثيق بتنظيم "القاعدة" فكريا وعسكريا وتنظيميا. وأوضحت أن الموقوفين على ذمة التحقيق على صلة بهجوم فيلكا، "وباعتداءات أخرى كانت معدة للتنفيذ تباعا" ضد عدة أهداف في مناطق مختلفة من الكويت.
وقد اعترف أحد المنتمين إلى المجموعة باسم الشخص الذي يبيعهم السلاح فداهمته قوات الأمن واكتشفت أن لديه مخزن أسلحة في الصحراء يحتوي رشاشات وبنادق يدوية ومسدسات وتفاصيل عن الأيام التي سبقت تنفيذ العملية. و ذكرت المصادر أن أنس الكندري (21 عاماً) وابن خاله جاسم الهاجري (28 عاماً) كانا يترددان بشكل يومي ولمدة أسبوعين على جزيرة فيلكا لأسباب لم تخطر أبدا على بال أفراد عائلتيهما.
وقد حارب أنس في أفغانستان وعاد منها قبل تفجيرات 11 سبتمبر بأسبوعين، وخضع للتحقيق في الكويت من قبل السلطات الأمنية في إطار إجراءاتها الاحترازية آنذاك, وهو عاطل عن العمل واستطاع أن يحصل على استثناء لإعادة التسجيل في كلية التربية الأساسية، أما جاسم فحارب في أفغانستان وفي البوسنة، وكان يعمل في وزارة النفط قبل أن يستقيل قبل عام تقريباً ووضعه المادي جيد واشترى سيارة بورش قبل فترة.
وقبل 10 أيام، توقف أنس عن الصلاة في مسجد منطقته، ودأب على الصلاة في أحد مساجد منطقة الرميثية، وقبل أسبوع أكثر من الطلب من أمه أن تمنحه الرضا وكان يقول لها يومياً: "أنا مقبل على عمل خير فادعي لي".وتقول والدته "كان صائما في اليومين الماضيين وطلب مني أن أحضر له طبق لحم لوجبة الإفطار، لكني حضرت له الثريد (تشريبة) وقلت له إنه كان أحد الأطباق التي يفضلها الرسول عليه الصلاة والسلام".
وأضافت أنه طلب لاحقاً منها أن تدعو له بالشهادة من قلبها "قائلا إنني لم أدع له بالشهادة عندما كان في أفغانستان، فدعوت له". وتقول أم أنس وأشقاؤه كما اوردت ذلك صحيفة الوطن السعودية إنهم يحتسبونه "شهيداً عند الله وهذه كانت أمنيته التي سعى إلى تحقيقها منذ فترة طويلة".
ويقول شقيقه عبدالله:، كان تلفزيون الكويت يعرض في نشرة أخبار الساعة التاسعة مشاهد من المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت في خان يونس, فقال أنس: الله كريم يا أمريكان، جايينكم نذبحكم كما تذبحونا".وتوضح عائلة أنس أنه ترك أكثر من وصية لوالدته كي تفتحها بعد موته, محورها ما يحصل في فلسطين وما يتعرض له المسلمون في أكثر من منطقة في العالم, وفي إحدى الوصيات يتمنى ألا يغسل ولا يكفن وأن يدفن في ثيابه وفقاً لأحكام الشهادة, وأن تمنح كل ممتلكاته وأمواله إلى "المجاهدين".
ويقول أشقاء أنس: "صباح اليوم الذي جرت فيه عملية الهجوم أوصل أشقاءه الصغار إلى المدرسة، ثم قبلّهم وكأنها ساعة وداع", واختفت أخباره بعد ذلك قبل أن نسمع اسمه في بيان وزارة الداخلية".أنس المولود في 23/9/1981 كان يمتلك طباعا يغلب عليها "التمرد"، صعب المراس لا ينقاد بسهولة، يحب ركوب المخاطر منذ نعومة أظفاره، التحدي والمغامرة صفتان أساسيتان في شخصيته، استمر طفلا مشاكسا في عناد وتحد ومغامرة إلى أن بلغ الـ 13. وهنا "انقلب" "المشاكس" ليصبح "وديعا" ملتزما الصلاة وحريصا على حلقات العلم والارتباط بجماعة المسجد من الشباب الذين يماثلونه في السن.
عشق لعبة كرة القدم، وكان يقاتل لأجل الفوز في كل مباراة يخوضها، أصبحت هذه "المعشوقة" وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله في حياته، فكان يحض أقرانه على الاحتكاك "بشباب المسجد" من خلال المباريات "حتى لا تكون هناك شتائم ولا كلمات نابية ولا أنانية".راهن ذات يوم مع أحد أقرانه أن يبلع "إبرة خياطة" ليفوز بلقب "البطل" وقبل الرهان ثم استل الإبرة التي كانت بيد صاحبه ووضعها في فمه.
لطمته ذات يوم ابنة خاله التي توازيه في العمر بعدما اختلفا في اللعب وهما في سن السادسة فهرول بعيدا بعيدا ثم عاد بعد فترة ليست بالقصيرة ولما سئل عن السبب، قال، خفت إن أفقد أعصابي فأرد لها الضربة "وعيب على الرجل أن يضرب المرأة".
كان خفيف الظل، صانع المقالب بإخوانه وأحبابه ومعارفه، تبكيه شكوى ضعيف وتؤرق ليله لهفة ملهوف أو حاجة محتاج، يزور أقرباءه باستمرار فيقضي معهم أوقاته, وتقول "أم علي " جدته لأمه حين بلغها خبر وفاته : "ومن سيزورني بعد أنس؟".
أما جابر الهاجرى الذي شارك أنس الكندري في العملية فقبل 10 أيام سأل أصدقاءه: هل سترقصون في عرسي؟ فأجابوا: وهل وجدت بنت الحلال؟ فأجاب في ثقة: "عرسي من نوع آخر"، فاعتقد أصدقاؤه أنه يمزح في الوقت الذي كان فيه جاسم الهاجري أبعد ما يكون عن المزاح.
اشتهر جاسم الهاجري بغرامه بالسيارات السريعة والدراجات النارية وامتلك دراجة نارية من حجم 1100 وهي من أقوى الدراجات، كما اشترى سيارة بورش قبل مقتله بأسابيع.
عشق حياة المرح، وكان حريصا على قضاء أيام العطلات في المدينة الترفيهية وكان يلتقط لأصدقائه صورا ويحتفظ بها. وقد أمضى أيامه الأخيرة ينام في المسجد صائما إلى أن جاء يوم الثلاثاء الماضي فودع ذويه وألقى عليهم نظرة أخيرة وذهب إلى فيلكا.
قاتل جاسم الهاجري في كل من البوسنة والهرسك ثم في الشيشان وقبل عامين تقريبا في أفغانستان, لم يتكلم يوما عن رحلاته، وفي كل مرة يتوقع كل من يعرفه أنه لن يعود.
في أثناء وجوده في البوسنة والهرسك أصيب في إحدى ساحات المعارك برصاصة في رجله اليسرى، فعاد إلى الكويت للعلاج وأمضى سبعة أشهر مراجعا في مستشفى الرازي, ومنذ هذه اللحظة تغيرت حياته، لجأ إلى العمل في قطاع النفط والتحق بناد صحي لكمال الأجسام في منطقة حولي.
فكرة "الجهاد" ملكت تفكير الهاجري وحياته، فقد طار إلى أفغانستان بعد 4 سنوات قضاها في الكويت بعد عودته من البوسنة والتقى في أفغانستان قريبه أنس الكندري الذي كان قد غادر الكويت قبل سنتين من لقائهما على أرض أفغانستان. قبل أحداث 11 سبتمبر عاد جاسم وأنس إلى الكويت وخضعا للتحقيق.
الى ذلك، بدأت الكويت أمس في اتخاذ إجراءات أمنية مشددة على منافذها البحرية وموانئها لمنع أية أعمال إرهابية قد تتعرض لها ناقلات النفط والسفن التجارية خلال دخولها أو خروجها من مرافئ تحميل النفط وتصديره. وقالت مصادر نفطية إن الكويت بدأت في التخطيط لتسيير دوريات من قوات خفر السواحل حيث أعلنت حالة التأهب