القاهرة-ايلاف: رغم ما ينطوي عليه هذه السلوك من تجاوز عمدي للأعراف وخرق صريح للتقاليد الدبلوماسية، فقد قام سفير العراق بالقاهرة بزيارة مكتب جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، واجتمع مع مأمون الهضيبي القائم بأعمال مرشد الجماعة، وكذا عدد من أعضاء مكتب الإرشاد، مبرراً ذلك بتقديم العزاء في وفاة مصطفى مشهور المرشد العام الراحل للجماعة "المحظورة".
وفي افطار الاخوان الذي جرى بفندق "شيراتون هليوبوليس"، لم يتطرق مأمون الهضيبي القائم بأعمال المرشد العام، إلى مسألة الخلافة، مكتفياً بترديد مواقف الجماعة حيال قضايا الساعة، منتقدا استمرار العمل بقانون الطوارئ منذ 21 عاماً، وإحالة أعضاء جماعة الإخوان "المحظورة" على المحاكم العسكرية، وهروب "رجال الأعمال" بأموالهم التي اقترضوها من البنوك المصرية، وبالطبع مهاجماً للولايات المتحدة وإسرائيل والنظام العالمي.
جمهورية الموز
ولما كانت الدولة في مصر تصر على وصف الجماعة بأنها "محظورة"، وتوجه اتهامات قضائية رسمية لمئات الأشخاص بالانخراط في تنظيم محظور، ومحاولة إحيائه، فمن المفترض وفقاً للأعراف الدبلوماسية ألا يقوم أي دبلوماسي معتمد بزيارة مقر جماعة تعد خارجة على القانون، وغير مرخص لها بالعمل السياسي المشروع، ولو كان ما حدث من الدبلوماسي العراقي في القاهرة وقع في إحدى جمهوريات الموز لقامت الدنيا ولم تقعد، وتم استدعائه في وزارة الخارجية، واعتبر شخصاً غير مرغوب في وجوده، وطالبت "جمهورية الموز" بطرده.
لكن في مصر تسير الأحوال على نحو غير مفهوم بالمرة، فالجماعة "المحظورة" لها مقر يعرفه القاصي والداني، و"المحظورة" تقيم حفل افطار في فندق "شيراتون هليوبوليس"، تدعو اليه مئات الأشخاص، ويقصده رسميون وساسة ومن كل لون ويرتاده معارضون أجانب ولاجئون سياسيون، وبعد كل هذا تتمسك حكومة مصر بوصفها بالمحظورة، في مفارقة من نوع الكوميديا السوداء.
فقد أصرت جماعة الاخوان المسلمين، "المحظورة" على اقامة حفل افطارها السنوي بعد يومين فقط من دفن مرشدها السابق نصطفى مشهور، ورغم التكهنات بأن الجماعة "المحظورة" ستحاول استغلال هذا الحفل، الذي تم تحديد موعده قبل وفاة مشهور يوم الخميس الماضي، لتأكيد ما أعلنه الهضيبي، الذي يمارس مهام المرشد عملياً منذ مدة اثناء مرض مشهور، من أن الأوضاع داخل الجماعة مستقرة ولا توجد خلافات. إلا أن الكلمة التي ألقاها مأمون الهضيبي أتت خالية من أي اشارة لمسألة الخلافة، مكتفيا باستعراض مواقف الجماعة المعروفة حيال عدد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، ومؤكداً على إن "المحظورة" ليست "جماعة المسلمين" بل هي "جماعة من المسلمين".
المحظورة "سابقا"
ولعلنا أفرطنا في توجيه الانتقادات للسفير العراقي لدى القاهرة، حين زار مقر الجماعة "المحظورة"، فقد سبقه إلى ذلك وزير الداخلية المصري السابق اللواء حسن الألفي الذي تحامل على نفسه ـ مشكوراً مأجوراً ـ رغم الصيام وسنوات عمره السبعين ليتصدر صفوف المشيعين في جنازة مصطفى مشهور، وقد شاهد الملايين المسؤول الأول السابق عن الأمن جالساً بجوار مأمون الهضيبي، وعشرات من قيادات "المحظورة" التي كان الألفي يكيل لها الاتهامات في أثناء توليه منصبه قبل سنوات، وانضم اليهما رئيس وزراء السودان السابق الصادق المهدي، الذي ألقى كلمة نعى فيها مشهور باسم "الشعب السوداني"، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل شارك إبراهيم شكري رئيس حزب العمل، ونعمان جمعة رئيس حزب الوفد، وحامد محمود نائب رئيس الحزب الناصري، وعشرات من نواب البرلمان وغيرهم من رموز العمل السياسي، إذن فبعد كل هذا لماذا تصر الحكومة المصرية على وصف الإخوان بالمحظورة ، في ما لم يكن ينقص الأمر سوى مندوب عن رئاسة الحكومة ليكتمل بذلك المشهد العبثي، ولهذا اقترح أن يكتب على لافتة "شقة المنيل" عبارة : "مقر جماعة الإخوان المسلمين ـ المحظورة سابقاً"، وكم ذا بمصر من المضحكات.