قلب حلف شمال الأطلسي خلال الأسبوع الجاري صفحة من تاريخه بتوسعه ليضم قسما كبيرا من أوروبا الشيوعية السابقة وبإعلانه عن اعتماد وسائل جديدة للتدخل في كل مكان في العالم في القمة التي هيمنت عليها إلى حد كبير الحملة الأميركية لإزالة أسلحة العراق.
&واعلن الامين العام للحلف جورج روبرتسون في ختام الاجتماع اليوم الجمعة ان قمة براغ "شكلت منعطفا وستبقى لها مكانتها في التاريخ".
&واكد الحلف الذي انشئ في 1949 لتطويق التهديد السوفياتي الذي زال، رغبته في التغيير بتشديده على ان قمته هذه هي الاولى في القرن ال21 واختار رمزيا الاجتماع للمرة الاولى وراء الستار الحديدي الذي كان يقسم اوروبا اربعين عاما.
&واتخذ رؤساء دول وحكومات البلدان ال19 الاعضاء في الحلف قرارهم الرئيسي بعد 11 دقيقة من افتتاح القمة التي استمرت يومين بدعوة ست دول من المعسكر السوفياتي السابق (ليتوانيا واستونيا ولاتفيا وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا) وسلوفينيا الى الانضمام الى المنظمة العسكرية.
&ومن بين الاعضاء الجدد دول البلطيق الثلاث التي كانت منذ احد عشر عاما جمهوريات في الاتحاد السوفياتي.
&وقد عارضت روسيا لفترة طويلة توسيع الحلف الذي يجعله على بعد 500 كيلومتر عن حدودها، لكنها خففت من حدة لهجنها اخيرا.
&وقال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان موسكو "ستدرس بدقة كل الوثائق والقرارات التي تم تبنيها وستتخذ الاجراءات اللازمة بعد ذلك".
&ولم يشب القمة سوى حادث طفيف عكس تخوف الروس من توسيع الحلف. فقد هتف شابان روسيان ان "الحلف اسوأ من الغستابو (جهاز الاستخبارات) النازي" والقيا طماطم على الامين العام للحلف.
&وفضل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الامتناع عن حضور القمة لكن بوش توجه على الفور الى روسيا ليؤكد انها "ليست دولة عدوة" وليشدد على ان "الارهابيين الدوليين الذين يكرهون الحرية هم الاعداء".
&ويواصل بوش جولته التي يركز خلالها على حملته ضد الرئيس العراقي صدام حسين.
&واثار موقف قادة دول الحلف بعض الارتياح لدى الرئيس الاميركي باعلانهم استعدادهم لاتخاذ "اجراءات فعالة" دعما لجهود الامم المتحدة من اجل ازالة اسلحة العراق لكنهم لم يعلنوا تأييدهم لعمل عسكري ضد بغداد.
&ورغم احتفاله بتوسعه الى الشرق وتكيفه مع الواقع العالمي الجديد الناتج عن تهديدات القرن الواحد والعشرين، لم يبدد الحلف الشكوك الكثيرة التي تحيط بمستقبل المنظمة العسكرية التي تم تهميشها تدريجيا منذ انتهاء الحرب الباردة.
&وقد رحب رؤساء دول وحكومات بلدان الحلف ب"تجدده"، لكن الولايات المتحدة التي تلعب دورا اساسيا فيه غير مستعدة لمنح هذه المنظمة دورا عسكريا بارزا نظرا لتردد الاوروبيين في اعطاء واشنطن حرية التصرف حسبما رأى خبراء.
&ويرى هؤلاء الخبراء ان الولايات المتحدة تفضل على الارجح مواصلة الاعتماد على "تحالفات من المتطوعين" يتم توسيعها الى اكبر عدد ممكن من الدول، مثل الائتلاف الذي تسعى لتشكيله تحسبا لشن عملية عسكرية على العراق، معتبرة ان هذه التحالفات شديدة الفاعلية.
&وقال اندريه دومولان الخبير في شؤون الحلف الاطلسي في المدرسة الحربية الملكية في بلجيكا ان "السيناريو الاكثر احتمالا يبقى تشكيل ائتلاف واسع لا يكون فيه شعار الحلف الاطلسي بارزا".
&واذا كان الحلف الاطلسي علق اهمية كبيرة على اشارة بوش غداة اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 الى المادة الخامسة الشهيرة من ميثاقه التي تنص على ان "اي هجوم على احدى الدول الاعضاء يعتبر هجوما على جميع الاعضاء"، فان بوش قرر فيما بعد عدم اللجوء الى الحلف في حربه على افغانستان.
&واثار قرار الرئيس الاميركي شكوكا عميقة داخل المنظمة الموروثة عن مرحلة انقضت واحيت مشاعر المشككين في جدوى الحلف الاطلسي، وان لم يكن من المطروح يوما ان يلعب دور الشرطي في العالم.
&والى جانب توسيع الحلف، اتخذ الحلفاء في براغ قرارات تاريخية اخرى حرصا منهم على تكييف الحلف مع التهديدات الجديدة من بينها المصادقة على فكرة تشكيل قوة تحرك سريع يمكنها الانتشار خلال مهلة قصيرة بهدف تطوير قدرة انتشار خارج اوروبا.
&ويفترض ان تصبح هذه القوة التي يمكن ان تضم 21 الف رجل، عملانية في تشرين الاول/اكتوبر 2004 على الاقل بصيغة اولية.
&واعتبرت دانا الان الخبيرة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن ان "المسألة تكمن في معرفة ما اذا كانت (هذه القوة) ستلعب دورا استراتيجيا مهما وستسنح فرص عديدة لمعرفة ما اذا كان سيتم استخدامها".
&ويرى مسؤولو الحلف ان تشكيل هذه القوة يثبت ان الحلف لم يفقد سبب وجوده بعد انمتهاء الحرب الباردة.
&ورأى اندريه دومولان ان قمة براغ شكلت قبل اي شيء "تحولا ظرفيا وليس هيكليا في الحلف الاطلسي".
&واضاف ان "مسألة اعادة تشكيل الحلف لم تكن مطروحة يوما بنظري ايا كانت الظروف"، معتبرا ان المطلوب كان "تزويد الحلف الاطلسي بوسيلة جديدة تزيد رؤيته وضوحا".
&لكنه اكد ان "الحلف الاطلسي لن يتبدل طالما لم يسو الخلاف الكامن" بين الاوروبيين والاميركيين حول مفهوم كل منهما للحلف.
&من جهته، قال كليفورد بيل رئيس تحرير مجلة "جينز ديفينس ويكلي" المتخصصة ان "الحلف الاطلسي يبقى منظمة سياسية مهمة. فهو يلعب دورا حاسما في الحفاظ على الاستقرار السياسي في اوروبا الغربية والشرقية".
&وتابع الاختصاصي "لكن السؤال يبقى مطروحا حول اهميته العسكرية في المستقبل".