الدكتور رياض الأمير
&
فنتائج انتخابات تشريعية في بلد صغير مثل النمسا عادة تهم سكان البلد في الدرجة الأولى.&أما وقد اصبح العالم قرية صغيرة فان التأثير متداخل بين أماكن بعيدة في عالمنا هذا. فالحديث عنها ليس تكريس لمبدأ المرض الذي أصاب الجسم العربي المتمثل "بالمؤامرة" ولا من اجل تعزيز الآمال لدي العراقيين بضيق الحلقة المحيطة بالنظام العراقي، ولكن لجس مدى تأيد الشارع في إحدى دول الأتحاد الأوربي لحزب يشارك في الحكومة، يرتبط بعلاقات غير عادية بالنظام العراقي ورموزه وهو واحد من عدة احزاب يمينية أوربية. فقد أثارت زيارة زعيم حزب الأحرار في النمسا يورغ هايدر لبغداد ولقاءه برئيس النظام (شبيهه) اهتمام وسائل الإعلام. فقد حظيت الانتخابات في النمسا هذا العام باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام،& غطاها 600 صحفي من سبعين بلدا والكثير من شبكات التلفزيون وهو عدد اكثر مرتين عنه في الانتخابات الماضية. ومن المرجح أن الاهتمام هذا العام لمعرفة مدى التأييد الذي يلقاه الحزب اليميني وزعيمه يورغ هايدر، الذي يرتبط بالنظام العراقي، وكذلك لمواقف الحزب ضد توسيع الاتحاد الأوربي باتجاه الشرق.
أعلنت مساء يوم الأحد الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، نتائج الانتخابات وكانت غير متوقعة حتى لاستطلاعات الرأي وكذلك بالنسبة لجميع الأحزاب التي شاركت فيها. وعلى الرغم من النجاحات، التي حققها اليسار المتكون من الحزب الاشتراكي وحزب الخضر لكنه لم يستطع الحصول على الأغلبية وبذلك سيبقى كلا الحزبين في صفوف المعارضة. أحرز الحزب الديمقراطي المسيحي (حزب الشعب النمساوي) افضل النتائج بعد اكثر من ثلاثة عقود وأحتل المرتبة الأولى في البرلمان، أزاح الحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي خلالها إلى المرتبة الثانية منذ أن أوصله برونو كرايسكي إلى حزب الأغلبية. لحقت بحزب الأحرار اليمني الذي يرتبط بعلاقات خاصة بالنظام العراقي هزيمة منكرة خسر اكثر من ستين بالمائة من عدد الأصوات أو 33 مقعدا في البرلمان وحصل حوالي على عشرة بالمائة في الوقت الذي كانت نتائجه في الانتخابات السابقة 25% بالمائة من أصوات الناخبين. وتعود خسارة الحزب إلى الانشقاقات المتعددة في قيادته وآخرها التمرد الذي قاده يورغ هايدر ضد الحكومة التي يشارك فيها الحزب مما دفع أثنين من وزرائه الاستقالة. كما لعبت العلاقات الخاصة التي تربط يورغ هايدر وبعض قادة الحزب بالنظام العراقي، وبصورة خاصة الزيارات المتعددة له إلى بغداد ولقاءه برئيس النظام العراقي (شبيهه)، مما أثار موجة احتجاج في أوساط الحزب من جهة، ومن جهة أخرى لدي النمساويين بشكل عام. فهناك شركات نمساوية عائدة للحزب تحصل على عقود تجارية. ورئيس ما يسمى جمعية الصداقة النمساوية ـ العراقية وأعضائها من الحزب نفسه. أن خسارة الحزب اليميني المتطرف الذي يعادي العرب والمسلمين،& ضربة إلى النظام العراقي أيضا حيث فقد النظام في خسارته مدافع ومساند في الحياة السياسية في هذا البلد الأوربي الصغير في حجمه، وذو الأهمية الكبيرة لموقعه لوجود العديد من المنظمات الدولية والاقليمية فيه.& وكان مستشار النمسا الذي انتصر في الانتخابات هذه قال بأنه لا يصافح يد ملطخة بالدماء إشارة لرئيس النظام العراقي في انتقاده لزعيم حزب الأحرار يورغ هايدر بعد زيارته لبغداد. أصابت الاتحاد الأوربي عام 1999 صدمة كبيرة عندما حصل حزب الأحرار على 25% مما ساعده الدخول في أاتلاف مع حزب الشعب منذ عام 2000 في حكومة أصابتها هزات كثيرة سببها حزب الأحرار نفسه لكثرة استبدال وزراءه والانشقاقات العديدة في صفوف قادته ومنها استقالة وزير المالية الذي التحق بحزب الشعب النمساوي المحافظ. ويعزى إليه النجاح الذي حصل عليه الحزب المحافظ في هذه الأنتخابات. وكانت نسبة المشاركة في انتخابات هذا العام اكثر من ثمانين بالمائة، وهي نسبة جيدة تظهر مستوى الوعي السياسي للمواطنين.&وفي خسارة حزب الأحرار على مستوى البلاد، ومنها مقاطعة كرنثيا التي يحكمها يورغ هايدر، حيث خسر الحزب فيها خمسين بالمائة من الاصوات. ومن الواضح ستكون عليه انعكاساته في أن هايدر سيفقد مركزه في الانتخابات البلدية في ربيع العام القادم& وبذلك ستغلق مقاطعة كرنثيا كمكان للجوء بعض رموز النظام العراقي بعد سقوطه المحتمل خلال الأشهر القادمة والتي كانت أمل لبعضهم اللجوء إليها. ويعتقد المراقبون السياسيون في العاصمة النمساوية إلى أحتمال استمرار الإتلاف الحاكم الحالي بين حزب الشعب وحزب الأحرار إلى فترة قادمة، ولكن بعدد وزراء اقل من حزب الأحرار مما كان عليه تعاونهما الحالي. وقد طلب مستشار النمسا بعد ظهور النتائج بان استمرار الاتلاف الحالي بشرط أن يترك يورغ هايدر التدخل في عمل الحكومة عن طريق وزراء الحزب وكذلك التخلي عن سياسته العراقية (دعم النظام العراقي والقيام بزيارة رئيس النظام مما يسبب إحراج للحكومة النمساوية) ولقد أظهرت نتائج الانتخابات الحالية خسارة الحزب نتيجة توسيع علاقاته مع نظام صدام حسين وسياسته الداخلية والخارجية بشكل عام. وشاركت أسماء اكثر من عشرين شخصا منهم بعض العرب على لوائح جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات، ولكنها فقط لصيد أصوات النمساويين الجدد من عرب ومسلمين وغيرهم.