القاهرة- ايلاف: قال أحمد ماهر وزير الخارجية المصري إن أي قرار يتعلق بمسألة عودة العلاقات الدبلوماسية بين بلدين يجب أن يتم باتفاق من جانبهما معا. جاء ذلك في معرض تعقيبه على ما نقلته صحيفة (الحياة) اللندنية عن مصدر إيراني من ان بلاده قررت بشكل نهائي اعادة علاقاتها الدبلوماسية مع مصر.
وكانت آخر جولة من المحادثات بين مصر وإيران قد عقدت في نيويورك بين وزيري الخارجية الايراني كمال خرازي والمصري احمد ماهر، وذلك على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك.
وأشار ماهر إلى اتصالات سابقة أجرتها طهران مع القاهرة تم خلالها بحث مسألة العلاقات، وعبر عن حرص بلاده على "أن تكون هناك علاقات طيبة مع جميع الدول بما فى ذلك ايران بالطبع باعتبارها دولة مهمة في المنطقة".
غير ان ماهر استدرك قائلاً ان "هذا الموضوع يحتاج فى الحقيقة الى ما هو أكثر من مجرد الكلام، ونحن في نهاية المطاف مستعدون لبحث الموضوع مع الايرانيين في الوقت المناسب".
ويقف الملف الأمني عائقاً كبيراً في طريق إعادة العلاقات بين الدولتين الكبيرتين في الشرق الأوسط، إذ تؤكد القاهرة إن طهران تستقبل العديد من عناصر الجماعات الأصولية المتطرفة، وانها قدمت لهم المأوى والدعم طيلة العقود الماضية، وتصر طهران على انكار ذلك رغم ظهور بعض الأصوليين في عواصم أوروبية قادمين من إيران مؤخراً، مما يعني ان طهران بدأت تتخلى عنهم
وكانت صحيفة (الحياة) اللندنية قد نقلت عن مصدر ايراني قوله ان ايران اتخذت (قراراً نهائياً) باعادة العلاقات الديبلوماسية المقطوعة مع مصر، وانها مستعدة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ في اقرب فرصة ممكنة (اذا اتخذت القاهرة موقفاً مماثلاً)، موضحاً ان القرار (موضع اتفاق بين كبار المسؤولين الايرانيين في مراكز القرار العليا)، وذلك بعد محادثات ايرانية ـ مصرية انتهت إلى نتائج ايجابية من شأنها وضع آلية لحل الخلافات بين الجانبين، على حد قول المصدر الإيراني لـ (الحياة).
ويرى مراقبون لملف العلاقات الايرانية ـ المصرية ان الظروف الاقليمية والدولية الراهنة المتعلقة بالازمة العراقية والوضع الخطير في فلسطين تشكل ما يمكن وصفه بـ(الفرصة الذهبية) لاعادة هذه العلاقات المقطوعة منذ الثورة الايرانية عام 1979 اثر اعتراض ايران على اتفاق كامب ديفيد، واستقبال الرئيس المصري الراحل أنور السادات لشاه إيران السابق.
&
قصة العلاقات
ومنذ قطع العلاقات بين مصر وايران بعد لجوء الشاه رضا بهلوي إلى القاهرة عام 1979 مرت العلاقات بين القاهرة وطهران بفترة بيات شتوي طويلة قبل ان تشهد خلال العامين الماضيين محاولات خافتة النبض لاصلاح ذات البين بين الدولتين الكبيرتين اللتين تتمتعان بثقل استراتيجي في المنطقة. غير ان هذه المحاولات اصطدمت في أغلب الأحيان بمناخ عدم الثقة السائد بين العاصمتين، وصراع التيارات وتباين وجهات النظر حول جملة من القضايا.
وظلت العلاقات المصرية الايرانية تمر فوق لجمة التطبيع التي شهدت عبر التاريخ تموجات مختلفة منذ قبل حركة يوليو حين جمع النسب عائلة محمد علي في مصر بعائلة شاه ايران، وانتقلت مع حركة يوليو إلى مرحلة التوتر، حيث كان الموقف المصري مناهضا للسياسة الأميركية واسرائيل بينما كانت ايران/ الشاه قاعدة لهما في المنطقة.
ومن مرحلة الخمسينات والستينات إلى مرحلة السبعينات التي شهدت التغيير الجذري في التوجهات المصرية بالصلح مع اسرائيل وتعميق أكبر في العلاقات الأميركية. في مقابل انقلاب تام في ايران باتجاه اسرائيل وأميركا بمجيء الثورة الايرانية. هذا التناقض في التوجهات الأيديولوجية وصل إلى ذروته في الخلاف بين البلدين باستقبال السادات لشاه ايران لاجئا في وقت لفظه العالم. ومر عقد الثمانينات دون تقدم في مسار العلاقات، وحلت التسعينات لتلقي بكرة التحولات الدولية في مرمى المنطقة والذي شهد تتويجا بتحالفات اسرائيلية تركية، الأمر الذي جعل الكل يستشعر بخطورة الوضع وضرورة ان تخرج القاهرة وطهران من النفق المظلم الذي يحمل ارث الماضي أكثر من مقدرات الحاضر.
التعليقات