كانشونغو (غينيا بيساو) - توفي الفلاح فارا منديس البالغ من العمر حوالى سبعين عاما في غينيا بيساو يوم عيد الميلاد (25 كانون الاول(ديسمبر) عندما ابلغه احد التجار ان مبلغا ماليا بالفرنك الفرنسي يحتفظ به، لم تعد له اي قيمة.
وروى اقرباء الفلاح في بلدة بارا الواقعة على بعد حوالي مئة كيلومتر شمال غرب بيساو، ان فارا كان يحمل في جعبته اوراقا مالية من فئة 500 فرنك فرنسي جديدة تشكل مبلغ مئة الف فرنك (245،15 يورو).&ويشكل هذا المبلغ ثروة بالنسبة الى مستوى الحياة في غينيا بيساو، البلد الصغير والفقير في غرب افريقيا.
وكان فارا قرر في 25 كانون الاول(ديسمبر) التخلي عن بعض الاوراق المالية التي يملكها من اجل شراء الماشية والكحول.&وقال ارماندو احد اقرباء فارا، ان الفلاح العجوز جال على كل محلات كانشونغو، وهو يحمل جعبته القديمة تحت ابطه "الا ان احدا لم يقبل بماله".
وقد توجه بناء على نصائح التجار، الى تاجر برتغالي لصرف المبلغ. الا ان هذا الاخير شرح له ان اليورو حل محل الفرنك الفرنسي ومحل عملات اوروبية اخرى كثيرة منذ بداية العام 2002، وان اوراقه لم تعد سوى مجرد اوراق لا قيمة لها.
ولم يكن التاجر يعرف على الارجح ان المصارف المركزية في البلدان التي تتعامل باليورو مجبرة على استرداد الاوراق المالية القديمة لمدة عشر سنوات على الاقل، الامر الذي كان من شانه ان ينعش آمال الفلاح العجوز.&وقد اصيب فارا منديس على الاثر بصدمة ادت الى وفاته بعد وقت قصير.
وذكر عدد من سكان بارا ان منديس لم يوافق ابدا على ابدال ماله باليورو، وكان يقول كلما حاول احدهم اقناعه بالتخلص من العملة الفرنسية "منذ متى يفقد مال رجل ابيض قيمته؟".&ويتلقى سكان منطقة كانشونغو باستمرار مبالغ مالية كبيرة من اوروبا حيث ينتشر عدد كبير من مهاجري المنطقة.
ويقول السكان ان حوالي 25 الف شخصا من اتنية المنجاك التي ينتمي اليها الفلاح الضحية يعيشون في فرنسا، لا سيما في مدن ساحلية مثل هافر وكاليه ومرسيليا وروان، وفي ضواحي باريس.&ويحتفظ هؤلاء المهاجرين بصلات وثيقة مع وطنهم الام ويرسلون المال دوريا الى اهاليهم في غينيا بيساو، الامر الذي يفسر امتلاك فارا منديس الذي يعيش ثلاثة من ابنائه في فرنسا منذ حوالى عشرين سنة، لمثل هذه الثروة.
ويقول بعض السكان ان مبالغ كبيرة بالفرنك الفرنسي مخبأة بعناية في اوعية ومطمورة في الارض بشكل جيد لدرجة ان اصحابها لم يعودوا يعرفون اين يحفرون لاستعادتها.