تيرانا- جان اود باربييه: بدأ بعض المسلمين في البانيا يعبرون عن استيائهم من نشاط انصار اسلام متشدد في البلاد، مؤكدين ان معظم السكان يؤيدون القيم الليبرالية في مجال الدين التي يدافع عنها الاتحاد الاوروبي.&ومع ذلك لا تبدو مظاهر الاسلام المتشدد وابرزها الحجاب، واضحة في تيرانا.
وقالت مصادر عدة ان حوالى ثلاثة آلاف من الالبان درسوا في السنوات الاخيرة في الجامعات الاسلامية في القاهرة وطرابلس وتركيا ودول الخليج وماليزيا او باكستان قبل ان يعودوا الى البلاد.&وقال احد هذه المصادر ان هذه "الدفعة" من مدرسي الشريعة تغذي في البانيا "قلقا واضحا" حيال ظهور اسلام متشدد.
ويحتل الطلاب السابقون مكانة كبيرة في المدارس والمعاهد لتدريس تعاليم القرآن. وهو يهيمنون ايضا على نشاطات المساجد ومختلف المؤسسات الاجنبية المؤثرة على الشارع، على حد قول ادوين خطيبي احد المسؤولين المحليين للطائفة المسلمة.
وصرح خطيبي ان "هؤلاء الاشخاص عثروا على روح الاسلام ويريدون تعليمه لابناء طائفتهم والآن نستطيع ان نتحدث عن اسلام الباني".&الا ان هذا الرجل الذي يعتبر متشددا ينفي سعيه الى تعريض الطابع العلماني للدولة للخطر او الدعوة الى "وسائل عدوانية" في المجال السياسي.
وتحدث عن شعوره بارتباك حقيقي حيال عنف مسلمين متشددين اسلاميين في البانيا يرفضون الحديث عن ما يوصف بانه عمليات ارهابية ومن بينها اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 التي استهدفت الولايات المتحدة.
وقال خطيبي "انه موضوع محرم. لم تناقش هذه المسالة ولا الاعتداءات ولا القنابل ولا الارهاب. كلها امور تثير خوفا كبيرا وتشكل ثقلا كبيرا على النفوس".&وفي بداية التسعينات، حاول اسلاميون متشددون من الشرق الاوسط الاستقرار في البانيا بعد سقوط النظام الديكتاتوري الشيوعي الذي منع ممارسة الشعائر الدينية، عن طريق عدد كبير من المنظمات.
واستفادت هذه المنظمات من جو سياسي ملائم وخصوصا مع انضمام البانيا الى منظمة المؤتمر الاسلامي في 1992 .&لكن البرلمان الالباني لم يصادق على قرار انضمام البلاد الى المنظمة التي "جمد" التعاون معها اذ ان السلطات الحالية لا تبدي اي رغبة في اقامة علاقات خاصة مع الدول الاسلامية في الشرق الاوسط.
وتتبع السلطات الحالية اتجاها مؤيدا لاوروبا مع التزامها الحذر الكبير حيال الجمعيات الاسلامية التي جاءت من الشرق الاوسط وما زالت ممثلة في البانيا لكن عددها تراجع الى حد كبير (لم يعد يتجاوز حوالى عشر مقابل ثلاثين منذ اقل من خمسة اعوام).
ويلقى هذا الحذر من جانب السلطات الرسمية تأييدا كبيرا لدى السكان الالبان الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة ويشكل المسلمون غالبيتهم (70% مسلمون و30% مسيحيون ارثوذكس وكاثوليك) ويؤكدون انهم "متسامحون" الى حد كبير ويأملون في التقارب مع الاسلام كما تمارسه غالبية المسلمين في اوروبا الغربية.
وقال بيرو ميشا مدير بيت الكتاب والاتصال في تيرانا ان "الاسلام في البانيا لا يشعر بالارتياح بشكل عام للتطرف والتأثيرات الخارجية التي تشكل مصدر انقسامات في المجتمع".&لكنه رأى ان خطر التشدد قائم. وقال "احيانا نكون متساهلين جدا مع المجموعات التي تشكل اقلية وهذا يثير القلق".
واضاف ميشا انه "يعود الى الاتحاد الاوروبي عدم اثارة خيبة امل البانيا احدى الدول الاوروبية الاكثر فقرا، ومساعدتها على مكافحة التخلف الذين لا يمكن الا ان يؤدي الى التطرف الديني".&وتابع "يجب ان نفعل "كل شىء" لمنع تصعيد ما يسميه خطيب "صدمة شكلين من الاسلام" في البانيا.