انقرة- صادق البرلمان التركي امس الخميس على مجموعة من الاصلاحات الديموقراطية الهادفة الى تعزيز محاولات البلاد للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، متجاهلا بذلك مشاعر الانزعاج بين صفوف مسؤولي الجيش البارزين.
وسارعت الحكومة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية الذي له جذور اسلامية بطرح مسودة الاصلاحات في محاولة لنيل رضا قادة الاتحاد الاوروبي الذين بدأوا امس الخميس قمة في اليونان. وتمت المصادقة عليها في عرض نادر للوحدة بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري المعارض. وتنص الاصلاحات بشكل خاص على توسيع حرية التعبير ومنح الحقوق الثقافية للاقلية الكردية في البلاد.
وقال وزير العدل التركي جميل تشيتشيك بعد التصويت "اعتقد انه بهذا القانون فقد اقتربنا خطوة اخرى نحو هدفنا للتحديث (...) وهدفنا في الانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي". وقد سعت الحكومة الى الموافقة على الاجراءات قبيل مغادرة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان اليوم الجمعة الى سالونيكي في اليونان للمشاركة في قمة الاتحاد الاوروبي.
الا ان مجموعة الاصلاحات لم تخل من النقاط المثيرة للجدل فقد اثارت بعض التعديلات حفيظة الجيش المتنفذ بدعوى انها قد تشجع الانفصاليين الاكراد في البلاد والذين تم قمع تمردهم المسلح بهدف الحصول على الحكم الذاتي عام 1999. الا ان الحكومة التي ينظر اليها بعين من الشك من قبل العلمانيين والجيش بسبب جذورها الاسلامية، اصرت على الاصلاحات ومن المقرر ان تتبعها بتغييرات تهدف الى الحد من النفوذ السياسي للجيش التركي مما قد يتسبب في خلق توترات.
وتفتح الاصلاحات التي وافق عليها البرلمان امس الخميس الطريق امام محطات التلفزيون والاذاعة الخاصة والحكومية لبث برامج باللغة الكردية كما تسمح لافراد الاقلية الكبيرة العدد في البلاد الى اطلاق اسماء كردية على اولادهم. كما تنص الاصلاحات على الغاء مادة حول "ترويج الانفصالية" وهي المادة التي كانت تستخدم بشكل واسع لسجن الكتاب والمفكرين الذين ينادون بحقوق الاكراد.
ورغم ان الجيش التركي يؤيد رسميا انضمام البلاد الى عضوية الاتحاد الاوروبي الا ان بعض الجنرالات لا يرغبون في التغيرات على اساس ان المتمردين الاكراد والمتطرفين الاسلاميين قد يستغلونها مما قد يعيق الحرب ضد "الارهاب". وتسمح تغييرات اخرى للمؤسسات غير الاسلامية بشراء العقارات في تركيا كما تخفف القيود على الاعلام خلال الانتخابات وتلغي قانونا يخفف عقوبات السجن على مرتكبي جرائم الشرف.
ولم يوافق المشرعون على اقتراح يسمح للمراقبين الاجانب بمراقبة الانتخابات التركية على اساس ان تركيا قبلت بالفعل المراقبة الدولية بتوقيعها المعاهدات الدولية ذات الصلة.
يذكر ان هذه سادس مجموعة من الاصلاحات تتم الموافقة عليها خلال العام الماضي بهدف مطابقة معايير الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.& الا ان الاتحاد الاوروبي انتقد تركيا مؤخرا لاخفاقها في تطبيق الاصلاحات التي تتبناها وسط مزاعم مستمرة بممارسة التعذيب وانتهاك حقوق الانسان في تركيا.
وقال رئيس البرلمان الاوروبي بات كوكس امس الخميس ان انقرة تسير على الطريق الصحيح الا ان عليها فعل المزيد. ونفى نائب رئيس الوزراء محمد علي شاهين التلميحات بان مثل هذه الخطوات الاصلاحية قد تتسبب في اغضاب الجيش الذي يلعب دورا اساسيا في تحديد سياسة الحكومة من خلال مجلس الامن القومي.
وقال ان الحكومة لا تهدف مطلقا الى خلق مواجهات مع الاجهزة الدستورية "نحن نريد ان تكون لدينا نفس المعايير السياسية كباقي دول الاتحاد الاوروبي والدول المرشحة للانضمام اليه". المعروف ان تركيا المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي منذ عام 1999 هي الدولة الوحيدة بين 13 دول مرشحة لدخول الاتحاد الاوروبي التي لا لم تبدأ بعد محادثات الانضمام مع الاتحاد.
ويقوم زعماء الاتحاد بتقييم تقدم تطبيق الاصلاحات الديمقراطية في تركيا في كانون الاول/ديسمبر 2004 قبل ان يقرروا بدء مفاوضات الانضمام معها.