حيان نيوف من دمشق: مرت الصحافة الأمريكية كما البريطانية في عدة "ثورات" غيرت طابعها ونموذجها وأحيانا قلبتها تماما. عندما اشترى روبرت مردوخ صحيفتين عام 1974 وهما: the Express ، the News، كانت عناوين الصحف لا تشد حتى كتابها ومن بين هذه العناوين "الجيش يتسبب في مقتل 350 جروا" وعناوين أخرى متشابهة ، مما دفع أحد المحررين آنذاك إلى القول بأن "هذه ليست صحافة بل معرض أعمال". وبعدها كانت فضيحة وترجيت، والتي خلقت الثورة الثانية في الصحافة حيث بدأ الصحفيون بتعزيز مواهبهم. وفي عام 1980 ظهر ما يسمى Cable news، وبعدها كانت ثورة الإنترنت وفوضى أو سباق المعلومات والأخبار عبر العالم.
كتاب جديد يعرض لأهم التغيرات في الصحافة وكذلك أبرز الأخطاء. وقد جاء هذا الكتاب على يد صحفيين هما: بيل كوفاك ، و توم روزنتشيل. الأول هو رئيس لجنة صحفية تسمي نفسها Committee of Concerned Journalists، وسبق له أن عمل مع صحيفتين بارزتين هما New York Times and the Atlanta Constitution. والثاني هو رئيس لجنة تسمي نفسها Project for Excellence in Journalism وسبق له أن عمل في: Los Angeles Times and Newsweek. والكتاب الجديد يقع تحت عنوان: The Elements of Journalism: What Newspeople Should Know and the Public Should Expect أو بالعربية: "عناصر الصحافة ماذا يجب على الصحفيين أن يعرفوا والرأي العام أن يتوقع".
ويعرض الكتاب لإحدى الندوات (طاولة مستديرة) عقدت في جامعة هارفارد عام 1997 والتي حضرها 25 صحفيا. وقد تمت مناقشة تدهور الصحافة من بين وسائل الإعلام الأخرى وفقدان الثقة بالصحفيين وربما كراهيتهم من قبل الرأي العام. وقال أحد الحضور، وهو محرر بارز، بأنه الآن في غرفة الأخبار لا يتم الحديث أبدا عن العمل الصحفي. وقال أحد الأكاديميين "بأن المشكلة هي رؤية الصحافة تختفي وسط عالم كبير من الاتصالات وما نتوق لفعله هو إرجاع الصحافة إلى هذا العالم الكبير". ومن هنا تبدأ عناصر الصحافة.
باسترداد الصحافة إلى هذا العالم الكبير من الاتصالات نكون قد طبقنا عناصر الصحافة. ومن هذه العناصر ولاء الصحافة للحقيقة ومن ثم تقديم الأخبار الشاملة والمناسبة. ومع تطبيق هذه العناصر سوف تتضح عيوب ومحاسن الصحافة الأمريكية والبريطانية. ويعرض الكتاب كيف أن الصحافة الأمريكية حافظت على نوع من الهدوء المغلف بدقة متناهية وعقلية صحفية رفيعة ، بينما تميل الصحافة البريطانية إلى القتال وعدم الاحترام و الكتابة القوية.
وفيما يأتي هذا الكتاب، باحثا بكل التفاصيل ، للخروج إلى أفق أرحب للصحافة بحيث تشكل الجزء الرئيس في عالم الاتصالات بعيدا عن عرض الأعمال والأخبار المذمومة، نجد إعلامنا العربي يركب حمارا مخصيا لا يقدر على السير في أي اتجاه وإنما يراوح مكانه، ومن يجد دراسة هنا أو هناك لتطوير هذا الإعلام كأنما عثر على جزيرة الكنز. إن الكتاب يعرض للخروج بالصحافة من العتمة المفروضة عليها بسبب توسع عالم الاتصالات وذلك من خلال كشف أخطائها والتي من أبرزها الابتعاد عن رصد الحقيقة.