نبيل شـرف الدين


أصدر فاروق حسني، وزير الثقافة المصري قراراً بتعيين الدكتور وحيد عبد المجيد، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، للعمل نائباً لرئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والدكتور محمد السيد سعيد نائباً للدكتور جابر عصفور رئيس للمجلس الاعلى للثقافة، والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية أيضاً ضياء رشوان نائباً لرئيس دار الكتب المصرية.
تأتي هذه التعيينات الجديدة، بعد قرار سابق لصفوت الشريف، وزير الإعلام المصري بتعيين د. طه عبد العليم رئيساً للهيئة العامة للاستعلامات، وهي جهاز حكومي ذو طبيعة رقابية يُعنى بعمل المراسلين الأجانب في مصر، ورصد صورة مصر في الخارج.
والملاحظ في هذه السلسلة من التعيينات ما يلي:
* أن جميع المنتدبين أو المعينيين في هذه المواقع هم من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام الصحافية.
* أن تعيينات وزارة الثقافة الأخيرة في مواقع النواب هي تمهيد لاعتلاء المنصب الأعلى، أي رئاسة تلك الهيئات والمجالس.
* أن هذه التغييرات تأتي على حساب الحرس القديم لوزارة الثقافة، الذي احتكر الساحة منذ عقود مضت، وهو ـ أي الحرس القديم ـ جاء من منابع يسارية عادة، ومازالت صلاته مع كافة ألوان الطيف اليساري تتأرجح بين الاحتواء والإفساد، والإقصاء أيضاً.
وبعد "صنع الله شو" الأخير، كان لزاماً على رجل عهد عنه الذكاء والحنكة السياسية في إدارة شؤون الثقافة الحكومية، هو الوزير فاروق حسني، أن يتخذ خطوات "ثورية" من أجل "إحلال وابدال" هذه الوجوه القديمة، بأخرى ممن يجمعون بين صفتي "التكنوقراط"، باعتبارهم يحملون جميعاً درجات أكاديمية وهي إحدى مؤهلات الحرس القديم، لكن الجديد أن هذا الجيل الجديد من "الأهراميين" محسوبون على الشباب، رغم أن بعضهم يقترب من الستين، لكن هذه السن في ما يبدو وسط المشهد السياسي المصري هي "عز الشباب"، إذ أن هناك وزراء في مصر يقتربون من التسعين، والمعدلات العامة لأعمار الساسة تصل إلى الخامسة والستين إلى السبعين، وبالتالي فهؤلاء الخمسينيون من أبناء الأهرام يعدون شباباً قياساً بالمتكلسين الآخرين
* أن هناك من يصف الأمر بأنه تفريغ مركز الدراسات السياسية بالأهرام من معارضين أو لنقل غير متوافقين مع د. عبد المنعم سعيد رئيس المركز، الأمر الذي يقتضي إعادة صياغة المكان، وترتيبه وفق المتغيرات الجديدة، خاصة وأن اسم سعيد بات مطروحاً بشدة للترفيع إلى مناصب أعلى سواء على الصعيد المهني، أو على الصعيد السياسي، وهو الأمر الذي يستوجب ضرورة إطلاق يده لترتيبات جديدة.
* أن هؤلاء القادمين من الأهرام معروفون بأنهم أبناء مخلصون للمؤسسة، المعروفة بالانضباط الشديد في ما يتعلق بآليات العمل، وهو ما فسر بأنه الحاجة الأكثر إلحاحاً الآن في أوساط الثقافة والإعلام المصري، فضلاً عن قدراتهو خبراتهم في التواصل مع المؤسسات الغربية، بحكم انتشارهم الصحافي والإعلامي، من خلال أكثر من منبر داخل مصر وخارجها.
وأخيراً ، فهناك من يتفق معنا على أن جيل الستينيات ما زال هو المسيطر علي حركة الثقافة المصرية بكل أفكاره ونكساته وخيباته القديمة والحديثة وهو ما يظهر واضحا علي أداءات أفراده في مختلف الهيئات والمؤسسات.
وحين يطرح أحدهم سؤالاً عن أسباب انهيار الثقافة المصرية، فإنني ـ شخصياً ـ أحيلهم على جابر عصفور في المجلس الاعلي للثقافة، وسمير سرحان في هيئة الكتاب، فوزي فهمي في أكاديمية الفنون، علي أبو شادي وابراهيم أصلان ومحمد البساطي قبلا في مواقع مختلفة، اسألوا جيل الستينيات في مسارح الدولة، والجامعات، ومؤسسات البحث العلمي، بل أيضا في المؤسسات الاقتصادية والسياسية، في المجلات والصحف حيث يسيطرون علي كل خبر ومقال وموضوع، واسألوا النقاد الذين يرحبون ويهللون لكل ظواهر الادعاء وكتاب العلاقات العامة، اسألوا أي كاتب عظيم من هذا الجيل: لماذا لا تتعطف علينا بخبرتك وعلمك وتقيم ندوة مثلما كان يفعل نجيب محفوظ وغيره من جيل ما قبل تموز (يوليو) 1952.
مئات الاسئلة التي تكفي وتزيد لفتح ملف هذا الجيل الذي لم يفعل سوى أنه أفسد ويفسد الثقافة المصرية وبالتالي العربية،& والتي لن ينتهي مأزقها الحالي الا برحيله.. ولعل العجلة بدأت في الدوران، وإن متأخراً ، لكن أن تصل متأخراً خير من الأ تصل مطلقاً.