عصام البغدادي&
&
&

1_القانون الجديد:
أخيراً أعلن في واشنطن عن توقيع الرئيس الاميركي قانون انتاج الجيل الجديد من الاسلحة النووية وبموجب هذا القانون يسمح بتحريك ملايين الدولارات لاجراء ابحاث مخصصة لانتاج جيل جديد من الاسلحة النووية واختبارها في موقع التجارب النووية في نيفادا وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان النص الجديد سيسمح بتحريك اموال لوزارة الطاقة من اجل برامجها النووية وبين الاجراءات التي وردت في القانون تخصيص مبلغ 5،7 مليون دولار لدراسة جدوى تطوير قنابل نووية مضادة للملاجىء المحصنة تحت الارض قادرة على تدمير مراكز القيادة ومستودعات الاسلحة وخصصت ستة ملايين دولار اضافية لدراسة اسلحة نووية يمكن استخدامها في ضربات بالغة الدقة. وينص القانون ايضا على تخصيص 9،24 مليون دولار لتسريع الاعمال في موقع التجارب النووية في نيفادا وجعله اكثر قدرة على استيعاب التجارب النووية خلال 24 شهرا بعد قرار يصدره البيت الابيض في هذا الشأن من جهته، قرر الكونغرس ان يخصص 3،6 مليار دولار لبرامج الاسلحة النووية خلال السنة المالية 2004، بزيادة تبلغ 303 ملايين دولار عن العام الماضي ولكن اقل بـ(94) مليون دولار من المبلغ الذي طلبه بوش.
وهذا ما يؤكد خطوات السياسة الاميركية الرامية على الانفراد بامتلاك الاجيال الجديدة من الاسلحة النووية سواءاً الاستراتيجية أو التكتكية ووفقا لمقتضى رغبتها بالكيفية التى ستعالج فيها مشاكل التحدى التى تتوقع مواجهتها خلال الحقب القادمة سيما بعد ان قيدت او تسعى لتقييد الدول باتفاقيات انتاج ومنع انتشار الاسلحة دون ان تسمح بنزع اسلحتها أو وقف تجاربها المستمرة او من خلال المعاهدات الاقتصادية المشروطة التى تحاول فيها تكبيل استقلالية قرار تلك الدول.
لاشك ان العالم كله لا يرغب ببقاء الترسانات النووية اينما كانت وهذا الشعور ليس وليد اللحظات التى اعقبت قصف هيروشيما وناجازاكي فب اب 1945 أنما نما مع المتغيرات التى حدثت في الاربعين عاماً اللاحقة سيما بعد ان كادت الحرب النووية ان تنشب بين اميركا والاتحاد السوفياتي عام 1962 في قمة الازمة الكوبية.
لكن الولايات المتحدة كما يبدو ليست مستعدة لاحترام مشاعر ورغبة الشعوب قاطبة على الارض وانها مثل من يحمل بيده وردة بيضاء ليقدمها للاخرين في الوقت الذى يخبأ خلف ظهره سكين القتل للانقضاض بها على من سيختاره ليكون ضحيته.
2_مراجعة لما جاء في حديث رايس في الثلاثين من شهر اكتوبر الماضى بصدد الاسلحة النووية:
&في المركز القانوني القومي للمصلحة العامة في فندق والدورف أستوريا في مدينة نيويورك، (ولاية) نيويورك في الثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي:
&قالت مستشارة الأمن القومي، كوندوليزا رايس:- إن المجمتع الدولي، بزعامة الولايات المتحدة، قد بدأ في النجاح بصد تهديد الإرهاب الخطير لجميع الدول، وفي التوصل إلى إجماع دبلوماسي على احتواء انتشار الأسلحة النووية. وأضافت رايس، التي كانت تتحدث في المركز القانوني القومي للمصلحة العامة في مدينة نيويورك، أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي "آخذان في نقل المعركة إلى العدو. وقد أخذنا أخيراً في صدّ وتقليص التهديد الإرهابي للحضارة، لا في مناطق نفوذه الثانوية، وإنما في مركز قوته."
وجادلت رايس بأن الرئيس بوش اختار مواجهة صدام حسين في العراق بدل السماح له "بتحدي العالم، وبالتربّع، في قلب منطقة الشرق الأوسط، على رأس ما يمكن أن يشكل ترسانة فتاكة من الأسلحة الرهيبة، مهدداً جيرانه."
وأشارت رايس إلى أن الولايات المتحدة دأبت على العمل بصبر في أماكن أخرى من العالم لتحقيق إجماع دولي على ضرورة منع إيران من الحصول على أسلحة نووية؛ ولتشكيل تحالف من الدول المعارضة لو جود أسلحة نووية في شبه الجزيرة الكورية. وخلصت إلى القول بهذا الشأن: "يعرف الكوريون الشماليون أن سياسة فرّق تسُد لم تعد خياراً مطروحاً (بالنسبة لهم) بعد الآن."**
كما أشارت إلى مبادرة أمن انتشار الأسلحة النووية، وهي المبادرة التي وافقت بموجبها، الولايات المتحدة وعشر دول أخرى على بيان مبادئ لقطع خطوط نقل (تلك الأسلحة وما يستخدم في صنعها) يتساوق مع القانون الدولي، وعلى أن تلك الدول "تعكف حالياً على تطوير قدرتها على تفتيش الطائرات والسفن والقطارات والشاحنات التي تحمل حمولة مشكوكاً في أمرها، وعلى مصادرة الأسلحة والمعدات التي تثير قلقاً إزاء انتشار الأسلحة النووية".
وتتحدث كونزاليس عن سبل منع انتشار الاسلحة النووية وتغض النظر كلياً عن موضوع انتاجها والاستمرار بتطويرها فتقول:
"ونحن ندرك أيضاً، أثناء تقدمنا في برنامج عمل واسع بشأن حظر الانتشار النووي، أنه لا يمكن دوماً إيقاف ناشري الأسلحة النووية المصممين على ذلك بالدبلوماسية وحدها. إلا أنه من المم كن إيقافهم. ومن خلال مبادرة أمن الانتشار النووي، وافقت الولايات المتحدة وعشرة شركاء عالميين أخيراً على بيان مبادئ لقطع خطوط نقل (تلك الأسلحة وما يستخدم في صنعها) يتساوق مع القانون الدولي، وهي تعكف حالياً على تطوير قدرة على تفتيش الطائرات والسفن والقطارات والشاحنات التي تحمل حمولة مشكوكاً في أمرها، وعلى مصادرة الأسلحة والمعدات التي تثير قلقاً إزاء انتشار الأسلحة (النووية). وسيتم قريباً توسيع هذه المبادرة لتضم أعضاء جدداً من مختلف أنحاء العالم".
لقد عبرت رايس بوضوح عن النهج العام لسياسة الولايات المتحدة الخارجية بالرغبة في السيطرة على العالم وتكبيل الدول المعارضة لسياستها تحت ذريعة التخلص من اسلحة الدمار الشامل او منع انتشارها او وقف التهديد باستخدامها.
3_ماقاله الكاتب والمفكر نعوم تشومسكي على الجانب الاخر:
وفي اخر لقاء اجراه سيمون مارس مندوب القناة التلفزيونية الاقتصادية لتلفزبون دبى في 3 كانون الاول/ديسمبر مع الكاتب والمفكر نعوم تشومسكي تشومسكيNoam Chomsky البرفسور في معهد ماسوشيست للتكنولوجيا جاء فيه تاكيداً على ماجاء بحديثه في منتدى امستردام الاذاعي الحواري حيث أجاب البرفسور نعوم الذي وصفته صحيفة «نيويورك تايمز» بانه ربما كان اهم مثقف على قيد الحياة، رداً على سؤال وجه له: هل يمكن للولايات المتحدة والرئيس بوش المضي بالعالم الى حرب نووية بسياستهما الخاصة بالهجمات الاستباقية؟ فكان رده:
ـ بلا ريب، لكن قبل اي شيء لابد من الحديث بشكل واضح، فالامر لا يتعلق بسياسة هجمات استباقية حيث ان هذه الاستباقية في هذا السياق لها معنى في القانون الدولي، ان هجوما استباقيا هو ذلك العمل الذي يتم اللجوء اليه في حالة التهديد الداهم، على سبيل المثال، اذا كانت هناك طائرات تحلق فوق المحيط الاطلسي لقصف نيويورك.
فسيكون امرا مشروعا ان تقوم القوات الجوية للولايات المتحدة بإسقاطها، وهذا يمكن ان يشكل هجوما استباقيا يسمى احيانا حربا وقائية اما المسألة التي نحن بصددها فهي تتعلق بعقيدة جديدة اعلن عنها في اطار استراتيجية الامن القومي الاميركي التي تنادي صراحة بحق الهجوم امام اي تحد كامن للسيطرة العالمية للولايات المتحدة،حيث من الواضح ان القوة الكامنة لهذه السياسة هي ذاتية وتعطي بذلك عمليا اذنا بمهاجمة اي احد على الاطلاق، وهل يمكن لهذا ان يؤدي بنا الي حرب نووية؟ نعم، بلا ادنى شك.
ـ هل هذا يعني اننا نمر بوضع اكثر خطورة الان مع هذه العقيدة العسكرية الاستباقية.؟
ـ هذا من نافل القول، فعقيدة الحرب الاستباقية عمليا دعوة لان تطور الاهداف الممكنة نوعا من القوة الرادعة، حيث لايوجد سوى نوعين من القوى الرادعة، واحدة هي اسلحة الدمار الشامل والثانية هي «الارهاب» على مستوى كبير، ولقد اشار الى هذا الجانب مرارا وتكرارا المحللون الاستراتيجيون والاجهزة الاستخبارية.. الخ، وطبعا يزداد خطر خروج شيء ما عن السيطرة.
ــ لا اعتقد ان الولايات المتحدة تريد السيطرة على العالم ولكن يامستر تشومسكي لابد لاحد من وضع حد للدول المارقة والولايات المتحدة وحدها لديها القدرة على فعل ذلك، وبدون «شرطة العالم» تلك، يمكن للعالم ان يتفكك الى زمر متحاربة، وهناك عدة امثلة في التاريخ، كيف يبدو هذا النوع من التأكيد؟
ــ الجملة الاولى ليست صحيحة عمليا، ذلك ان استراتيجية الأمن القومي تعلن بشكل واضح للغاية ان الولايات المتحدة تنوي السيطرة على العالم بالقوة، التي هي البعد الذي تمارس من خلاله القيادة العليا والتأكد من انه لن يظهر ابدا اي تحد لتلك السيطرة.
وهذا لم يتم فقط الاعلان عنه بشكل واضح، بل انه ذكر مرارا وتكرارا ايضا في صفوف النخبة القائدة، وكانت مجلة «فوريغن افيرز» قد حذرت من ان الولايات المتحدة اعلنت حقها بالسيطرة على العالم، حسب ما تقتضيه مصالحها، من الممكن ان الشخص الذي طرح هذا السؤال يعتقد ان الولايات المتحدة لديها بعض الحق الاستثنائي لقيادة العالم بالقوة.
اما انا فلا اعتقد ذلك وعلى عكس ما قيل فإنني لا اعتقد ان التاريخ يؤكد ذلك لا من قريب ولا من بعيد. وعملياً فإن الملف التاريخي الاميركي، المدعوم من استراليا، ومنذ فترة سيطرته على العالم في سنوات الاربعينيات هو ملف تاريخي حافل بالحث على الحرب والعنف والارهاب على مستويات معتبرة للغاية، فلقد كانت حرب الهند الصينية على سبيل المثال التي شاركت فيها استراليا حرباً عدوانية من حيث المبدأ. الولايات المتحدة هاجمت فيتنام عام 1962. وامتدت الحرب لاحقاً الى الهند الصينية وكانت النتيجة النهائية موت عدة ملايين من الاشخاص وتدمير تلك البلدان وهذا مجرد مثال واحد ليس الا.
4_ ماقاله فيل برينان من المجلة الإلكترونية نيوز ماكس أيار 2003 عن مخططات وكالة المخابرات المركزية الاميركية:
ازدادت أخير التحليلات التي تتحدث عن فشل المخابرات المركزية الأميركية في العثور على أسلحة دمار شامل أو في إثبات وجودها في العراق قبل احتلاله وبعده، والحقيقة أن السي أي أي لم تفشل في مهمتها الجوهرية وهدفها لأنها كانت تعرف جيداً بعدم وجود أسلحة كهذه. لكنها كانت معنية في الوقت نفسه بإقناع العالم والرأي العالم الأميركي والحليف بوجودها لكي تخدم هدف الرئيس بوش وسياسة تبرير احتلال العراق التي تبناها. وقد تجلى الدور الآخر الذي لعبته السي أي أي في مجال تسهيل مهمة قوات الغزو الأميركية ومساعدتها في إحكام السيطرة على أهم مراكز القوة في العراق بالسرعة الممكنة عن طريق عملائها واتصالاتها. ومن بينهم عدد مهم من قادة الجيش والنظام في العراق قبيل وأثناء الغزوالعسكري وإغرائهم بالاستسلام. ولم يكن استخدام القوة العسكرية المفرطة ونوعها وانتشارها على أكبر مساحة محيطة بالعراق يعود إلى تقديرات أميركية باحتمالات وقوع معارك طويلة وشرسة بقدر ما كان يعود إلى استعراض القوة الأميركية أمام دول العالم وانتشارها في العراق لصالح مخطط يتجاوز العراق والمنطقة أيضا. وكان فيل برينان من المجلة الإلكترونية نيوز ماكس أيار 2003 قد ألقى ضوءاً على دور السي أي أي المهم والمؤثر في اختصار المجابهة العسكرية العراقية الأميركية إلى عدة أسابيع ودون خسائر بشرية كبيرة من الجانب الأميركي. يقول برينان: ولم يكن الانهيار غير المتوقع والسريع لنظام صدام وجيشه نتيجة للحظ الذي حالف واشنطن أو للقوة العسكرية البشرية الضخمة التي عرضتها على ساحة المعركة قدر ما كان معظم أسبابه نتيجة للدور الذي نفذته السي أي أي واتصالاتها عبر أجهزة الهواتف الخليوية مع عملاء قاموا بدورهم بإقناع وإغراء العديد من قادة الجيش العراقي بالإستسلام مقابل فوائد شخصية كثيرة لهم ولعائلاتهم. وقد تضمن المخطط العسكري لغزو العراق إرسال عدد من العملاء العراقيين ممن ربطتهم صلات واتصالات مع بعض قادة الجيش والنظام إلى بغداد، مجهزين بهواتف خليوية للقيام بمهام كثيرة منها القيام بهذه المهمة أيضا. ويشير برينان إلى صحة الأنباء التي نشرتها إحدى الصحف اللبنانية التي استندت إلى مصادر موثقة حول هذا الدور وتفاصيله ونتائجه.
5_موقف الصين من قضبة الانفراد بالمجال والامكانية النووية:
اكدت في الكتاب الابيض لحكومتها الاربعاء ضرورة التخلي عن النزعة الانفرادية في التحرك وسياسة "الكيل بمكيالين"، مشددة على اهمية دور الامم المتحدة في مجال مراقبة انتشار اسلحة الدمار الشامل. ودعا النص الرسمي الذي صدر بعنوان "سياسة الصين واجراءاتها لمنع الانتشار" الى "وجوب التخلي عن النزعة الانفرادية وسياسة الكيل بمكيالين وضرورة تعليق اهمية كبيرة على دور الامم المتحدة التي ينبغي ان تتمكن من لعب دورها كاملا".
وايدت الصين اعتماد آلية دولية فاعلة لمكافحة انتشار اسلحة الدمار الشامل بدون ان تذكر ما اذا كانت تعتزم الانضمام الى المبادرة الامنية الاميركية لمكافحة انتشار هذه الاسلحة. وافاد الكتاب الابيض ان "الصين تؤكد ان مشاركة الاسرة الدولية ضرورية لتحقيق تقدم في منع انتشار" اسلحة الدمار الشامل. ونشر هذا الكتاب الابيض قبل بضعة ايام من قيام رئيس الوزراء الصيني وين جياباو بزيارة الى الولايات المتحدة وفي وقت انضمت 15 دولة الى المبادرة الامنية الاميركية.

[email protected]
** أشارة الى جبهة الدول الخمسة الضاغطة على كوريا الشمالية وهذه الدول هي (الصين، روسيا،اليابان، كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة) التى قامت تحت ضغط دبلوماسي امريكي في محاولة لعزل كوريا.