"ايلاف"&موسكو : وسط أنباء الفوز الساحق الذي حصل عليه حزب السلطة خلال انتخابات مجلس الدوما، وعلى خلفية المخاوف المتفاقمة من حصول الحزب الليبرالي الديمقراطي على نسبة كبيرة، وكذلك صعود نجم "اتحاد القوى الوطينية-الشعبية" المسمى بتكتل "رودينا"، وانهيار الجناح اليميني سواء بالنسبة "لاتحاد القوى اليمينية" أو "يابلكو" اللذين يكافحان حتى الآن من اجل تجاوز النسبة المقررة لدخول مجلس الدوما، لا تزال الدوائر اليمينية وممثلي الأوساط والجمعيات اليهودية في روسيا تردد جملة من الهواجس التي تلقى صدى واسعا في الغرب ووسائل الإعلام الموالية لطواغيت المال في روسيا.
على خلفية كل هذه الأحداث، وعقب إدلائه بصوته في الانتخابات، ناشد حاخام روسيا الأكبر بيرل لازار اليهود المقيمين في روسيا بضرورة المشاركة في الانتخابات معتبرا أن "إدلاء كل يهودي بصوته في هذه الانتخابات أمر في غاية الأهمية". وفي رسالة ذات مغزى قال لازار: "كل صوت يمتلك أهميته الخاصة. ومن غير المسموح به إهمال الصوت اليهودي في روسيا أو عدم أخذه بعين الاعتبار". وأكد حاخام روسيا ألأكبر بأن "الجالية اليهودية" في روسيا تشارك دوما بنشاط كبير في الانتخابات، وبذلك تبذل تأثيرا ملموسا على المجتمع ككل".
وأوضح بيرل لازار معنى تصريحاته بقوله: "هذا الأمر في غاية الأهمية وبشكل مضاعف، إذ إن هناك أحزاب تستخدم الشعارات المعادية للسامية، وترغب في إعادة روسيا إلى تلك الأزمنة التي، ولحسن الحظ، قد ولت". وأعرب لازار عن أمله بأن تفشل الأحزاب التي ترفع شعارات معادية للسامية صراحة في دخول مجلس الدوما". وقال حاخام روسيا الأكبر أيضا إنه "يتوقع بأن يتم تعزيز الاستقرار فى روسيا بعد انتخابات مجلس الدوما، وأن يتم الاستمرار على نفس الخط السياسي القائم، إذ أن الحياة أصبحت أفضل في السنوات الأخيرة، وصار الناس أكثر ثقة بأنفسهم".
وفي تعليقهم على هذه الرسالة، رأى الكثيرون من المراقبين أن حاخام روسيا الأكبر يعيش كما لو كان في دولة أخرى غير روسيا، أو إنه يغلق عينيه عن الأوضاع الاقتصادية المتردية للغالبية العظمى التي تصل نسبتها إلى 80% من الشعب الروسي (أكثر من 110 مليون مواطن). وأعربت الكثير من الدوائر الروسية عن دهشتها من الرسائل المتوالية التي يبعث بها الحاخام في شكل تصريحات، وفي الوقت نفسه يتجاهل تماما توجيه أي رسائل إلى الـ 17 شخصا الذين يتحكمون في ثروة روسيا وغالبتهم، إن لم يكن كلهم من اليهود.
بهذا الصدد أيضا كان بيرل لازار قد استغل احتفال مجموعة من الدوائر اليهودية في روسيا بالاحتفال بيوم ما يسمي بـ "الاضطهاد السياسي" ووجه رسالة في 30 أكتوبر من هذا العام إبان اشتعال الأحداث الخاصة بشركة "يوكوس" النفطية والقبض على رئيسها الملياردير اليهودي-الروسي ميخائيل خودوركوفسكي. وفي مقدمة رسالته-تصريحاته-ناشد بعدم السماح بتكرار عصر "الاضطهاد السياسي في روسيا". وأضاف: "في هذا اليوم نشعر بالحزن والأسى لكل من أعدموا رميا بالرصاص بدون ذنب، اليهود وغير اليهود، وكل من تعرض للاضطهاد بسبب معتقداته الدينية أو السياسية". وذكر لازار بأنه، ومع الأسف، لا يمكن استعادة ما تم القضاء عليه، حتى بعد أن تم رد الاعتبار لبعض الناس، ولا يمكن إعادة الحياة لأولئك الناس الذين تم إبادتهم وشطبهم من الوجود". ورأى بيرل لاازار أنه "في الوقت الذي يجري فيه بناء روسيا الجديدة، ندرك لتونا مدى بطولة أولئك الناس". وناشد محذرا "يجب علينا جميعا أن نكون في غاية الحذر لكي لا تتكرر مثل هذه المأساة، وعلينا أيضا أن نمتلك القوة لتقدير تلك الإمكانية التي لدينا اليوم في روسيا الديمقراطية".
تلك التصريحات-الرسالة-أدلي بها لازار إبان استعار الحملة التي شنتها الولايات المتحدة والعديد من الدول ألأوروبية على روسيا عندما قامت السلطات القضائية بالقبض على خودوركوفسكي. وفيما أعلنت الأوساط اليهودية في روسيا عموما، ودوائر رجال الأعمال اليهود خاصة، ترحيبها بمثل تلك التصريحات، أظهرت الكثير من الأوساط الروسية امتعاضها من الرسائل التي لا يكف حاخام روسيا توجيهها إما بهدف تغيير مجرى السياسة الخارجية الروسية نحو إسرائيل والولايات المتحدة، أو التدخل السافر في عمل السلطات القضائية والقانونية ملوحا على الدوام بتهمة معاداة السامية.